أثار ظهور إصابات بفيروس كورونا بين الأطقم الطبية والعاملين المساعدين بمستشفيات عزل المصابين في مصر، تساؤلات عدة حول الإجراءات الصحية المتبعة في تلك المستشفيات وفشل إدارات الطب الوقائي والتحكم في العدوى بالمحافظات.
الإصابات المتزايدة بين أفراد الأطقم الطبية دفعت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب إلى إغلاق عدد من مستشفيات العزل وخروجها من الخدمة، وتوقفت كل من مستشفى النجيلة في محافظة مطروح، ومستشفى إسنا في محافظة الأقصر، عن استقبال مرضى جدد منذ 6 أيام، بعد اكتشاف أكثر من 25 حالة إيجابية بين الطاقم الطبي والعاملين في النجيلة، نتج عنها وفاة عامل وممرض، وإصابة طبيب واثنين من طاقم التمريض في إسنا.
تهديد الأطباء
وقالت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء سابقا، إنها لن تخاف أو تسكت ردًا على بلاغ يتهمها بإثارة الفتنة بعد حديثها عن ضعف إمكانيات وزارة الصحة بحكومة الانقلاب في مواجهة فيروس كورونا.
وكان المحامي طارق محمود قد تقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهمها فيه بإثارة الفتنة وتعمد نشر أخبار كاذبة، والتشكيك في المنظومة الصحية والإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا.
وقالت مينا، عبر صفحتها الرسمية على “فيس بوك”: “لن أخاف أو أسكت عن كشف أي قصور في الالتزام بتوفير وسائل الحماية للأطباء والأطقم الطبية، وتتبع العدوى في أي مكان، وعزل المخالطين والتحليل لهم؛ لأن دي الوسيلة الوحيدة لمحاصرة العدوى”.
وأضافت: “أنا آسفة جدا، في الأزمة الخطيرة اللي بتمر بيها بلدنا وفي القلب منها الأطقم الطبية مش ممكن هقدر أسكت”.
https://www.facebook.com/%D8%AF-%D9%85%D9%86%D9%89-%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A7-Dr-Mona-Mina-189959277714223
ضعف التدريب
بدوره قال مصدر مطلع في وزارة الصحة، إنّ ظهور إصابات داخل مستشفيات العزل يرجع إلى ضعف تدريب الأطباء وطاقم التمريض على طريقة التعامل مع المصابين والمتوفين بصورة آمنة.
وأضاف المصدر، في تصريحات للعربي الجديد، أن التحقيقات الداخلية التي أجريت في مستشفيي النجيلة وإسنا، كشفت أنّ انتقال العدوى جاء بسبب الاحتكاك المباشر بأجساد المصابين بعد وفاتهم، سواء أثناء محاولة الإنعاش أو الكشف المؤكد للوفاة، أو عند نقل الجثمان توطئة للدفن.
وكشف المصدر عن أنّ مستشفيات العزل تفتقر لآلية الرقابة السليمة، منذ دخولها الخدمة في أول مارس الماضي، مضيفا أن مستشفى النجيلة لم تشهد أي زيارة تفتيش أو رقابة منذ منتصف الشهر الماضي، كما لا تخضع باقي المستشفيات للتفتيش الدوري، إما لتخوف المسئولين من العدوى، أو لبعد المسافات بين المحافظات.
السيسي واللقطة
من جانبه قال الدكتور مصطفى جاويش، المسئول السابق بوزارة الصحة، إن هناك زيادة في أعداد الإصابات اليومية بفيروس كورونا، يصاحبها زيادة في أعداد الإصابات في صفوف الأطقم الطبية، والتي كان آخرها مستشفى التأمين الصحي بالمنصورة ومستشفيات العزل الطبي مثل مستشفى النجيلة وإسنا والتي خرجت من الخدمة بسبب القصور في الإجراءات الطبية، ونقص الواقيات وأدوات الحماية من العدوى.
وأضاف جاويش، في مداخلة هاتفية لقناة “الجزيرة مباشر”، أن السيسي زعم أنه عقد اجتماعا مع وزيرة الصحة وأطباء مستشفيات العزل عبر تقنية الفيديو، ووجه بتوفير كل الأدوات والإمكانيات اللازمة لهم، ما يؤكد وجود أزمة حقيقية داخل تلك المستشفيات، وأنها كانت في انتظار السيسي المنقذ لإصدار التعليمات بحلها.
