كتب رانيا قناوي:
عادت للواجهة مرة أخرى حركات الاحتجاج العربية بعد أن اكتشف الشباب العربي، خاصة في مصر ودول عربية أخرى أن الوضع أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الربيع العربي، الأمر الذي حذرت معه الأمم المتحدة من ربيع عربي جديد قد يلوح في الأفق.
وكشفت المنظمة الدولية في تقريرها الأخير عن التنمية العربية 29 نوفمبر، عن أن الشباب العربي يميل أكثر للاحتجاج، وإن كان أقل إقبالاً على التصويت من المتوسط العالمي، كما أن حركات الاحتجاج العربية تميل إلى تكرار حدوثها كل 5 سنوات، حيث ارتفعت الاضطرابات في شمال إفريقيا في الأعوام 2001 و2006 و2011، وفي كل مرة تصبح أكثر اضطرابًا عن سابقتها، مؤكدة أنه ربما تكون هناك جولة أخرى أكثر جرأة هذه المرة.
وأوضح التقرير المنشور على وكالات الأنباء اليوم الخميس، أن الشباب العربي خاصة في مصر يفضلون المزيد من الوسائل المباشرة والأكثر مواجهة، خصوصًا إن كانوا على قناعة بأن الآليات القائمة على المشاركة والمساءلة عديمة الفائدة.
استطلاعات رأي الشباب تتنبأ بما يخبئه
وقالت صحيفة "الإيكونومست البريطانية" إنه في ديسمبر عام 2010، ناقش مجلس الوزراء المصري نتائج المسح الوطني للشباب، التي أظهرت أن 16% فقط من الشباب في سن 18-29 قاموا بالتصويت في الانتخابات البرلمانية، بينما سجل 2% فقط في الأعمال التطوعية، مضيفا أن هؤلاء الشباب هم "جيل لا يبالي بإهدار وقته"، إلا أنه بعد أسابيع، تدفق هذا الشباب إلى الشوارع ليطيح بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وكشف تقريرالأمم المتحدة أنه بعد 5 سنوات من الثورات التي أطاحت بأربعة من القادة العرب، ما زالت الأنظمة تعامل المعارضة بخشونة وقسوة، ولكن مع انتباه أقل بكثير لأسبابها، لافتا الى أن الشباب يشعر بالانتماء أكثر لدينهم أو طائفتهم أو قبيلتهم، أكثر من الانتماء لبلادهم، مضيفاً "في العام 2002، كانت خمس دول عربية غارقة في الصراع، واليوم أصبحت إحدى عشرة دولة. وبحلول العام 2020، فإن ما يقرب من ثلاثة من بين كل أربعة أشخاص عرب يمكن أن يكونوا من الذين يعيشون في البلدان المعرضة للصراع".
وحذرت من أن "الأمر مرعب، خاصة وأن تعداد الشباب العربي (الذين تتراوح أعمارهم بين 15-29) يبلغ 105 ملايين، ينمو بسرعة، ولكن البطالة والفقر والتهميش تنمو بشكل أسرع. حيث يصل معدل البطالة بين الشباب إلى 30%، بما يعادل أكثر من ضعف المعدل العالمي البالغ 14%، بينما يفشل ما يقرب من نصف النساء العربيات الشابات في العثور على فرص عمل (مقابل المعدل العالمي البالغ 16%).
ثورة جديدة
وكشف التقرير انه بالرغم من لجوء الكثير من الشباب العربي عادة إلى السفر إلى الخارج بسبب نقص الحراك الاجتماعي والمادي في بلادهم، تميل الأنظمة العربية للرد على التهديدات الأمنية عن طريق تشديد قبضتها، وتوجه الحكومات الأموال المخصصة للتنمية لاستيراد الأسلحة، في محاولة لتحقيق أمان سرعان ما تنسد صماماته.
وأكد أن الجيل الجديد هو "الأكبر، والأكثر تعليماً والأكثر تحضراً في تاريخ المنطقة العربية". وبفضل وسائل التواصل الاجتماعي، فهم أكثر انسجاماً مع العالم من أي وقت مضى. فقط إذا عرف حكامهم كيف يتصرفون معهم.
وأكدت أن هذه الحواجز المادية والبيروقراطية، التي توصف بأنها إجراءات أمنية، يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية "ففي اللحظة التي يمنع فيها النازحون والمهمشون من السفر للعمل، فإنهم يتركون ضحية لأيديولوجية متطرفة"، كما يقول جاد شعبان، الكاتب الرئيسي للتقرير.
واعتبر أن تسهيل السفر بين بلدان المنطقة قد يكون بداية لتغيير هذه الحالة المتردية. فعلى الرغم من أن جزءًا كبيرًا من المنطقة كان سوقًا مشتركة تحت حكم العثمانيين (الخلافة الإسلامية) قبل قرن من الزمان، فإنه غالبًا ما يكون من الأسهل الحصول على تأشيرات إلى أوروبا للعمل أو الدراسة، عن السفر إلى الدول العربية غير الآمنة، موضحًا أن الاتحاد الجمركي وتسهيل السفر من شأنهما أن يعززا الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بمقدار 760 مليار دولار خلال 7 سنوات، وهو مبلغ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي السنوي لدولة المغرب.