منذ هيمنة الجنرال عبد الفتاح السيسي، على الحكم، بعد انقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي، أصدر مجموعة من التشريعات والقوانين، حيث جمع في يديه سلطتي التنفيذ والتشريع، في غياب أي مجالس نيابية أو برلمانية، وكان من أبرز قرارات وإجراءات السيسي شيئين هما:
أولهما إصدار قرارات بإنشاء عدد كبير من الحسابات والصناديق الخاصة، من أبرزها صندوق ” تحيا مصر ” ، الذى تجمعت فيه عشرات المليارات من الجنيهات فى صورة تبرعات من الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين، وذلك خارج نطاق المالية العامة، وخارج نطاق الرقابة المالية والشعبية، سواء من حيث حجم الأموال التي جرى جمعها، أو أوجه التصرف فيها، بما يمثل استمرارا للسياسات الضارة والفاسدة التى ظلت السمة المميزة للعقود الأربعة السابقة على ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011.

وتركزت عشرات المليارات من الجنيهات ومن العملات الأجنبية ، لدى عدد كبير من الصناديق التابعة لبعض الوزارات فى النظام السياسى والإداري.
ثاني هذه القرارات: إصدار مراسيم بقوانين تجاوز عددها أربعمائة قرار بقانون ، خلال الفترة التى جمع فيها السيسي بين سلطتى التنفيذ والتشريع، وشملت القوانين كافة جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والإدارية، مثل قوانين الاستثمار، والخدمة المدنية ، والمناقصات والمزايدات ، وقانون التصالح مع رموز وقيادات نظام المخلوع حسنى مبارك ، وغيرها .
وكان من أهمها القرار بقانون رقم (57) لسنة 2016 ، والصادر فى 8 فبراير ، أى قبل انعقاد أولى جلسات برلمان العسكر، بأقل من شهر واحد، وتضمن القانون ثلاثة مواد فقط ، تعد من أخطر المواد الكاشفة عن جوهر وعمق الفساد الذى يرعاه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
نصت المادة الأولى من القانون على اعتبار الأراضى الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس، البالغ مساحتها 166645 فدانا شرق الطريق الدائرى الإقليمى (17571 فدانا ) غرب الطريق الدائري الإقليمي لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ، من مناطق اقامة المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا لأحكام القانونيين رقمى (59) لسنة 1979 و (7) لسنة 1991 ).
كما نصت المادة الثانية من القانون على تأسيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ، وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة شركة مساهمة مصرية تتولى تخطيط وإنشاء وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى، وتكون قيمة الأرض المشار إليها فى المادة السابقة من حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى رأسمالها بعد تقدير قيمتها بالاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
من جانبه علق الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق فى بحث نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” على هذين المادتين، أن مساحة الأرض المخصصة للعاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى بلغت 166645 فدانا ، أي ما يعادل 700 مليون متر مربع.
وأضاف : إذا قدرنا أن المساحة المحصصة للمبانى والمنشٱت والفيلات والقصور والوحدات السكنية والعقارية تعادل ربع هذه المساحة فقط ، والباقى عبارة عن طرق وحدائق ومنافع عامة ، يكون لدينا حوالى 175 مليون متر مربع.

وتابع: “فإذا قدرنا أن سعر بيع متر الأراضى فى العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمرانى ألف جنيه فقط لا غير ، يكون لدينا حوالى 175 مليار جنيه”.
وقال إنه ذا كان القرار قد نص على أن تكون هذه المساحات هى بمثابة حصة جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة فى الشركة المساهمة، فأن النتيجة هى أن أراضى الدولة بقيمة 175 مليار جنيه على الأقل قد دخلت فى رأسمال شركة، سوف تقوم هذه الشركة بتقسيم الأراضى وبيعها، والتخطيط والبناء فى العاصمة الإدارية وتجمع الشيخ محمد بن زايد، وتحقيق إيرادات وأرباح ، ستكون من نصيب جهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة وجهاز الخدمة الوطنية دون أن يدخل منها جنيه واحد فى الخزانة العامة للدولة المصرية، وأنما فى حسابات وصناديق هذه الجهات التابعة للقوات المسلحة ، وهذا فساد مروع وغير مسبوق .