وأوضح جاويش أن وزيرة الصحة أعلنت منذ فترة أن 30% من مرضى كورونا يتوفون قبل الوصول إلى المستشفيات، واليوم أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن 20% من الحالات تتوفى فور وصلها لمستشفيات العزل، وبالتالي فإن 50% من حالات الوفاة بكورونا تأتي بسبب عدم وجود تشخيص مبكر؛ لأن وزارة الصحة لا تقوم بفحص المخالطين جيدا أو التقصي الوبائي الجيد لاحتمالات الإصابة أو الكشف على أطباء مستشفيات العزل أنفسهم، بالإضافة إلى الاعتماد على جهاز الكشف السريع غير المعترف به من منظمة الصحة العالمية.
إضراب ممرضات المنصورة
وأعلنت ممرضات مستشفى المنصورة للتأمين الصحي بمحافظة الدقهلية إضرابهم عن العمل، أمس الثلاثاء، احتجاجا على رفض سلطات الانقلاب إجراء الفحص الطبي لهن، عقب إصابة خمسة من الأطباء، وعزل عدد من أفراد الطاقم الطبي للاشتباه في إصابتهم.
وقد أظهرت نتيجة التحاليل إصابة خمسة أطباء من قسم عناية القلب في مستشفى المنصورة ونقلوا إلى المستشفى المخصصة للعزل في محافظة الدقهلية، الاثنين، ما دفع الممرضات إلى الإضراب عن العمل، فيما تعاني ثلاث ممرضات من ارتفاع في درجة الحرارة، وبعض الأعراض المصاحبة للإصابة بفيروس كورونا، ما دفع إدارة المستشفى إلى عزلهن.
وفي السياق ذاته، قرر رئيس جامعة المنصورة، أشرف عبد الباسط، إغلاق مبنى الباطنة في المستشفى الجامعي، والذى يضم خمسة أقسام هي الأعصاب، والأمراض المتوطنة، والصدر، والجلدية، والعزل، مع عزل جميع الأطقم الطبية بداخله بعد اكتشاف 9 إصابات بفيروس كورونا بين الأطقم الطبية في المستشفى.
وأوضح مدير مستشفى جامعة المنصورة، الشعراوي كمال، أن “إحدى المريضات وصلت إلى قسم الأعصاب يوم الأربعاء الماضي، وكانت درجة حرارتها مرتفعة، وبعد الفحص تبين إصابتها بفيروس كورونا، ونقلها إلى مستشفى العزل”، متابعا “تم فحص المخالطين لها بالقسم على دفعتين، وتبين إصابة 9 من طواقم التمريض، ونقلهم جميعاً إلى مستشفى العزل”.
ارتفاع أعداد الإصابات
وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب، أمس الثلاثاء، تسجيل 260 إصابة جديدة بفيروس كورونا، فضلا عن 22 وفاة إضافية، في أعلى حصيلة يومية منذ ظهور المرض في البلاد، ليصل إجمالي الإصابات إلى 5042، وإجمالي الوفيات إلى 359، في حين ارتفع عدد المتعافين إلى 1304، عقب تعافي 68 مصاباً.
وكشف بيان الوزارة عن أنه “من خلال عمل اللجنة المشكلة بقرار من وزيرة الصحة بشأن البحث والتقصي عن أسباب ارتفاع الوفيات من جراء فيروس كورونا، تبين أن 17 وفاة من إجمالي وفيات اليوم وأمس، توفوا قبل الوصول إلى المستشفيات، وأن 30 في المائة من الإجمالي توفوا قبل الوصول إلى المستشفيات، وأن 20 في المائة توفوا خلال 48 ساعة من وصول المستشفيات، نظرا لتأخر حالتهم الصحية عند الوصول.
ويعد ذلك اعترافا رسميا من الوزارة بعدم تلقي 50 في المائة من حالات الوفاة أية رعاية طبية، على خلفية بروتوكول وزارة الصحة الذي يشترط إجراء تحليل (PCR) عند ظهور الأعراض على المخالطين، بخلاف المتبع في دول العالم التي تجري التحليل لكافة المخالطين فور ظهور إصابة.