أعلن وسيط الاتحاد الإفريقي في السودان محمد الحسن ليبات توصل المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاق نهائي بشأن الوثيقة الدستورية لتسيير المرحلة الانتقالية ومن المنتظر أن تنهي اللجنة الفنية صياغة الاتفاق يوم السبت تمهيدا لتوقيعه بالأحرف الأولى خلال 48 ساعة.
قناة الجزيرة ناقشت عبر برنامج "ما وراء الخبر" أبرز التحديات التي تواجه الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على إدارة المرحلة الانتقالية في السودان وما مدى قدرة الطرفين على تجاوز هذه التحديات وعلى العبور بالبلاد إلى مرحلة الحكومة المدنية المنتخبة.
وبعد أكثر من 110 أيام وبعد ما يقرب من 8 أشهر منذ اندلاع الاحتجاجات التي لم تتوقف في السودان، أعلن عن اتفاق لإدارة المرحلة الانتقالية، الاتفاق الذي تم بوساطة إفريقية جاء بعد الكثير من الأوقات الصعبة بين طرفي التفاوض المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير ورغم مظاهر الفرح التي شهدتها شوارع السودان بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق إلا أن شعور بخطورة التحديات التي تواجه التنفيذ طغى على فرح الكثيرين وعلى ابتهاجهم للتوصل إليه.
وحق للسودانيين أن يفرحوا بتحقيق هدفهم الأكبر مدنية الحكم فمن أجله تظاهروا واكتسحوا الشوارع وأصيبوا وقتلوا .
الاتفاق تم ولم يبق سوى التوقيع وفيه غلبة للمدنية على العسكرة فقد تم تقريبا تبني مقاربة قوى الحرية والتغيير للمرحلة الانتقالية بل وتمت الموافقة على اضطلاعهم بقيادة تلك المرحلة فعليا فهي من سيشكل مجلس الوزراء الذي سيتمتع بصلاحيات كاملة كما أنها هي التي تحتفظ عمليا بالأغلبية في المجلس السيادي إضافة إلى احتفاظها بثلثي عضوية المجلس التشريعي بينما سيتم اختيار الثلث المتبقي وفقا لشروطها أي من خارج قوى وأحزاب النظام السابق.
فثمة ما هو رمزي وبالغ الأهمية، فلا قوات دعم سريع بقانون خاص بعد اليوم فقد نصت الوثيقة الدستورية على أن تتبع هذه القوات للقائد العام للجيش تحت إشراف المجلس السيادي. أما جهاز المخابرات فسيكون تحت إشراف مجلسي السيادة والوزراء فماذا تبقى بعد ولم يلبى من شروط قوى الحرية والتغيير الأساسية.
في رأي الكثيرين فإن ما تم يعد إضافة فارقة جاءت بعد تضحيات بذلت ودماء غزيرة سفكت كان آخرها دم طلاب الثانوية في الأبيض وقد توج ذلك أخيرا باتفاق يرى فيه المتفائلون فرصة لتغيير وجه البلاد وإعادتها إلى الطريق الصحيح السلطة للشعب والعسكر إلى ثكناته.
إلا أن الأمر في نظر آخرين ليس بهذه البساطة فالاتفاق الذي قادت إلى الكثير من تفاهماته أكراهات الواقع وضروريات السياسة سيواجه تحديات ستختبر نوايا موقعيه وقدرتهم على تجاوز امتحان التفاصيل فهناك وفقا للاتفاق امتحان لجنة التحقيق الوشيك في أحداث العنف التي صبغت الفترة الماضية وعلى رأسها مجزرة فض الاعتصام وهناك أيضا تحدي التوافق مع الحركات المسلحة وتحدي إعادة هيكلة القوات النظامية وأجهزتها التي تعددت تضخمت أثناء حكم البشير.
على أن بعض المؤشرات الإيجابية تلوح بنظر الكثيرين في خضم هذه التحديات، لعل أهمها الاستجابة السلسة من قبل أعضاء المجلس العسكري لشروط مفاوضيهم في المرحلة الأخيرة وعلى رأس هؤلاء نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دجلو "حمدتي"، كان بحسب الكثيرين يستطيع التعطيل أو التخريب إن أراد وكونه لم يفعل فيعني أنه غلب براجماتيته على رغبته في السلطة كما يرى البعض فالرجل فيما يبدو تسيس ويغادر موقعه القديم ربما يسعى لدور أكبر استنادا إلى كونه لم يعطل ولم يخرب وقد يكون مرشح البعض ورجلهم في مقبل الأيام وذلك ما لا يرفضه كثيرون ما دامت السلطة قد أعيدت لأصحابها الشعب وما يريد.