“السياسة الغربية تواصل تدليل السيسي، لأنه في النهاية يمنع تسلل اللاجئين من إفريقيا”، هكذا هاجم الصحفي والكاتب السياسي الألماني “راينر هيرمان” جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن أسباب غضب المصريين على المخلوع مبارك باتت أضعافا مضاعفة في زمن الجنرال القاتل.
وقال “هيرمان”، في مقال نشرته وسائل الإعلام الألمانية، إن هذه النظرة إلى مصر تبدو قاصرة؛ لأن ثمن هذا الاستقرار الخادع القصير المدى هو خطر أن تفشل مصر على المدى المتوسط.
مضيفا أن “الحكام العسكريين المعاصرين لا يقومون بما يجب القيام به كي لا تغرق البلاد في التحديات الهائلة التي تواجهها”، واعتبر أن السفيه السيسي لا يستحق التكريم، وذلك في تعليقه على تكريم منظمي مهرجان دار أوبرا دريسدن “زيمبر أوبر”، قبل أن يتراجعوا عن منحه الجائزة.
مجازر العسكر
وقال “هيرمان”: إن الجيش الذي يقوده السفيه السيسي يشارك في مجازر كتلك الدائرة في ليبيا وكذلك في اليمن، وفي مصر أيضا يتحكم هذا الجيش في نصف الاقتصاد على الأقل، ليضمن الجنرالات الامتيازات ويمنعون المنافسة.
وفي الوقت الذي تشير التوقعات إلى أن عدد المعتقلين السياسيين يفوق 100 ألف معتقل، لم تكن السجون في مصر أبدا أيام المخلوع مبارك مليئة بهذا العدد من السجناء، ناهيك عن التقارير المسربة إلى الخارج التي تتحدث عن أشكال التعذيب الوحشية، يقول هيرمان.
مضيفا أنه لم تعد في مصر أي معارضة تستحق أن يُطلق عليها اسم “معارضة”، ووسائل الإعلام الرائدة سابقا في العالم العربي، تدهورت إلى أبواق دعاية موالية للعسكر، وفقدت بالتالي أهميتها.
كما أن القانون القمعي لعمل المنظمات غير الحكومية يسلب المجتمع المدني الحي سابقا كل بريق هواء للحرية، ومن يدافع عن هذه السياسة لا يُعد باني جسور وناشر سلام وليس حامل أمل ولا يشجعه، لكن ما كان في 2011 سيئا وأدى إلى الاحتجاجات الشعبية في ميدان التحرير وفي كافة أرجاء مصر هو اليوم أسوأ.
انهيار كارثي
وقال هيرمان: إن “البنية التحتية لا تواكب نمو السكان ونظام التعليم في وضع كارثي، وفقط جزء من بين أكثر من مليون من الشباب المصريين الذي يدخلون كل سنة سوق العمل، يجد عملا، بينما في 2011 كانت توجد متنفسات لتفريغ الضغط، كالوسطاء السياسيين وأحزاب المعارضة وكذلك المجتمع المدني ووسائل الإعلام الحرة”.
وتابع أن: “هذه المتنفسات باتت منغلقة اليوم، والضغط الداخلي في تزايد وغليان، خصوصا في الطبقة الوسطى التي تكافح من أجل البقاء اقتصاديا، وفي عام 2011 كانت هناك ثمة فرصة لتحول منتظم. فهذا الباب انغلق منذ الثورة المضادة في 2013. وتحولت قبضة اليد الحديدية إلى قبضة خنق”.
وقبل سبع سنوات، وضع السفيه السيسي وحلفاؤه في الداخل والخارج حدا لأول تجربة ديمقراطية مدنية في مصر، وفتح بذلك الباب واسعا أمام منزلقات سياسية وأمنية واقتصادية ما زالت مصر تتهاوى في وهدتها السحيقة.
وقبيل كشف الستار عن مشهد الثالث من يوليو 2013، جرت أحداث كثيرة بلغت ذروتها في الثلاثين من يونيو بمظاهرات مخابراتية مدبرة تطالب بانتخابات مبكرة، ثم لقاءات أجراها السفيه السيسي وزير الدفاع حينها مع سياسيين، قبل أن يسدل ستار المرحلة الفاصلة بين الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو على البيان الأول.
تضمنت خريطة الطريق التي قدمها السفيه السيسي في بيان الانقلاب عزل الرئيس الشهيد محمد مرسى، وتعطيل العمل بالدستور، مع إسناد الرئاسة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، ولاحقا أغدق السفيه السيسي وعوده بالرفاهية والحياة الكريمة والاستقرار السياسي والاقتصادي على المصريين.
وبعد سبع سنوات من “الثورة المضادة”، تؤكد معطيات الواقع وتقارير المنظمات والمؤسسات الدولية انتقال البلد خلال هذه السنوات إلى “حالة دكتاتورية فجة”، تغلق أغلب منافذ التعبير، وتخنق الفضاءات الاقتصادية والاجتماعية، في حين تحولت وعود الرفاهية إلى سراب بقيعة، وعادت المنظومة الحاكمة للبطش بالشعب.