شاهد.. خبراء: الانهيار التاريخي لعقود النفط الأمريكي درس في الجشع

- ‎فيتقارير

لم تدم انتعاشة أسعار عقود النفط الأمريكي إلا قليلا لتعاود الهبوط إلى ما دون الصفر مرة أخرى في تعاملات اليوم؛ ليواصل الخام انتكاسته لليوم الثاني على التوالي.

أرقام جددت النظرة السلبية لسوق النفط، رغم محاولة الرئيس دونالد ترمب أمس التقليل من شأن تداعيات الانهيار التاريخي في سعر النفط الأمريكي، مؤكدا أنه قصير الأجل وناجم عن ضغوط مالية.

وكانت السوق الأمريكية قد شهدت جلسة تداول عاصفة تدهور فيها سعر برميل الخام تسليم شهر مايو إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ؛ ما يعني استعداد المستثمرين للدفع في سبيل التخلص من مخزون الخام بعد انقضاء مهلة عقود الشهر وامتلاء منشآت التخزين بشكل هائل خلال الأسابيع الأخيرة.

لكن الانخفاض المتواصل في أسعار النفط يعود بالأساس إلى تداعيات تفشي فيروس كورنا الذي أجبر مليارات البشر على البقاء في منازلهم، كما أجبر حركة التجارة العالمية على التوقف؛ ما أحدث تخمة هائلة في المعروض مقابل تراجع الطلب، فضلاً عن حرب الأسعار السعودية الروسية الدائرة.

الدكتور نهاد إسماعيل، المحلل الاقتصادي، قال إن انخفاض أسعار النفط ليس نهاية العالم بل أزمة عميقة مؤقتة، ومن المتوقع خلال شهرين أو ثلاثة أن يتم القضاء والتخلص من فيروس كورونا ثم يتوقع أن تعود الحياة الطبيعية تدريجيًّا وتبدأ عجلة الاقتصاد في التحرك من جديد.

وأضاف إسماعيل – في مداخلة هاتفية لبرنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين": "العالم الآن لا يعمل فلا طائرات أو سيارات تتحرك والمصانع متوقفة وهناك تقييدات كثيرة على حركة الناس، ما تسبب في بطء الحركة الاقتصادية وتراجعها وباتت أغلب الاقتصاديات العالمية مهددة بالكساد على غرار ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي".

وأوضح إسماعيل أن تجاهل قادة العالم للتحذيرات في البداية وراء تدهور الأزمة، مضيفا أن قادة العالم يسعون الآن لبث التفاؤل في نفوس شعوبهم، ويريدون البعد عن الصورة القاتمة التي تتوقع انتهاء اقتصاد العالم، متوقعا أن تصل نسبة البطالة إلى 50%، لكن على الرغم من ذلك يوجد ضوء في نهاية النفق ستظهر نتائجه بالقضاء على فيروس "كورونا".

وحول تأثير تراجع أسعار النفط على السعودية، أوضح إسماعيل أن هناك اتفاقًا غير معلن بين روسيا والسعودية لإخراج النفط الصخري من المعادلة النفطية، مضيفًا أن السعودية قبل عام ذكرت أنها تحتاج إلى سعر 84 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن بين الإيرادات النفطية وبين الإنفاق الحكومي على الصحة والتسلح والتعليم والمرافق العامة وغيرها، والآن بعد انخفاض الأسعار تبنت السعودية سياسة التقشف خلال الفترة الأخيرة.   

https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/861230121024652

الاقتصاد المعولم

بدوره رأى الدكتور مصطفى يوسف، الاستشاري الاقتصادي، أن هناك إشكالية قديمة تحدث فيها فرانسيس فوكياما في الثمانينيات بشأن نهاية التاريخ وسيادة الاقتصاد المعولم وهو النموذج الذي نراه الآن، وهو أحد تجليات الجشع.

وأضاف يوسف، في مداخلة هاتفية لبرنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أنه كان هناك إرهاصات للوضع الحالي في 2008 و2009 ودق الكثير من الخبراء نواقيس الخطر لكن لم يستمع أحد، وانفلت قطار العولمة دون أن يراعي الاقتصاد بأبعاده الإنسانية، موضحًا أن الاقتصاد والنشاط التجاري هو لخدمة الإنسان وليس العكس.

وأوضح يوسف أن الدول المتقدمة تستثمر في الإنسان، بداية من القطاع الصحي والتعليم وتضييق الفوارق بين الطبقات، مضيفًا أن هناك العديد من المراكز البحثية التي تنبأت بهذه الأزمة ووضعت سيناريوهات لكن السياسيين وأصحاب المال والأعمال لا ينصتون، وكل اهتمامهم ينصب على المدى القصير.

وأشار يوسف إلى أن الرئيس الأمريكي ترمب يسعى بصورة أساسية إلى إعادة انتخابه، وبالتالي فهو يريد فك الحظر وتخفيف إجراءات التباعد الاجتماعي؛ لأن عودة الاقتصاد يصب في مصلحة الداعمين لحملته الانتخابية حتى لو ترتب عليه اندلاع حرب أهلية بين الجمهوريين والديمقراطيين.

ونوَّه إلى أن هناك عددًا من السياسيين يؤمنون أن الاقتصاد والأعمال لخدمة البشر، مثل أنجيلا ميركل، وجاستن ترودو رئيس وزراء كندا ورئيسة وزراء نيوزيلندا وتركيا أيضا تعد نموذجا جيدا، متوقعا اختفاء وظائف من العالم إذا لم يتدخل السياسيون والمشرعون لصون حقوق الطبقة الفقيرة.

https://www.facebook.com/mekameeleen.tv/videos/249130566204095