هل تنجح تركيا في تدويل الأزمة السورية؟

- ‎فيعربي ودولي

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أثناء استعراضه خسائر النظام السوري جراء الهجمات التركية على مواقعه: إنه أخبر نظيره الروسي بأن على بلاده الانسحاب من شمال سوريا وترك الجيش التركي يواجه قوات الأسد، مشيرا إلى أن أنقرة لن تحول دون عبور اللاجئين إلى الدول الأوروبية.

ما الذي تقوده الاتصالات الإقليمية والدولية بين تركيا وعدد من الدول بشأن تطورات شمال سوريا، مع انتهاء المهلة التي طلبتها أنقرة من النظام السوري لسحب قواته من محيط نقاط المراقبة التركية قبل انقضائها؟ وأي تداعيات ميدانية وإنسانية للردود التي ستتلقاها القيادة التركية من بوتين ومن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن التداعيات الأمنية والإنسانية للأوضاع في إدلب؟

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، عصفت المواجهات بين الجيش التركي وقوات النظام السوري ومقاتلين تابعين لداعميه بقواعد اللعبة والاشتباك، التي كانت مستقرة إلى وقت قريب في شمال سوريا، وبات الجميع تقريبا يتحدث عمّا يعقب اتفاق سوتشي بعد أن تقاذفت أطرافه مسئولية تجاوزه في تراكمات أفضت إلى المشهد الميداني الحالي.

مشهد تبدو فيه حركة نزوح واسعة سرعان ما تحولت إلى طلب للجوء، أكد الرئيس التركي أن بلاده لا قبل لها به، وأن على الجوار الأوروبي أن يتحمل مسئوليته إزاء ذلك، متطلعا قبل اجتماع مرتقب له ببوتين استبقه باتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، الذي اقترح قمة ثلاثية مع روسيا بشأن إدلب، إلى ما قد يقدمه الناتو من دعم لأنقرة عدا عن تصريحات الدعم والمساندة.

البر التركي يسلمهم إلى بحار أثينا، بهذا يستأنف السوريون رحلتهم المريرة في العالم، يفرون من قصف جيشهم إلى أقرب جوار، فإلى تِيه القوارب حيث ترسو، وهي ترسو هنا في اليونان المجاورة، وهنا ينتظرهم رجال الشرطة اليونانية، لن تدخلوا هذه المرة، بينما تؤكد الحكومة اليونانية أنها ستفعل كل ما تستطيع لحماية حدود البلاد، وتزيد بأنها أحبطت محاولات 4 آلاف شخص لعبور الحدود خلال 24 ساعة، هي الفترة التي أعقبت قرار أنقرة عدم إغلاق حدودها أمام من يرغب من المهاجرين في العبور إلى الجوار الأوروبي وأقربه اليونان.

إنها المأساة الصامتة لكنها المريرة والمفجعة تبدأ ثانية، ووحدهم السوريون من يتجرع مرارتها، وتلك نتيجة لما يحدث في بلادهم منذ ثاروا على نظامهم، فعاجلهم بالرصاص وما توفر له من أدوات القتل .

تركيا كما قال رئيسها لا تستطيع تحمل أي موجات لجوء سوري جديدة جراء قصف النظام إدلب وجوارها. وبحسب أردوغان فإن نحو 15 ألف لاجئ عبروا حدود بلاده في الساعات القليلة الماضية، والرقم كما قال مرشح للزيادة، فكيف يحال بين السوريين والغرق على شواطئ الآخرين بعد أن تعذرت عليهم الحياة على أي بر في بلادهم وجوارها؟.

بحسب الأتراك، فإن الحل يكمن في دعم عملياتهم العسكرية في الجوار السوري، وإبعاد قوات النظام بل إخراجها من إدلب بأسرها، وتحويل المنطقة إلى ملاذ آمن للاجئين السوريين، ولذلك فإن أنقرة بدأت عملياتها العسكرية لإجبار قوات النظام على الابتعاد، لكن ردت تلك القوات فقتلت جنودا أتراكًا، فرد الجيش التركي بخشونة بالغة وإن كانت محسوبة جيدا.

هنا تقصف تركيا وتشتبك المعارضة السورية المسلحة مع قوات تابعة للنظام السوري وأخرى تسانده، فيقتل عدد من عناصر حزب الله اللبناني في ريف إدلب، كما تقتل طائرة تركية مسيرة عددا آخر من عناصر حزب الله ومن قوات قادة النظام السوري خلال اجتماع أمني لهم بالقرب من بلدة زرية جنوب حلب.

إنه الخيار العسكري وقد اعتُمد، لكنه بحسب كثيرين ما زال أقل من حرب، تطلب أنقرة من بوتين أن يخلي بينها وبين قوات الأسد، وثمة اتفاق أولي بأن يجتمع الرئيسان خلال أيام، وثمة واشنطن التي قال وزير خارجيتها إن الولايات المتحدة تدرس مع حلفائها مساعدة تركيا في صد ما وصفه الوزير الأمريكي بالعدوان الذي تتعرض له، إضافة إلى مواصلة سعيها لوقف ما قال بومبيو إنها وحشية نظام الأسد وروسيا .