قرار السلطات الألمانية فتح أبوابها للمصلين في المساجد من جديد بالتزامن مع قرار السلطات الألمانية تخفيف قيود الإغلاق في عدد من المقاطعات، بعد تراجع عدد الإصابات والوفيات، بفيروس كورونا المستجد، لكن وفق شروط وضوابط خاصة، يمثل إحراجًا لحكومات البلاد (الإسلامية) التي لا تزال تصر على غلق المساجد، في الوقت الذي تسمح فيه بأنشطة متعددة تشهد ازدحامًا كبيرًا دون أي حديث عن العدوى والوباء!.
وبثت قناة “دوتشه فيله” الألمانية، السبت 09 مايو 2020، أجواء أول أيام عودة بيوت الله في ألمانيا لاستقبال المصلين، وفق ظروف خاصة، ترتكز أساسا على قواعد التباعد الاجتماعي الصارمة، حيث استقبل مسجد مدينة برلين عشرات الأشخاص من أجل أداء صلاة العشاء، لكن الأجواء مختلفة تماما في المسجد كما كانت عليه سابقا، خاصة في رمضان.
وفرضت السلطات مسافة مترين بين كل مصل وآخر، كما فرضت على كل شخص الصلاة على سجادة خاصة توضع على السجاد الكبير. بالإضافة إلى ذلك، فإن المصلين ظهروا وهم يرتدون الكمامات، وعدد منهم فضل أيضًا ارتداء قفازات للأيدي، من أجل مضاعفات الإجراءات الاحترازية، وتفادي انتقال الفيروس بين المصلين.
قرار السلطات الألمانية تسبب في فرحة عارمة بين الجاليات المسلمة، معبرين عن سعادتهم الكبيرة بهذا القرار، الذي انتظروه منذ عدة أسابيع من الإغلاق. يقول أحد المصلين: إن “شعوره لا يوصف، الحمد لله الذي أكرمنا وأعادنا إلى المساجد، إن شاء الله تنفرج الأمور أكثر من هكذا وتعود إلى ما كانت عليه، ونعود بأعداد أكبر مما هو عليه الآن”.
عودة المصلين للمساجد جاءت بعد أن تعهدت العديد من الجمعيات المسلمة في ألمانيا بالحفاظ على إجراءات السلامة داخل المساجد، والتي يتم اعتمادها في جميع المرافق العامة في البلاد.
وفي الوقت الذي ما زالت تغلق فيه العديد من الدول العربية أبواب مساجدها خوفا من انتشار الفيروس، فإن موريتانيا فتحت أبواب مساجدها لصلاة الجمعة. حيث أعلنت الحكومة الموريتانية، الأربعاء الماضي، عن بدء تخفيف إجراءاتها الاحترازية التي سبق أن أعلنتها للحيلولة دون تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). الوزير الأمين العام للحكومة، أنيانغ جبريل، قال إن الحكومة اتخذت عددا من الإجراءات للتخفيف التدريجي من هذه الإجراءات ابتداء من الخميس.

قمع ديني بدعوى مكافحة العدوى
وفي مشهد تمثيلي قبل أسابيع، وقف طاغية العسكر عبد الفتاح السيسي، رئيس الانقلاب، أمام شاشات التلفاز مبررًا غلق المساجد بعد جائحة فيروس كورونا، قائلا «الناس اللي بتفكر يعني الصلاة بالمسجد وصلاة التراويح وكل الكلام دة صدقوني الفيروس هذا إرادة ربنا، وربنا سبحانه وتعالى أراد يكون تأثيره على البشرية كلها”.
وتابع: “الناس اللي بتحب تصلي وتتعبد في المساجد في رمضان، معلش الشهر ده، ودة مش رأي ديني، دة رأي طبي وديني، المصلحة تقتضي مننا إن إحنا نكون موجودين بآلية العزل اللي متحركين فيها وعدم الاختلاط بما فيها المساجد خلال الشهر القادم”. وزاد: “بكرة تشوفوا ربنا سبحانه وتعالى موجود معانا وبيساعدنا لأن إحنا نستحق المساعدة، نحن بمصر قيادة وحكومة تستحق المساعدة، بأخلاقيتها وحرصها على أمن وسلامة وتقدم أهلها بمصر”.

