جنرالات العسكر.. كيف طغى هوسهم بالسلطة على إدراكهم بخطورة الأمن القومي؟

- ‎فيتقارير

على شاكلة “الجون” الذي ادّعاه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وقال إنه أحرزه في مرمى كيان الاحتلال الصهيوني، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي عبد الفتاح البرهان، الصهيوني “نتنياهو” رئيس وزراء العدو، في أوغندا، ورتَّبت الإمارات ذلك اللقاء الحرام!.

ويُشكل لقاء البرهان استمرار تداعي وانهيار ما يسمى بـ”الأمن القومي العربي”، وهو بالفعل كارثة لمصر والسودان، حيث أصبح “حوض النيل” بالكامل ضمن نفوذ دول لا تلتقي مصالحها مع مصر أو السودان بعشرات القضايا.

حضن إسرائيل

واستعمل نتنياهو تعبير “عودة إفريقيا لحضن إسرائيل”، وهو ما لن يفهمه العسكريون الجدد المناوئون لثورات الربيع العربي، والذين غطت أحلامهم بالسلطة على إدراكهم لحدود الأمن القومي لبلادهم.

يقول الناشط حسام البدري: “الخبر المهم مش إن نتنياهو قابل رئيس المجلس السيادي والمجلس العسكري السوداني.. لكن المهم فين!؟ في أوغندا.. يعني دولة من دول العصب الاستراتيجي لمصر بغض النظر عن مين الرئيس، إسرائيل تخترق إفريقيا بشكل خطير”.

ويقول الكاتب والمحلل السوداني تاج السر عثمان، تعليقا على ما نشرته صحيفة واشنطن بوست، بقولها إن لقاء البرهان ونتنياهو رتّبته الإمارات بعلم السعودية ومصر: “هذه الدول مطلعة على أهم قرار في المرحلة الانتقالية، بينما حكومة الشعب غائبة أو مغيبة عنه، وهذا وحده كاف لوقفة حاسمة من هذا التصرف، فهو قرار خارجي بامتياز لمصادرة الإرادة الشعبية”.

واتفق عدد من الخبراء والساسة على أن التمدد الإسرائيلي في قارة إفريقيا يهدد الأمن القومي المصري، وسعي لتآكل الدور المصري ومحاصرة القاهرة من عدة جهات من قبل كيان العدو الصهيوني.

ونجح الكيان الصهيوني في إقامة قاعدة عسكرية بميناء “مصوع” المطل على البحر الأحمر بدولة إريتريا، مقابل صفقة أسلحة تقدر بنحو مليار دولار تتضمن 30 طائرة عسكرية من نوع ميج 29 و25، إضافة إلى تزويد سلاح المدرعات بـ230 دبابة طراز تي 72 و62 وسنتوريوم.

الصفقة الإسرائيلية الإريترية تعنى سيطرة الصهاينة على مداخل البحر الأحمر من الجنوب لجانب تدويل منطقة خليج تيران بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وهو ما يزيد الأمر خطورة.

العالم العربي

ومرت العلاقات الإفريقية الصهيونية بتقلبات عديدة، لكن إسرائيل منذ إعلانها حاولت ألا تدع متغيرات الأحداث تؤثر على تلك العلاقات، فبنهاية عام 1967 بات لإسرائيل مع 32 دولة إفريقية علاقات دبلوماسية، إذ اعترفت رسميًا بها وتبادلت الزيارات الرسمية معها.

وبحلول عام 1973، كادت إسرائيل أن تفقد ما قد بنته مع تلك الدول عندما دعمت الدول الإفريقية العالم العربي، ودعت إلى حظر اقتصادي على إسرائيل.

لكنَّ الموازين قد قلبت بزيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى القدس عام 1977، الأمر الذي تسبب في فتح الباب على مصراعيه أمام تطوير العلاقات الإفريقية الإسرائيلية، وبحلول عام 1989 كانت إسرائيل قد استعادت علاقاتها المقطوعة مع 8 دول إفريقية.

واستمرت إسرائيل في جهودها حتى أصبح لها علاقات دبلوماسية مع 42 دولة إفريقية بحلول عام 1999، بيد أن إسرائيل أولت اهتمامًا خاصًا لتقوية علاقاتها الثنائية والأمنية مع دول شرق إفريقيا وبالأخص إثيوبيا وإريتريا لتنفيذ استراتيجيتها التي تقتضي تهديد الأمن القومي العربي عامة، والأمن القومي المصري خاصة، وضرب المصالح العربية في البحر الأحمر وإضعاف نفوذها.

وفي ظل حالة التوتر التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط واحتدام التنافس الإقليمي والدولي، وخاصة الصهيوني، على الحضور في البحر الأحمر، افتتح السفيه السيسي الذي بات الصديق المقرب لـ”إسرائيل”، قاعدة “برنيس” العسكرية الكبرى في المنطقة.

استهداف السفن

ويعد البحر الأحمر منطقة استراتيجية للاحتلال الإسرائيلي، خاصة مع وجود دور إيراني للتوسع به، ومحاولة التحكم في حركة السفن التجارية التي تعد أيضا شريانًا اقتصاديًّا للاحتلال مع شرق آسيا ودول إفريقيا.

وتقع القاعدة، التي افتتحها السفيه السيسي بحضور ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي تقود بلاده موجة تطبيع غير مسبوقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية شرق مدينة أسوان.

وتبلغ مساحة القاعدة العسكرية 150 ألف فدان، وتضم قاعدة بحرية وقاعدة جوية ومستشفى عسكريا وعددًا من الوحدات القتالية والإدارية وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة، ورصيفًا بحريًّا.

وإلى جانب هذه القاعدة، سبق أن أنشأت “إسرائيل” قواعد في “رواجيات” و”مكهلاوي” على حدود السودان، بهدف الوصول إلى كامل البحر الأحمر وخاصة باب المندب الذي استأجرت قربه جزيرة “دهلك” وأقامت عليها قاعدة عسكرية.

ويفصل مضيق باب المندب البحر الأحمر عن خليج عدن والمحيط الهندي، كما يفصل قارتي إفريقيا وآسيا، وتحدّه من الجانب الإفريقي جيبوتي، ومن الجانب الآسيوي اليمن.

وتأتي أهميّته من أنّه تمرّ منه غالبيّة الصادرات من الخليج، وتدفَّق عبره نحو 4.8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات النفطية المكرَّرة في 2016؛ صوب أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

وتعتبر الطبيعة الجغرافية للمضيق إحدى نقاط الضعف فيه، بحيث تجعل استهداف السفن التي تمرّ فيه سهلاً، حيث لا يتجاوز عرضه 20 كيلومتراً، في ممرّ يربط البحر الأحمر ببحر العرب، والمضيق ممرّ رئيسي يؤدّي إلى قناة السويس، التي يمرّ منها 12% من حجم التجارة العالميَّة.