أربكت انتصارات الحكومة الشرعية في ليبيا على حفتر حسابات السيسي ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان. وسيطرت حكومة "الوفاق" الليبية المُعترَف بها دوليا، الأربعاء الماضي، على مواقع مهمة جنوب طرابلس، وذلك خلال هجوم معاكس ضد قوات "خليفة حفتر" الانقلابية.
وأعلن الناطق باسم قوات الوفاق "محمد قنونو"، في تصريحات صحفية، عن سيطرتهم على قاعدة "الوطية" الجوية جنوب غرب طرابلس وعلى مواقع متقدمة، وتعد قاعدة الوطية الجوية أو "عقبة بن نافع" أضخم وأكبر القواعد التي بناها الأمريكان في ليبيا، وهي تبعد 140 كم جنوب غرب طرابلس جنوب العجيلات وتتبع إداريا منطقة "أجميل"، وتستوعب 7000 عسكري و40 طيارة، وبها أكثر من 90 دوشمة وتبلغ مساحتها 50 كلم٢.
يأتي ذلك في الوقت الذي استنجد فيه جنرال إسرائيل، السفيه عبد الفتاح السيسي، بدول حليفة للتوسط لدى حكومة الوفاق الليبية كي لا تعلن عن أسماء 70 قتيلا من قوات الصاعقة المصرية قُتلوا في ليبيا، وهو ما أشار إليه الدكتور محمود رفعت، المحامي المعروف وخبير القانون الدولي، وكشف عن سبب تصفية وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب 7 أبرياء بمنطقة الأميرية في القاهرة بزعم أنهم “خلية إرهابية".
ضباط مصريون وإماراتيون
وقال “رفعت”، في تغريدة بـ”تويتر” رصدتها “الحرية والعدالة”: إنّ “الهجوم الأمني الذي تم على أناس عُزَل في الأميرية بالقاهرة سببه عودة جثث لضباط مصريين تم قتلهم في ليبيا، وهم يحاربون مع مليشيات حفتر الملاحقة من الجنائية الدولية". وأضاف: “عاد لمصر أمس وأول أمس عدد كبير من الجثث.. خزي وعار أن يتحول جيش مصر لمرتزقة تؤجرها أموال عفنة ليُسفك دم عربي”.
وقد تشهد الأيام المقبلة تطورات نوعية، حال إحكام "الوفاق" سيطرتها على قاعدة "الوطية" الجوية، جنوب غرب طرابلس، التي تضم غرفة عمليات رئيسية، ومخازن أسلحة ومحطة وقود ومهبطا للطيران ومدينة سكنية وطائرات حربية، بينها طائرات إماراتية مسيرة، ويتردد أن بداخلها ضباطا مصريين وإماراتيين.
وأكد خبير القانون الدولي أن "عملية الأميرية التي تم بها قتل مدنيين عزل ستتكرر؛ لأن عدد الجثث العائدة من ليبيا يزيد عن التوقعات"، وقال إنّ "التغطية الإعلامية المكثفة من إعلام النظام في مصر والتي تحدث لأول مرة بأحداث الأميرية بالقاهرة لدرجة مرافقة كاميرات الفضائيات للحملة العسكرية هدفها الإلهاء والتغطية، فمن جهة أعداد موتى فيروس كورونا أصبحت أكبر من التستر، ما يلزم الإلهاء والتغطية على جثث عائدة من ليبيا" .
وختم بالقول: "لكل فرد في جيش مصر باتت هزيمة الإمارات والسعودية ومن خلفهم إسرائيل التي تمتطيهم وتركبهم جلية في اليمن وفي ليبيا، وأصبح عارا على العسكرية المصرية إبقاء السيسي ومن معه الذين هم دمى صنعتهم إسرائيل بمال الإمارات والسعودية لبيع أرض مصر وحرق سيناء وجعل جيشها مرتزقة".
وهناك تسريبات عن وجود عشرات الضباط والمستشارين العسكريين المصريين والإماراتيين والفرنسيين الداعمين لحفتر محاصرين فى قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس، وأن حكومات هؤلاء تضغط على تونس لتهريبهم برا عبر الحدود لصعوبة انتشالهم جوًا.. فهل ستسبق قوات الوفاق وتحّولهم لأسرى وقتلى أم سيهربون؟.
مليشيات حفتر
وأكّد تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية، أن الميليشيات غير الشرعية التي يقودها الانقلابي خليفة حفتر، تعرضت إلى نكسة غير مسبوقة منذ وقف إطلاق النار، في 12 يناير الماضي.
وأشار التقرير إلى أن النكسة تمثلت عندما اقتحمت قوات الحكومة الليبية قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية (140 كلم جنوب غرب طرابلس)، ولم تنسحب منها إلا بعدما أسرت 27 عنصرا من مليشيات حفتر، بينهم طيارون وتقنيون، بهدف شل نشاطها وليس السيطرة عليها.
وفي نفس اليوم، أطلقت قوات الوفاق عملية "عاصفة السلام"، التي تمثل مرحلة جديدة بعد عملية "بركان الغضب"، والتي كان دورها الرئيسي الدفاع عن العاصمة، في حين أن العملية الجديدة هدفها الانتقال إلى مرحلة الهجوم بعد الدفاع.
وبحسب الوكالة، شملت الهجمات مختلف المحاور جنوبي طرابلس (مثل الأحياء البرية والكزيرما والطويشة والرملة، ووادي الربيع والزطارنة)، ولكن الهجوم الرئيسي والمفاجئ كان على قاعدة "الوطية"، مركز غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة لمليشيات حفتر.
ولم تكتف قوات الوفاق بأسر عناصر حفتر في قاعدة الوطية، وقتل عدد منهم وتدمير عدة آليات وطائرة على الأرض، بل أعادت في اليوم التالي الإغارة عليها جوا، بعد أن تراجع نشاط سلاح جو الوفاق في الأشهر الأخيرة.
وكرر طيران الوفاق القصف الجوي، الجمعة، لليوم الثاني على التوالي، حيث أقرت صفحات موالية لحفتر بمقتل 3 عناصر مسلحة من قبيلتي الرجبان والرياينة.
لذلك شكل اقتحام قوات الوفاق لقاعدة الوطية، أحد أكبر انتصاراتها منذ هجومها على مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)، في 26 يونيو 2019، والتي اتخذتها مليشيات حفتر منذ أبريل 2019 مركز عملياتها الرئيسية للسيطرة على طرابلس.
كما شمل الهجوم مناطق موالية لحفتر واقعة بين بلدة سوق الخميس (45 كلم جنوب طرابلس) ومدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، وفي منطقة الهيرة، شمال غريان، مما يعني أن ميدان المعركة اتسع بشكل غير مسبوق منذ إعلان وقف إطلاق النار في 12 يناير الماضي.
وفي محاولة لرفع معنويات عناصره بعد أن كادوا يفقدون غرفة عمليات المنطقة الغربية بقاعدة الوطية، هاجمت قوات حفتر منطقة أبو قرين، التي تعد خط الدفاع الأول عن مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، التي تملك أقوى الكتائب عددا وعدة وأكثرها تنظيما.
تقول الناشطة هناء عليوة: "من كام شهر قوات إماراتية ومصرية راحت ليبيا لتساعد الانقلابي حفتر في وضع الخطط لإسقاط طرابلس. اليوم كل ما يأمله ابن زايد والسيسي هو أن لا يقع هؤلاء الضباط أسرى في يد قوات حكومة الوفاق، ويحاولان نقلهم إلى مناطق آمنة بأسرع وقت، وبأي طريقة كانت".