قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس: إنه التقى بعض وزراء الخارجية العرب، الشهر الماضي، لبحث خطةٍ للتوقيع على ما سماها “اتفاقية تاريخية لعدم الاعتداء بين إسرائيل ودول الخليج” .
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن الاتفاق بين دول الخليج وإسرائيل على تشكيل فرق خاصة لبحث تطوير الفكرة .
فما هي أبعاد ما كشفه الوزير الإسرائيلي عن اتفاقٍ مع دول الخليج؟ وما الذي أغرى تل أبيب للبحث عن مثل هذا الاتفاق الآن؟ وما هي الانعكاسات المحتملة لاعتماد مثل هذا التوجه في الوقت الراهن على مسار الصراع العربي الإسرائيلي؟.
الرد حين يكون سريعًا وعفويًّا هو ما وجَّه به من قال إنه صحفي سعودي زار القدس، قبل شهور قليلة مضت، ورغب في التجول في أزقتها العتيقة، غير أن الأمر- وفق وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي سبق أن زار مسجد المرحوم الشيخ زايد- قد يكون أعقد من مبادرة صحفي شاب ربما دُفع إلى ما فعل أو أن هوسًا بالشهرة كان وراء فعلته، فثمة- بحسب الوزير الإسرائيلي- مبادرة يقودها بدعم من نتنياهو لتوقيع اتفاقية عدم اعتداء مع دول الخليج، يقول هذا ويضيف أنَّه قدم مبادرته إلى وزراء خارجية عرب، وإلى المبعوث الأمريكي جيسون جرينبلات خلال زيارته إلى الأمم المتحدة.
وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، تقوم المبادرة على تطوير علاقات تعاون بين تل أبيب والدول المعنية، واتخاذ ما يلزم من خطوات فعالة لضمان عدم انطلاق أو تخطيط أو تمويل عمليات قتالية أو عدائية أو عنيفة أو تحريضية من أراضي أيّ من الدول التي ستوقع على هذه الاتفاقية .
الأمر إذا صح يتجاوز مفهوم التطبيع إلى الشراكة، وسبقته زيارات مسئولين إسرائيليين إلى بعض عواصم الخليج، واعترافات تكاد تكون صريحة لإقامة علاقات معها واعتبارها جزءا من تراث المنطقة وتاريخها، كما شمل زيارات من بعض هذه الدول إلى إسرائيل، وأخرى من إسرائيل إلى هذه الدول.
ولا يُعرف بعْدُ المدى الذي قد تصله مثل هذه الزيارات، لكن وسائل إعلام إسرائيلية تدرج “كاتس” فيما تسميه استغلال المصلحة المشتركة لتل أبيب ودول خليجية في عداء إيران من أجل تطبيع العلاقات الإسرائيلية الخليجية، وتوضح أن الأمر تجاوز التصريحات إلى خطوات عملية، فهناك- كما تؤكد وسائل الإعلام هذه- اتفاق على تشكيل طواقم خاصة من هذه الدول وإسرائيل لبحث تطوير هذه الفكرة.
مبادرة وزير الخارجية الإسرائيلي تعيد إلى الأذهان مبادرة أخرى مماثلة قُدمت أيضا إلى دول الخليج على لسان وزير الخارجية الإيراني، الذي عرض على الخليجيين اتفاق عدم اعتداء مشترك من دون أن يتلقى ردًّا، على عكس ما حدث مع مبادرة إسرائيل، التي يبدو أنها قطعت شوطًا بعيدًا في التمهيد لتوقيعها، كما توحي تغطيات وسائل الإعلام لتصريحات كاتس.
وبالنسبة للبعض، فإن ملف العلاقات مع إسرائيل أصبح ينفصل تدريجيا عن الملف الفلسطيني ليقترب من الإيراني، فبعد اتفاقيتي سلام أبرمتهما مصر والأردن، وكان عنوانهما الرئيسي البحث عن سلام يقرب الفلسطينيين من نيل حقوقهم، اختفى الهاجس الفلسطيني أو كاد عن علاقات نشأت في السر بين دول عربية وإسرائيل، وبرز الهاجس الإيراني الذي بات يوصف غالبا بالخطر الذي يوحّد المتناقضين ويغيّر لديهم ربما المفاهيم، ومنها مفهوم العدو، كما سبق للبعض أن جهر وأعلن، وهناك من ظل على عهده فما فرط ولا تخلى.