دهست الإمارات قواعد العلاقات الدولية القائمة على احترام سيادة الدول، وجعلت من تدخلاتها وسيلة لإشعال الخلافات الداخلية في دول عربية مختلفة، كانت ليبيا إحدى ضحاياها التي تضررت بسبب أطماع شيطان الإمارات في المنطقة. ومنذ الثورة على القذافي في فبراير 2011، تصاعد التدخل الإماراتي خاصة بعد ظهور اللواء المتقاعد خليفة حفتر على الساحة، في مايو 2014.
وقُتل 28 شخصًا على الأقل وجرح آخرون في غارة شنتها طائرات إماراتية بدون طيار على مدرسة عسكرية في طرابلس، بحسب ما أعلنته حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.
وقال أمين الهاشمي، المتحدث باسم وزارة الصحة في الحكومة المعترف بها دوليًّا، إن “غارة جوية على مدرسة طرابلس العسكرية أسفرت عن مقتل 28 طالبا وإصابة العشرات.”
تفكيك ليبيا
وفيما أظهرت لقطات من موقع الحدث جثثا متناثرة على الأرض، تجدد الحديث عن جهود الإمارات في تفكيك ليبيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وسط صمت دولي على ذلك التدخل الذي وصل إلى استخدام ما تملك من قوة عسكرية لاستهداف المصالح المدنية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
وتؤكد تقارير للأمم المتحدة أن الإمارات وإلى جانبها جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، يقدمان دعما عسكريا لقوات حفتر، يُشكل خرقا لحظر التسليح المفروض على ليبيا بموجب قرار للمنظمة العالمية.
ومنذ أيام، تستهدف غارات جوية تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، مواقع مدنية مختلفة أبرزها مطار مصراتة، الذي أحيلت إليه منذ سبتمبر الماضي، جميع الرحلات المدنية مع الاستهداف المتكرر لمطار معيتيقة الدولي المدني الوحيد بطرابلس.
من جهته يقول السياسي المصري المعارض عمرو عبد الهادي: إن “المشهد في ليبيا بعد مجزرة الكلية العسكرية وفقد ٥٠ ليبيًّا بقصف طيران الإمارات أصبح عبثيًّا ولن يمر مرور الكرام”.
مضيفًا: “لأن أردوغان يتحرك بطريقة شرعية.. والسيسي دمر بلدنا.. لو راجل- وبعتذر عن كلمة راجل دي- لو يعني يعلن للعالم وأنصاره أنه متواجد في ليبيا أو يحاول يمنع الأتراك من الوصول إلى ليبيا”.
وخرجت بعض المسيرات في العاصمة الليبية طرابلس وفي مدن زوارة والزاوية ومصراتة منددة بالهجوم، في حين توافد عدد كبير من المواطنين على مراكز التبرع بالدم بعد الدعوات التي وجهتها وزارة الصحة للمواطنين للإسهام في إنقاذ حياة الجرحى.
واتهمت قوات عملية “بركان الغضب” التابعة للحكومة الليبية، على صفحتها في “فيسبوك”، في 5 أكتوبر الماضي، “الطيران المسيَّر الإماراتي بقصف مطار مصراتة ردا على استهداف قوات حكومة الوفاق لقوات حفتر ومقاتلين أجانب موالين له”.
وأعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية أن الطيران الإماراتي المسير الداعم لقوات خليفة حفتر استهدف منطقة أبو غيلان في مدينة غريان جنوبي طرابلس، وفي الرابع من الشهر نفسه اتهمت حكومة الوفاق الوطني الليبية أيضا “الطيران الإماراتي المسيَّر” بقصف أهداف “مدنية حيوية” في مدينة سرت؛ دعما لقوات حفتر.
الدولة الليبية المنشودة
وفي الخامس من أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، في بيان لها، أنها تقدمت باحتجاج رسمي لمجلس الأمن على قصف مليشيات حفتر مطاري معيتيقة ومصراتة، داعية المجلس إلى تحمل مسئولياته ومحاسبة الدول الداعمة لحفتر في عدوانه على طرابلس.
وقالت الخارجية الليبية، إن مجلس الأمن يقف مكتوف الأيدي أمام ما سمتها الجرائم التي ترتكبها “مليشيات حفتر”، التي كان آخرها قصف مطار مصراتة، ما أدى إلى إصابة أحد العاملين بجروح، وتضرر عدد من الطائرات المدنية.
من جهته أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد لنقي، أن تدخُّل الإمارات في الشأن الليبي يقوض العملية السياسية في ليبيا، ويؤدي إلى حالة عدم الاستقرار التي تشمل المنطقة العربية وتمتد إلى شمال إفريقيا ودول البحر المتوسط.
ويرى لنقي أن دولا تستطيع تحجيم الدور الإماراتي في ليبيا، باعتبار أن مهمة الإمارات هي تفتيت البلدان العربية وإفشال ثورات الربيع العربي، إضافة إلى كون أبو ظبي غير مؤهلة لأي دور قيادي للأمة العربية حاضرا ومستقبلا.
وأردف لنقي: “يجب إيقاف الدور التخريبي للإمارات في ليبيا وتغيير خطابنا السياسي تجاه الأحداث الجارية، والبحث عن حليف قوي لمواجهة مخططات حكام الإمارات”.
وشدد لنقي على ضرورة مد اليد للبلدان العربية والإسلامية وحكومات العالم التي تؤمن بالديمقراطية ونظام الحكم المدني، والاستفادة من العلاقات التاريخية التي تربط ليبيا بدول العالم لوقف التدخل الإماراتي في شئون ليبيا الداخلية، من أجل بناء الدولة الليبية المنشودة.