شاهد| هل ينفذ أردوغان تهديده بعملية عسكرية شرق الفرات؟

- ‎فيعربي ودولي

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن أنَّ بلاده بصدد إطلاق عملية عسكرية شرق الفرات في سوريا، بعد أن سئِمت من المماطلة وإضاعة الوقت بخصوص الوضع هناك.

من جانبها، هددت ما تعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” بتحويل أي عملية تركية إلى حرب شاملة على الحدود السورية التركية .

فما الذي اضطر أردوغان للذهاب منفردًا إلى شرق الفرات في سوريا؟ وما تفسير التردد الأمريكي في مرافقته؟ وما هي فرص نجاح هذه العملية على ضوء مواقف الأطراف المعنية منها وتهديد القوات الكردية بالتصدي لها؟.

وبلهجةٍ فاضت مرارة وخيبة أملٍ، ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى خذلان حلفائه الأمريكيين فيما يتعلق بمعالجة الوضع في منطقة شرق الفرات بسوريا، فمع إعلان قراره شن عملية عسكرية وشيكة هناك، أكّد أردوغان نفاد صبره إزاء حلفاء قال إنهم يبتسمون في وجه الأتراك ويماطلونهم بأحاديث دبلوماسية، من أجل كف أيديهم عما سماها منظمة إرهابية.

يشير أردوغان هنا إلى ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية التي نعى بإعلانه هذا مسارًا أمريكيًّا من أجل إبعادها عن الحدود التركية عبر إقامة منطقة آمنة، هذه المنطقة تراها أنقرة ضرورية أيضا من أجل اللاجئين السوريين.

هل يفعلها أردوغان بعد أن هدد مرارًا وتوعد؟ يجدها الرجل سانحة في اجتماع حزبه ليعلن أن عملية عسكرية واسعة جوية وبرية ستبدأ في أي وقت في منطقة شرق الفرات، وتلك تقع على الحدود التركية في الجوار السوري، وتتمركز فيها وحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها أنقرة إرهابية.

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، فليس هدف أنقرة إبعاد هذه القوات عن حدودها وحسب، بل إقامة منطقة آمنة هناك، وهو ما انخرطت للاتفاق عليه في مباحثات وصفت بالمريرة مع واشنطن، التقى الطرفان- واشنطن وأنقرة- في أغسطس الماضي، واتفقا على إقامة تلك المنطقة، لكنّ الخلاف لم يحسم بينهما فيما يتعلق بعمقها؛ فتركيا تريدها ممتدة إلى 30 كم داخل الأراضي السورية، بينما تسعى واشنطن إلى تعويم هذه الجزئية والاكتفاء بتسيير دوريات مشتركة مع الأتراك على الحدود، لكن ذلك لم يرض أنقرة التي تعتبر أن واشنطن تماطل وتتحرك ببطء شديد، وهو ما دفع أردوغان لإمهال واشنطن حتى نهاية سبتمبر المنصرم كي تحسم موقفًا، وإلا فإنّ تركيا ستتصرف عسكريًّا بمفردها، وهو ما قال أخيرا إنه سيحدث جوًّا وبرًا وفي أي وقت.

العملية الثالثة

وإذا فعلها الجيش التركي فستكون هذه ثالث عملية عسكرية كبيرة منذ عام 2016 ولا تكتفي أنقرة بإدراج العملية العسكرية في السياق العسكري بل تتعدى ذلك إلى الأخلاقي، ويقوم الخطاب التركي في هذا الصدد على أن ثمة مشكلة بدأت تستعصي بعد أن طالت، وهي مشكلة اللاجئين السوريين، وترى أنقرة أن إقامة منطقة آمنة لهؤلاء اللاجئين داخل بلادهم ضرورة إنسانية وسياسية لصراع لا يوجد حل قريب له.

لكن القوات الكردية المناوئة لأنقرة ترد على محورين: الأول تهديدها بالرد إذا هوجمت وتحويل الأمر إلى حرب شاملة، والثاني تشكيكها في أهداف تركيا من وراء إقامة المنطقة الآمنة، واتهامها بأنها تسعى في الواقع لتغيير سكاني داخل الأراضي السورية بذريعة حماية اللاجئين السوريين.

الموقف الروسي

ولا يعرف بعد موقف موسكو النهائي إزاء أي عملية عسكرية تركية ضد القوات الكردية، لكن المقاربة الروسية إزاء هذا الأمر قامت في السابق على تأييد الجانب الكردي من دون استفزاز الأتراك، وهو ما لا تفعله واشنطن التي تكاد تخاطر بخسارة حليفها التركي المفترض، بسبب اختلاف المقاربات إزاء الموضوع الكردي في سوريا وسواها.

وفي رأي البعض فإن ثمة حالة من السيولة السياسية في سوريا والمنطقة تتيح لأنقرة إنفاذ خطتها إذا سعت وجازفت، فالروس لم يعترضوا علنا وإذا فعلوا فإنهم لن يدخلوا على الأرجح في صراع مع أردوغان الذي يحتاجون دعمه في ملفات أخرى، أما واشنطن المنشغلة بملف مكالمات ترامب وتداعياته، فإنها قد تغض الطرف ولو مؤقتا، وتبقى الحكومة السورية وموقفها معروفًا ومحسومًا مسبقًا، وهو التنديد ببيانات تصدر من دمشق وبخطب تُلقى في الأمم المتحدة.