“زراعة سيناء”.. أخبار خادعة للتعتيم على جرائم التهجير الصهيوني

- ‎فيتقارير

لا تنخدع حينما يطالعك مانشيت عريض في إحدى صحف العسكر، مفاده أن مصطفى مدبولي، خادم العسكر ورئيس مجلس وزراء الانقلاب، تلقى تكليفات من جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسى بالعمل على زيادة الرقعة المزروعة فى سيناء، خاصة فى منطقة وسط وشمال سيناء، فالأمر ليس كما يبدو عليه.

وشنّت طائرات حربية مصرية، في الساعات الماضية، غارات مكثفة على مناطق جنوب الشيخ زويد ورفح بسيناء، ولم تكن سيناء أبدا تحت السيادة المصرية الخالصة منذ قيام كيان العدو الصهيوني، وأن نظام الحكم العسكري في مصر منذ انقلاب 1952 وحتى الآن قد أبقاها ظهيرا استراتيجيا مفيدا لإسرائيل، وحرمها من أي تنمية حقيقية تذكر، بل قام بتدمير وإخلاء جزء كبير منها تحقيقا لأهداف إسرائيل التوسعية.

مصر اليوم في عيد! 

وبقراءة مجريات الأمور وتحليل تطوراتها ومع إعلان صفقة القرن، فإن الاحتفال بعيد تحرير سيناء 2020 قد يكون الأخير من نوعه إذا ما تمت تلك الصفقة، وكان من عواقب هزيمة مصر في حربها ضد إسرائيل عام 1967، أن وقعت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي لمدة خمسة عشر عاما.

وباستثناء “طابا” التي استردتها مصر عام 1989 بالتحكيم الدولي، تم تحرير سيناء ورفع العلم المصري عليها في الخامس والعشرين من أبريل عام 1982، وتحتفل مصر في نفس اليوم من كل عام بعيد تحرير سيناء.

وبالإضافة إلى كون ذلك اليوم عطلة رسمية، فقد جرت العادة على تقديم التهنئة للجيش المصري الذي حقق نصرا على إسرائيل عام 1973، ومن ثم تحرير سيناء وفقا لجدول زمني تضمنته اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 والمعروفة بـ”كامب ديفيد”.

كما تشهد مصر في نفس اليوم احتفالا رسميا يحضره الجنرال العسكري الحاكم ويلقى فيه خطابا، كما يتضمن الاحتفال عددا من الفقرات الغنائية الوطنية، ومن أشهر الأغاني المرتبطة بتلك المناسبة ما غنته المطربة الراحلة “شادية” بعنوان “مصر اليوم في عيد”، ومن كلماتها “سينا رجعت كاملة لينا”، فهل كان ذلك صدقا؟ وهل عادت سيناء حقا للسيادة المصرية منذ ذلك التاريخ؟.

إن القراءة الموضوعية للتاريخ تثبت أن السيادة المصرية على سيناء تناقصت بشكل كبير لصالح إسرائيل، منذ قيام دولتها في الرابع عشر من مايو 1948، فقد كان من توابع هزيمة الجيش المصري في حرب تحرير فلسطين في نفس العام، أن احتلت إسرائيل قرية “أم الرشراش” المصرية في مارس عام 1949 وأطلقت عليها لاحقا اسم “إيلات”، وعلى الرغم من تناسي الكثيرين لمصرية “أم الرشراش” وعدم الإصرار على استعادتها، إلا أن مصريتها بقيت حية في وجدان المصريين.

فعلى المستوى الرسمي، ذكر المخلوع الراحل مبارك عام 1997- على استحياء- أن أم الرشراش مصرية. كما صرح مستشاره للشئون السياسية “أسامة الباز” عقب استرداد طابا بالتحكيم الدولي، أن مصر سوف تلجأ إلى استخدام ذات الأسلوب لاستعادة أم الرشراش.

فضلا عن وثائق بريطانية أُعلنت عام 2000 تؤكد تنازل أبو الانقلاب الفاشي “جمال عبد الناصر” عنها لإسرائيل، وهو نفس الأمر الذي أكده قائد قوات حرس الحدود اللواء أركان حرب “أحمد إبراهيم محمد إبراهيم” في السادس من أكتوبر عام 2013، حين أكد مصرية أم الرشراش وبرر التنازل عنها لإسرائيل لكونها المنفذ الوحيد لها على البحر الأحمر.

لصالح إسرائيل

وعلى المستوى الشعبي، فقد نشرت صحيفة “اليوم السابع”، في الرابع والعشرين من أبريل عام 2011، مقالا للكاتبة هناء أبو العز نوهت فيه إلى قيام عدد من القوى السياسية والمدنية بتكوين جبهة لاستعادة أم الرشراش، إلا أنه- وفقا للمقال- تم التعتيم على الأمر وسط تهديدات من الأمن الوطني.

وفى عام 2012 اعتصمت الجبهة بميدان التحرير في الذكرى الثالثة والستين لاحتلال أم الرشراش، كما أثار البرلماني صابر أبو الفتوح نفس القضية بمجلس الشعب في العام ذاته،  ولم يقتصر الأمر على أم الرشراش وحدها، فقد انتقصت اتفاقية “كامب ديفيد” من السيادة المصرية على سيناء.

حيث نصت في المادة الرابعة منها على محدودية التسليح المصري في سيناء، وعلى تولي قوات تابعة للأمم المتحدة مهام التأمين بها، كما نصت على عدم سحب هذه القوات إلا بموافقة مجلس الأمن، بما في ذلك التصويت الإيجابي للأعضاء الخمسة الدائمين بالمجلس، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.

بالإضافة إلى القيود التي فرضتها أجهزة الأمن المصرية على دخول وإقامة وعمل المصريين بسيناء، مقابل التسهيلات الكبيرة التي منحت للإسرائيليين فيما يتعلق بحريتهم في السفر إليها والتنقل بها.

وقد ازداد الأمر سوءا وتناقصت السيادة المصرية على سيناء وخليج العقبة عقب الانقلاب العسكري عام 2013، حيث تنازل جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسى عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية.

الأمر الذي وثقته محكمة القضاء الإداري في حكمها التاريخي في يونيو 2017 بمصرية الجزيرتين وببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وبذلك فقدت مصر سيادتها على خليج العقبة والملاحة في البحر الأحمر لصالح إسرائيل بفعل تدويل مضيق تيران.