وسط أجواء الاختلافات وتبادل الاتهامات ثمة محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أطلقت الأمم المتحدة مبادرتين لدعم استجابة العالم لمكافحة كورونا، وحث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسيوس على التضامن، ويقول إنه لا يمكن التغلب على الجائحة ما لم تتحد دول العالم، لكن المنظمة الدولية التي تعرضت لانتقادات حادة من واشنطن، وصلت إلى درجة تعليق المساعدات الأمريكية في تمويلها، لم تكن بعيدة عن أجواء الاتهامات المتبادلة.
وقال جيبريسيوس: إنه كان يتعين على الدول اتخاذ كل تدابير الصحة العامة عندما أعلنت المنظمة، في نهاية يناير، أن فيروس كورونا المستجد يتطلب حالة طوارئ قصوى.
وتتواصل الجهود الدولية للتضامن الدولي دون تظهر أمارات استجابة واضحة، ولم تكن تلك الدعوة الأولى لمنظمة الصحة العالمية التي قال مديرها إن الجائحة لا تزال بعيدة عن الانتهاء في العالم.
تضامن حتمي
التضامن بين دول العالم، بحسب تيدروس أدهانوم، هو أهم عامل في محاربة فيروس كورونا المستجد، وكانت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، قد أعلنت عن مبادرتين لدعم استجابة العالم لمكافحة كورونا، وطالبت في الوقت نفسه مجموعة العشرين بالمساعدة لسد الثغرات المالية لدى البلدان النامية التي تواجه الفيروس.
مقابل تلك الدعوات تبدو الجائحة هي المستفيدة من غياب التضامن العالمي المنشود، متجاوزة بعدد ضحاياها مائتين و11 ألفا، فضلا عن أكثر من 3 ملايين إصابة معلنة، وتتعاظم الأرقام وتتصاعد دعوات التضامن دون أن يتضح من سيتلقفها بالتصعيد والمبادرة.
الحال بين الدول المعنية لا تسر، اتهامات ومطالبات بالتحقيق وتوتر بلغ أوجًا مزعجًا وغير مسبوق، وخاصة بين قطبي كورونا بلد المنشأ الصين والولايات المتحدة الأكثر تضررا من الوباء.
وقال الرئيس الأمريكي: إن الصين كان بوسعها بكثير من الطرق وقف تفشي كورونا قبل أن يجتاح العالم ملوحًا بما وصفها بتحقيقات جادة تجريها إدارته، واتهم مسئولون بإدارته الصين بإرسال أجهزة رديئة للكشف عن العدوى إلى الولايات المتحدة وبأن بيجين أخفت أمر انتشار الفيروس 6 أسابيع.
اتهامات متبادلة
“أكاذيب مكشوفة”، هكذا رد المتحدث باسم الخارجية الصينية على اتهامات واشنطن، مضيفا أن المسئولين الأمريكيين يهدفون فقط إلى التهرب من مسئوليتهم عن الإجراءات الرديئة للوقاية والسيطرة على الوباء لصرف أنظار العامة، حسب قوله.
سجال لا يبدو معه حلم التضامن المنشود قريب التحقق، فضلا عن بقاء تفاصيل كثيرة تحت عنوان التضامن الدولي تبقى بحاجة إلى تحديد، فهل سيقتصر التضامن إن بدت بشائره يوما على توفير معدات الوقاية والعلاج كالكمامات وأدوات الفحص وأجهزة التنفس وغيرها، وهي عناصر لم يخل تبادلها دوليا من استعراض منها أو سطو واستيلاء من هناك، أم أن مفهوم التضامن يفترض أن يمتد لمداواة التداعيات الكارثية للجائحة، خاصة في الدول الفقيرة، والتي لم تتجل فيها بعد كل مظاهر الارتدادات الاقتصادية للوباء الفتاك؟.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنه لا بد لدول العالم أن تدعم منظمة الصحة العالمية التي تقود الجهود الدولية لمواجهة كورونا، من خلال تقديم الإرشادات الطبية، مضيفا أن هناك اختلافا في وجهات النظر بين عدد من البلدان، معربا عن أمله في تتحاور البلدان فيما بينها؛ لأننا بحاجة إلى الوحدة في مواجهة هذا الوباء.
وأضاف دوجاريك، في مداخلة هاتفية لقناة “الجزيرة”، أن هناك مؤشرات بشأن حدوث تضامن جيد، وهناك الكثير من الإسهامات القيمة في مبادرات الأمم المتحدة، ونأمل أن نرى البلدان تساعد بعضها من خلال إرسال الطواقم الطبية ومعدات الحماية الشخصية.
وأوضح دوجاريك أن المهم الآن أن نركز في كيفية تعاطينا مع العالم بعد انتهاء أزمة كورونا، وكيف سنعيد بناء الاقتصاديات بشكل أفضل، وأن تكون اقتصاديات صديقة للبيئة لتحقيق مبدأ التضامن الدولي.
وأشار دوجاريك إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أطلق عددًا من المقترحات، أولا خطة إنسانية مباشرة، وتشكيل صندوق تضامن لمساعدة البلدان ذات الدخول المنخفضة في مواجهة أزمة كورونا.
وأشار إلى أن العالم بعد كورونا لا بد أن يشهد وقفًا شاملا لإطلاق النار، فلا يمكننا أن نقاتل الفيروس ونحن نتقاتل فيما بيننا، كما يجب التركيز على أوضاع الأطفال وحقوق الإنسان والنساء والمسنين خلال فترات الحظر والإغلاق.