بعد فشل حفتر.. هل ينسحب السيسي من الصراع الليبي؟

- ‎فيتقارير

بعد أيام من الكشف عن تغيير في موقف عصابة الانقلاب بمصر تجاه اللواء المتقاعد الانقلابي خليفة حفتر، بسبب فشله في دخول طرابلس وتهميش دور السفيه السيسي، كشفت مصادر عن رفض الأخير طلبا إماراتيًا بتدخل الجيش المصري عسكريًا في الحرب الليبية، بدلا من المواربة والعمليات النوعية الخاطفة التي تقوم بها الطائرات الحربية المصرية في ليبيا.

ويعلم القاصي والداني أن السفيه السيسي فاشل بالسياسة والاقتصاد وإدارة الدولة، لكنه ينتمي للمؤسسة العسكرية ولمخابراتها الحربية، ويعلم تمامًا أن الجيوش النظامية ذات الجهوزية العالية دائما ما تفشل في حروب العصابات، فما بالك بجيش استنزفه السيسي وحوله إلى كيان مهترئ وضعيف مثل الجيش المصري.

حفتر تجاهل السيسي

ونشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريرا بعنوان “سيسي مصر يدرس سحب الدعم من حفتر ليبيا”، أشار فيه كاتبه إلى أن سلطات الانقلاب غير راضية عن فشل هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، وأنها ستكون مسرورة باستبدال “الجنرال المارق” بآخر.

وذكر الكاتب، نقلا عن مصدر جزائري مطلع بالصراع في ليبيا، أن عصابة السفيه السيسي قد “تعيد النظر” في دعمها لحفتر، وأضاف أن هذه المعلومات مصدرها دبلوماسي مصري اعترف بأن “التواصل بين القاهرة والقائد الليبي تدهور إلى حد كبير”.

ونقل التقرير عن المصدر الجزائري قوله إن عصابة الانقلاب بمصر قررت “نقل ملف حفتر إلى المخابرات العسكرية”، وأن السفيه السيسي “ألغى مؤخرا اجتماعا كان مقررا” مع الجنرال المتقاعد.

وأشار إلى أن هذا الانهيار ربما يكون قد دفع حفتر، المدعوم إماراتيا وسعوديا، إلى طلب الدعم من أماكن أخرى، بما في ذلك روسيا واليونان، ففي 17 يناير الجاري التقى الجنرال مسئولين في اليونان “شجعوه على توقيع وقف لإطلاق النار” في مؤتمر برلين الأخير حول النزاع الليبي.

وأكد رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس “على الحاجة إلى حل سياسي” و”حث حفتر على اتخاذ موقف بناء” في برلين، وفي اليوم ذاته نُشر خطاب من الجنرال موجه إلى “صديقه العزيز” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر فيه عن امتنانه لـ”جهود روسيا نحو السلام والاستقرار في ليبيا”.

وألمح الموقع البريطاني إلى أن بوتين كان “مقتضبا جدا” مع السفيه السيسي، في محادثة هاتفية بينهما قبل أيام قليلة ناقشا فيها الصراع في ليبيا، وبحسب مصدر مصري للصحيفة اللندنية فإنه “مع نهاية المحادثة وجد السيسي نفسه مطالبا برد إيجابي على ضغط روسيا من أجل وقف النار وفقا لاتفاق أبرم بدون مصر، مع إخطار القاهرة فقط بالتفاصيل، دون مشاركة في عملية الصياغة”.

ومع ذلك، بحسب المصدر الدبلوماسي المصري، فإن هذه الأحداث الأخيرة جزء من صورة أكبر عن سبب أن زعيم ما يطلق عليه الجيش الوطني الليبي قد خسر دعم جنرالات الانقلاب في القاهرة.

متورطش الجيش

جدير بالذكر أنه ما إن أنهى السفيه السيسي كلمته في احتفال عيد الميلاد داخل الكنيسة الأرثوذكسية بداية يناير الجاري، والتي حملت توددا لفظيا معتادا للشعب حتى تصدر وسم يطالب برحيله.

وخلال قرابة سبع ساعات، تصدر وسم (#ارحل_متورطش_الجيش) قائمة الوسوم الأعلى تداولا بموقع تويتر في مصر، كرد سريع من قبل نشطاء على حديث السفيه السيسي الذي تحدث عن عدم انجرار مصر للحروب هنا وهناك.

وخلال حديثه الذي لم ينفصل عن المستجدات الإقليمية، أكد السفيه السيسي أنه “ما حدش هيقدر يجرجرنا هنا ولا هنا”، في دلالة على عدم الانجرار للحرب التي تضج بها وسائل الإعلام المصرية ومواقع التواصل.

والأسبوع الماضي، وزعت أجهزة الأمن التابعة للمخابرات المصرية خطابا موحدا على فنانين وإعلاميين، شدّد على ما وصفه بخطر الوجود التركي في ليبيا على الأمن القومي المصري.

وطالبت شخصيات عامة على مواقع التواصل بالاصطفاف وراء السفيه السيسي ونبذ المعارضة جانبا، ترجيحا لكفة الأمن القومي على الخلافات، وبلغت حدة الخطاب الموحد تحت وسم #كلنا_الجيش_المصري درجةَ تخوين كل من لا يشارك في حملة الاصطفاف خلف حكومة الانقلاب بشأن ليبيا رغم غموض موقف عصابة الانقلاب من هذا الملف.

وتساءل نشطاء عن سبب الحديث الإعلامي المتوالي عن الحرب وإمكانية دخولها، معددين في سخرية أسبابا منطقية للحرب تتوفر في سياق الحديث عن دول أخرى، كما الحال مع سد النهضة الإثيوبي والاستيلاء على غاز شرق المتوسط وجزيرتي تيران وصنافير.

كما استحضر آخرون ما فعله أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر الذي أنهك الجيش بحرب اليمن، في حين أشار آخرون إلى قصف طيران إماراتي مسير داعم للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسانده السفيه السيسي للكلية العسكرية بطرابلس وقتلهم ثلاثين من طلبتها.

واعتبر مغردون تصدر الوسوم الرافضة لإقحام الجيش في حرب دليلا واضحا على ارتفاع وعي الشعب المصري، رغم محاولات الإعلام المؤيد للعسكر المكثفة للتأثير على هذا الوعي.