في إحدى حلقات مسلسل “الكبير أوي” يقوم فريق التمثيل بإجراء الفحوص النهائية على حالة المكوك “تحتمس13” قبل إقلاعه، وبمجرد الإقلاع والخروج من المجال يقيم حزلؤوم وفريقه المزاريطي احتفالًا أشبه بـ”حنة بلدي”، وتصل الكوميديا إلى أعلى إيقاعاتها بأغانٍ من قبيل “فضائي يامه.. ماله يا بنتي.. قرصني.. يالهوي من وسطي..” و”يلا يا نيزك هس هس.. ده احنا اللي عملنالكم حس”، ولا تختلف كوميديا النيزك والمكوك التي قدمها فريق حزلؤوم عن كوميديا فريق الانقلاب الفضائي!
الحكاية تبدأ بإعلان الدكتور محمد القوصى، الرئيس التنفيذي لما يسمى بوكالة الفضاء المصرية، والتي لا يعرف المصريون شيئًا عن وظيفتها وميزانيتها فضلاً عن إنجازاتها، أن البرنامج الحالي للوكالة يعمل على محور بناء البنية التحتية على المدى القريب للوكالة والذى تحدد على المدى القريب في 3 سنوات مالية 2020-2023، وهو ما يعني في النهاية أن الوكالة تقوم ببناء الوكالة وإهدار ملايين الدولارات وربما المليارات!
الطرطالايت!
ولا تختلف وكالة الفضاء الوهمية التابعة لعصابة الانقلاب بمصر، عن وكالة “فاسا” في مسلسل “الكبير أوي”، حتى إن تشابه الأحداث بين كلتا الوكالتين مثير للدهشة، فكما أعلنت حكومة الانقلاب اختفاء أكثر من قمر صناعي مصري في الفضاء، كان المسلسل الكوميدي يعالج كارثة اصطدام نيزك بالأرض، وكما تسود المخاوف بشأن مصير فريق حزلؤوم، وكذلك مصير كوكب الأرض، تسود المخاوف حول مستقبل المصريين في ظل عصابة انتهازية لا تترك مجالا للسرقة إلا وسلكته، حتى ولو كان الدجل باسم برامج الفضاء.
وكما يأمر حزلؤوم بإعداد شاي فوق النيزك بالفضاء قبل البدء في أعمال الحفر بالطرطالايت، يتابع “القوصي” خلال مؤتمر غريب تحت شعار “يوم الفضاء المصري”، بمركز إعداد القادة لإدارة الأعمال بالعجوزة، قائلًا: “إنه في الوقت الحالي تتم مناقشة وضع قانون خاص للوكالة”، وأشار إلى أنه سيتم إنشاء خلال هذا العام أول قمر صناعي تعليمي للجامعات المصرية تحت إشراف وتدريب المهندسين في وكالة الفضاء المصرية”!
واختتم قوله بالحفر في خيال المصريين قائلاً: “اتجاه للوكالة حاليًا حول محور استكشاف الفضاء وهذه نقطة هامة للغاية، وكيف يمكن لمصر أن تتميز لتكون قائدة لقطارة الفضاء خاصة في معرفة والتخلص من الحطام الفضائي، وهناك اتجاه يفرض على الدولة التي ستطلق القمر الصناعي كيفية التخلص منه إن لم ينه عمره الافتراضي بنجاح أو عودته مرة أخرى بسلام عند انتهاء مدته، وهبوط مركبة فضائية للقمر هذا مشروع طموح لوكالة الفضاء، وهناك دولة متقدمة في هذا المجال عرضت علينا المساعدة والمشروع قيد الدراسة”.
سبوبة الأقمار
وفي السنوات الماضية كانت حكومات العسكر من عهد المخلوع مبارك إلى عهد السفيه السيسي دائمًا ما تعلن عن ضياع اقمار صناعية مصرية، الأول كان “إيجيبت سات 1” والذي تم إطلاقه في 2007 وكان من المفترض أن تكون مدة رحلته في الفضاء 5 سنوات أي عام 2012 وهو ما لم يحدث حين فُقد الاتصال به في 2010، وكان قد تم إطلاقه من نفس القاعدة التي أُطلق منها “إيجيبت سات 2”.
ويزن “إيجيبت سات 1” حوالي 100 كجم، ومزود بجهازيْ استشعار، واحد يعمل بالأشعة تحت الحمراء والآخر يعمل باستشعار متعدد الأطياف. وتستطيع الكاميرا الخاصة به تصوير حتى دقة 8 أمتار. وقٌدرت تكلفة تشغيله سنويًا بـ35 مليون دولار، غير تكلفة إنشائه التي تقدر بـ21 مليون دولار.
وفي أكتوبر 2010 صرّح “رئيس هيئة الاستشعار عن بعد” بأنه تم فقد السيطرة على القمر الصناعي واختفاؤه من أجهزة المراقبة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث أمر مماثل، وأن الحادث تكرر مرتين لكن تم استرجاع الاتصال وهو ما لم يحدث في 2010، وتداولت أحاديث مختلفة عن أنه ربما تكون إسرائيل هي السبب في هذا الحادث، لوجود تصريحات وقت إطلاقه في 2007 أنه قمر للتجسس، وحتى اليوم ظل القمر مفقودًا.
وفي عام 2015 أي بعد عامين من الانقلاب الأسود، وصف الدكتور مصطفي إبراهيم، الأستاذ بكلية الهندسة، وخبير الأقمار الصناعية العالمي، ضياع القمر الصناعي المصري “ايجيبت2” في الفضاء، وضياع 250 مليون جنيه مصري، بالأضحوكة، والفوضى غير المسبوقة التي يعيشها البحث العلمي المصري، استمرارًا لمسل الإهمال الممنهج والمتعمد، واختراق اتصالات التحكم في القمر الصناعي، في ظل حالة متواصلة من التجاهل الحكومي للواقعة.
موضحًا أن القمر الصناعي لا يضيع لأن له مدار يدور فيه، وهو ما يعني أن هناك اختراقا للقمر إذا كدنا قد فقدنا الإتصال به، وهو ما يعني أن القمر تعرض للقرصنة، لافتا إلى أن الأقمار الصناعية تحتاج إلى درجة كبيرة من السرية، والحماية.