“قانون الركنة”.. نهر من الفلوس يصب في جيب الجنرال السايس!

- ‎فيتقارير

وافق برلمان الدم، برئاسة علي عبد العال، على مشروع قانون مقدم من عُشر عدد أعضاء المجلس، بتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات، وأحاله إلى مجلس الدولة للمراجعة.

يأتي هذا القانون فى إطار تشغيل العسكر لجيش البلطجية، أو ما يطلقون على أنفسهم “ساسي السيارات”، لذا تم التوافق على ضم هذا النشاط الاقتصادي غير الرسمي ليكون تحت بصر ورعاية العسكر فى ضوء مبادرة تعظيم نهب المصريين!.

دولة فوق الدولة

ويرى مراقبون أنه مخطئ من يظن أنه قادر على اقتحام أسوار قلعة العسكر الحصينة والتفتيش في أوراق ذلك الكيان الاقتصادي المتوغل والمسيطر والمستحوذ على مفاتيح الخزانة المصرية، حتى باتت إمبراطورية الجيش العسكرية دولة فوق الدولة، وخارج إطار المحاسبة أو المساءلة أو البحث أو التنقيب، بل ويحاكم كل من يقترب من لافتة “ممنوع الاقتراب والتصوير”.

وقبل سبر أغوار هذا الكيان الغامض، لا بد أن نقف على الميزات التي يتمتع بها الاقتصاد العسكري، والتي لا تتوافر بطبيعة الحال لمن دونه من اقتصاد ينتمي إلى القطاع العام المريض، أو الخاص والذي يختبئ بدوره بشكل أو بآخر داخل الـ”عباءة الكاكي”، حتى باتت الأسواق المصرية تدور في فلك العسكر، وأوشك ما سواه على الإفلاس أو حزم حقائبه ليرحل عن بلد الانقلاب ليحط رحاله في دولة تحترم التنافسية والاستثمار إن كان من أصحاب “البورنيطة”.

بداية، تتوافر للجيش المصري الأيدى العاملة رخيصة الكلفة والتي تعمل بنظام السخرة، عبر استخدام المجندين إجباريا في مشروعات الجيش، كما أن أرباحه معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري وفقا للمادة 47 من قانون ضريبة، فضلا عن إعفاء واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي من أي ضريبة أو مصاريف جمارك، إلى جانب الاستحواذ على مشروعات الدولة بالأمر المباشر دون منافس، وأخيرا إبادة كل من يعبث بأمن تلك الإمبراطورية باعتباره أمنًا قوميًا لا يقبل المساس، تحت شعار “الجيش خط أحمر”.

ومنذ دشَّن عبد الناصر دولة العسكر في خمسينيات القرن الماضي، ابتلع الجيش مقدرات الدولة بأكملها في “كرشه”، وسيطر على الصناعة والزراعة والثروة المعدنية والصناعات العسكرية ومشروعات البنية التحتية وحتى الثروة السمكية والسياحة والرياضة والإعلام، واختلق بدعة “جهاز مشروعات الخدمة الوطنية”، وهو جهاز تابع لوزارة الدفاع له الشخصية الاعتبارية، ويتولى دراسة وتنفيذ الأعمال والمشروعات التي تطلبها الوزارات والهيئات ووحدات الحكم المحلى وشركات القطاع العام، تنفيذا للعقود التي تبرم بينه وبين هذه الجهات.

ومع شعور العسكر المتنامي بالتهديد من العبث بأروقة هذا الكيان الهلامي، مع إسقاط ثورة يناير لأحد أباطرة اقتصاد الجيش المخلوع مبارك، واقتحام الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي لتلك “الحارة المسدودة”، فقرر العسكر أن ينقلب على الثورة ويسقي شجرة كيانه بدماء الثوار ورافضي سطوة البيادة واستبداد الكاب.

بيزنس الدم

قرابة 15 آلاف شهيد ومائة ألف معتقل هي الضريبة التي دفعها الثوار وأحرار هذا الوطن، لكي يحافظ العسكر على هذا الكيان، بعدما استشعر قادة الجيش إمكانية العبث في الصندوق الأسود والتعاطي مع أرقام الاقتصاد الموازي، فتحركت الدبابة لتطيح بأول رئيس منتخب وتكفل الشامخ بحملة التطهير العرقي.

وبعد قيام جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي بانقلابه العسكري، في 03 يوليو 2013م، تبنت قيادات المؤسسة العسكرية الحاكمة نهجًا جديدًا لإدارة الملف الاقتصادي داخل الدولة المصرية، يتحول بموجبه الجيش من كونه لاعبا كبيرا في الاقتصاد المصري إلى وضعية الفاعل المهيمن المسيطر على الاقتصاد المصري ككل.

ومنذ اللحظة الأولى، بعد الانقلاب العسكري، وطبقا لخطة الاستحواذ على منظومة الاقتصاد حددت القيادات العسكرية الحاكمة آليات لتنفيذ ذلك المخطط، وهو التركيز أولًا على الكيف وليس الكم، مع اعتبار أن الكم سيأتي في مرحلة الاستحواذ التام، ولكن الكيف والذي يعني المفاصل المؤثرة للاقتصاد المصري هو أولويات المؤسسة العسكرية حاليا في السيطرة عليها، وبناء عليه وضع الجيش يده على أهم الملفات الاقتصادية داخل الدولة المصرية.

وعلى سبيل المثال، فإن قطاع المقاولات والبنية التحتية، وقطاع الاتصالات، وقطاع الصحة وسوق الأدوية، والمشروعات القومية، والقطاع العقاري وما يرتبط به من صناعات، ومجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، ومجال الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية، ومجال الاستزراع السمكي، وإنتاج وتجارة اللحوم الحمراء والبيضاء، ولبن الأطفال، واستيراد القمح، والسكر، وتنفيذ مشروع بطاقات التموين.