أكد الدكتور عزام التميمي -المفكر الإسلامى المقيم ببريطانيا، ومدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن- أن الرئيس محمد مرسي أبلى بلاء حسناً في مواجهة رياح عاتية هبت على حكمه من كافة الاتجاهات، فلم يحن لها قامة ولم يطأطئ لها رأساً، مؤكدًا أنه أصبح أهم رمز للنضال ضد الاستبداد والطغيان في مصر، بل في العالم العربي، ولا يملك أصحاب الشرعية خيارًا سوى التمسك به والإصرار على عودته ليستأنف دوره من حيث أوقف يوم اغتصاب الشرعية في الثالث من يوليو ٢٠١٣.
ونوه -في تصريحات صحفية- إلى أن هناك جهودا تبذل من أجل مقاضاة الانقلابيين دوليا، وقد قدمت شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ما زالت قيد الدراسة في مكتب المدعى العام هناك، مضيفًا أن تجربتهم في بريطانيا تؤكد أن المجال القضائي مهم ويمكن أن يكون فعالاً، كما حدث حينما تمكنوا من استصدار مذكرات إيقاف بحق بعض مجرمي الحرب من الساسة الصهاينة.
وتابع "التميمي": "لعل هذا هو السبب وراء الضغوط التي مارستها السعودية والإمارات على الحكومة البريطانية لوضع الإخوان على قائمة الإرهاب؛ لأنهم يخشون نتائج النشاط الحقوقي والقضائي الذي يجري في لندن ويمتد إلى لاهاي".
وحول تقييمه لأداء جماعة الإخوان المسلمين في مصر، قال: "ضمن ما هو متاح، وأخذاً بعين الاعتبار الحرب الشعواء التي تشن عليهم من كل الاتجاهات، لقد أبلى الإخوان المسلمون بلاء حسناً. ويكفي صمود قادتهم وراء القضبان، ويكفي أنهم أكثر المضحين وأوائل المناضلين، وما حدث في مصر تمحيص للصف وتنقية له من كل الشوائب، وسيخرج الإخوان من هذه المحنة بمنح لم تخطر لأحد على بال، فالإخوان هم الجماعة الأكثر أهلية وصدقية وقدرة على قيادة مسيرة النهضة في العالم الإسلامي".
ونصح "التميمي" بعض الذين ينتقدوا أداء "الإخوان" بأن يطلعوا على تجربة أول رئيس منتخب في تاريخ تشيلي "أييندي" الذي أطاح به وزير دفاعه "بينوشيه" ليعلم أن "مرسي" لم يكن أول من يخونه من ظنه في موقع ائتمان، وأنصحهم بالاطلاع أيضاً على تجربة فرنسا مع الثورات المضادة التي استمرت عدة عقود بعد الثورة الفرنسية إلى أن استقر الأمر للشعب.
وبسؤاله عما إذا كانت "الإخوان" قادرة علي مواجهة الحروب التي تواجهها، قال:" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، والصمود في وجه التحديات ليس بالشعارات ولا بالتمني وإنما بالتضحيات، والإخوان اليوم يقدمون من التضحيات ما يشعرني بأنهم على موعد قريب مع النصر بإذن الله تعالى".
وشن هجومًا حادًا علي قرار السعودية باعتبار جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا، قائلا:" هذا قرار أحمق لا يصدر عن إنسان حكيم، فالإخوان لم يعادوا المملكة في يوم من الأيام، بل كان للمملكة في الماضي مواقف إنسانية مشرفة ومشكورة، ولا ندري كيف انحط الوضع السياسي في السعودية إلى هذه الدرجة، وكيف نضبت منابع الحكمة تماماً في دوائر صناعة القرار فيها. إن وضع الإخوان على قائمة الإرهاب هو بمثابة إعلان حرب على ملايين المسلمين والآلاف من المؤسسات والجمعيات الإسلامية المنتشرة في أرجاء المعمورة".
كما هاجم وسخر من مزاعم البعض بأن أمريكا تدعم "الإخوان"، مؤكدًا أن هذا كلام لا يستحق الرد، فهو أسخف من السخف ذاته، فأمريكا كانت على استعداد للتعايش مع المتغيرات في المنطقة العربية في ظل الربيع العربي، ولكنها وجدت فرصة سانحة لإيقاف هذا الربيع بعد أن أقنعها الإماراتيون والسعوديون بنجاعة سياستهم الهادفة إلى الانقلاب على الديمقراطية ليس فقط في مصر بل وفي كل الدول التي أطاحت شعوبها بطواغيتها.
وأضاف بأن الاتحاد الأوروبي لم يعتبر ما حدث في مصر انقلاباً، فهو معترف بشرعية النظام اللاشرعي هناك. بل قبل الاتحاد الأوروبي بخارطة الطريق التي أعلنها السيسي يوم الانقلاب، وحاول مبعوثوه إقناع الإخوان بقبول هذه الخارطة، لافتا إلي أنه لا يوجد للاتحاد الأوروبي سياسة خارجية تجاه الشرق الأوسط مستقلة عن السياسة الأمريكية، فالاتحاد ودوله في ذلك تبع لأمريكا.
وأوضح "التميمي" أن فوز حزب العدالة والتنمية التركي في انتخابات المحليات الأخيرة رغم الحرب الشرسة ضد "أردوغان" أن هذا الفوز الأخير كان بمثابة استفتاء شعبي منح الثقة بنسبة غير مسبوقة للحزب ولقيادته، وهذا بلا شك يحبط كل الذين شاركوا في المؤامرة على حزب العدالة والتنمية، بما في ذلك تلك الأنظمة العربية البائسة التي مولت الانقلاب في مصر.
وكشف "التميمي" عن أن الإمارات سعت مع الحكومة البريطانية لإغلاق القناة الحوار التي يترأس مجلس إدارتها، والضغوط التي مورست على الحكومة البريطانية بدأتها حكومة أبو ظبي، التي سعت منذ ما بعد الانقلاب إلى إقناع البريطانيين بدعم الانقلاب وإدانة الإخوان ومنع النشاط الإعلامي والسياسي والقانوني الذي بدأت تشهده العاصمة البريطانية، لندن، وذكر الصحفي البريطاني الشهير دافيد هيرست نقلاً عن مصادره في الحكومة البريطانية أن الإمارات ألغت صفقة طائرات في شهر نوفمبر الماضي، لأن بريطانيا رفضت إغلاق قناة الحوار الفضائية التي تتخذ من لندن مقراً لها.
وأوضح أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أبلغ الإماراتيين بأنه لا يملك الصلاحيات كرئيس للوزراء أن يغلق قناة تلفزيونية أو صحيفة أو حتى مجلة، وأن هذا الأمر من صلاحيات القضاء، ونصح الإماراتيين إن كانت لديهم ادعاءات أن يقدموها للسلطات القضائية، ثم التحقت السعودية بالإمارات، فتضاعفت الضغوط والابتزاز ووصلت ذروتها بعد أن صدور المرسوم الملكي السعودي الذي صنف الإخوان على أنهم جماعة إرهابية.