بعد أن منيت ميليشياته بهزائم عسكرية مدوية في العاصمة طرابلس، وتحرير قوات حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليًّا مدينة "غريان"، برر اللواء المتقاعد خليفة حفتر هزائمه بالهجوم على تركيا؛ باعتبارها من يدعم حكومة الوفاق بالسلاح لمواجهة غزوه وأطماعه في السلطة.
ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تهديدات حفتر باستهداف مصالح تركيا ورعاياها في ليبيا التي وردت الجمعة على لسان متحدث باسمه، وقال الرئيس التركي خلال مؤتمر صحفي عقده السبت على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، بالقول: إن بلاده "ستتخذ التدابير اللازمة" إذا صدرت أي خطوات عدائية في ليبيا ضدها من قوات حفتر.
وأضاف: "ليس لي علم بأي أمر أصدره شخص ما. إذا أصدر حفتر مثل هذا الأمر، فسنقيم ذلك.. كثير من أصدقائنا ذوي الصلة بهذا الأمر موجودون هنا الآن. لقد اتخذنا بالفعل الاحتياطات اللازمة بشأن هذه المسألة على أي حال. من الآن فصاعدا سنتخذ الاحتياطات بطريقة مختلفة أيضا".
وكان أحمد المسماري الناطق باسم مليشيات حفتر قال في مؤتمر صحفي عقب هزيمة قوات حفتر في مدينة غريان (100 كيلومتر جنوب طرابلس): إن أوامر صدرت لاستهداف السفن والطائرات التركية في غرب ليبيا وشرقها. وأضاف أن الشركات والمشروعات والمقار التركية تعد أهدافا مشروعة، فضلا عن وقف الرحلات الجوية بين ليبيا وتركيا، واعتقال أي مواطن تركي موجود على الأراضي الليبية، وبرر المتحدث العسكري هذه الإجراءات بما قال إنه "عدوان تركي" تسبب في سقوط غريان بيد قوات حكومة الوفاق.
وفي شرق ليبيا الخاضع لحفتر جرى منذ الخميس تعليق الرحلات الجوية من بنغازي إلى تركيا، بحسب شبكة الجزيرة، بينما في الغرب الليبي تواصلت الرحلات الجوية بين تركيا ومدينتي مصراتة وطرابلس كالمعتاد. وقد أعلن مطار بنينا في مدينة بنغازي عن إلغاء جميع رحلات الذهاب والعودة إلى تركيا، ودعا المسافرين الذين اشتروا تذاكر لإسطنبول إلى مراجعة مكاتب الحجز لاسترجاع 75% من قيمة الحجز.وطالبت إدارة المطار المسافرين الموجودين في إسطنبول الذين سافروا عبره بإلغاء الحجز عبر خط إسطنبول بنغازي واستبدال ذلك بالعودة عبر خط إسطنبول دمشق بنغازي.

وفي السياق، شنت الأجهزة الأمنية الموالية لحفتر بشرق ليبيا بحملة استهدفت إغلاق المطاعم والمحال التجارية التي تحمل أسماء تركية.
ومن جانبه، اعتبر المجلس الرئاسي الليبي التهديدات التي أطلقها المسماري ضد المصالح التركية دعوة للقتل والكراهية وتحريضًا على القتل على الهوية، مؤكدا أنها ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما ندد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بتلك التهديدات، وقال إنها محاولة لتبرير هزيمة قواته في مدينة غريان، وذرائع إضافية لتدخل الدول التي تسانده.
ونفت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق ما وصفتها بالشائعات بشأن وجود عسكريين أجانب من الجنسية التركية داخل الأراضي الخاضعة لسلطتها.وأكدت الوزارة في بيان أن هذه الشائعات تأتي ضمن خطة لتضليل الرأي العام وتشويه المجهودات التي تبذلها قوات الجيش الليبي في الدفاع عن العاصمة طرابلس وحماية المسار الديمقراطي.وطمأنت الوزارة الرعايا الأجانب بمن فيهم الأتراك العاملون داخل ليبيا في الشركات والمؤسسات بأنها ستضمن سلامتهم.
وعلى المستوى الميداني، وبعد أيام من استعادتها مدينة غريان، خاضت قوات حكومة الوفاق الوطني السبت معارك عنيفة ودامية في عدد من المحاور جنوب طرابلس. وقالت مصادر من قوات الوفاق إنها سيطرت على منطقة الكسارات التي تقع قبل منطقة السبيعة في المحور الغربي.
وفي محاور القتال الوسطى، حاولت قوات الوفاق التوغل في محور وادي الربيع، إلا أنها جوبهت بمقاومة عنيفة من قوات حفتر.

وأكدت مصادر إعلامية مقتل 23 من مقاتلي الجيش التابع لحكومة الوفاق معظمهم من مدينة مصراتة، بينما تحدث ناشطون عن مقتل أكثر من 30 من مسلحي حفتر جرى نقل أغلبهم إلى مستشفى مدينة ترهونة التي تشارك قوات منها في الهجوم المستمر على طرابلس منذ الرابع من أبريل الماضي.
وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق محمد قنونو في مؤتمر صحفي بغريان أن قواتهم استولت على 70 عربة عسكرية، وأسرت 150 من مسلحي حفتر.
ونشرت مواقع ليبية صورا لمن قيل إنهم من ميليشيات الجنجويد السودانية كانوا يقاتلون في صفوف قوات حفتر بغريان. وقد نفت حكومة الوفاق اتهام المتحدث باسم حفتر لقواتها بتصفية أسرى في غريان، وكانت وسائل إعلام مؤيدة للوفاق نشرت صورا لجرحى من مسلحي حفتر يتلقون العلاج بالمدينة.
وتسبّبت المعارك في طرابلس ومحيطها منذ اندلاعها في الرابع من أبريل 2019م، بسقوط 739 قتيلاً على الأقل وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح، فيما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجريك، الجمعة، ارتفاع أعداد الفارين من منازلهم جراء القتال في طرابلس وضواحيها، منذ إبريل الماضي، إلى 105 آلاف شخص.