وانتقد كثيرون كلام السيسي من زاويتين: الأولى أن السيسي سمح بكثير من التجمعات، فجميع أطقم مسلسلات رمضان لم تتوقف ساعة واحدة من أجل إنهاء هذه الأعمال الدرامية رغم مشاركة المئات فيها من ممثلين ومصورين وفنيين وكومبارس وسيارات لنقل المعدات والأشخاص وغير ذلك. بل إن نظام السيسي اتخذ قرارات أدت إلى تزاحم كبير مثل منحة الــ500 جنيه التي شهدت تجمعات كثيرة تصل إلى عدة مئات، وكذلك صرف الرواتب والمعاشات والأسواق والمترو والنقل العام وسيارات الأجرة التي تشهد تكدسا لا يخفى على أحد.
ويصر النظام أيضا على إجراء امتحانات الثانوية العامة مع تقليل العدد في كل لجنة ليصل إلى 14 بدلا من 30 طالبا. ورد أحد المغردين على هذيان السيسي قائلا: “طيب وكورونا مش جند من جنود ربنا في المترو والمواصلات والعاصمة الإدارية وتصوير المسلسلات، ده كورونا طلع جند مؤمن من جنود ربنا عشان كدة قاعد في المساجد بس”.
الثاني: هو ادعاء السيسي أن نظامه يستحق المساعدة من الله! فبأي شيء يرى السيسي في نفسه وفي نظامه الدموي ذرة من إيمان يستحق بها المعونة من الله؟! فمن قتل آلاف المصريين الركع السجود وأحرق جثث بعضهم في مذبحة رابعة والنهضة؟ ومن زج بعشرات الآلاف من الأبرياء في السجون بتهم ملفقة وعلى رأسهم الرئيس المنتخب وأركان حكومته؟ ومن خان وغدر برئيسه الذي رقاه وعينه وزيرا للدفاع؟ ومن مزق النسيج المجتمعي للشعب المصري وجعله شعبين ونشر فيروس الكراهية والعنصرية والتمييز بين المصريين؟ من استضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم وينشر الفساد في الأرض؟ أليس هو السيسي حليف الصهاينة وخدام الأمريكان؟!
لماذا يحرمون التضرع إلى الله؟!
وامتدت القرارات المشينة إلى مخبر الأوقاف محمد مختار جمعة، الذي أبدى طاعة مطلقة لأوامر وتوجيهات السيسي وأجهزته الأمنية بشأن غلق المساجد، فقرر فصل أي إمام يقرر صلاة الجماعة أو الجمعة حتى لو راعى الضوابط الصارمة في التباعد الاجتماعي.
وتجاوز الوزير الأمنجي حدوده بمنع حتى الصلاة فوق المنازل وفي الحقول لعدد محدود من الناس، ثم تمادى أكثر بمنع حتى قراءة القرآن الكريم قبل المغرب في إذاعة المساجد، ثم تراجع عنه لاحقا بعد ضغوط شعبية هائلة.
بل ذهب أحد أئمة الأوقاف المقربين من جمعة إلى حد تحريم التضرع الجماعي إلى الله من أجل رفع البلاء، في مشهد عبثي ينافي ما دعت إليه آيات القرآن الكريم حول وجوب التضرع إلى الله في أوقات البلاء، كما ورد في سورة الأنعام: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43)}.
وهل هناك قلوب أشد قساوة من قلوب السيسي وأجهزته الذين استحلوا دماء المسلمين وزجوا بمئات الآلاف في السجون بتهم ملفقة؟ بل بسبب أمثال هؤلاء عم البلاء على الجميع، ولن يرفع إلا برفع الظلم وإقامة العدل في الأرض، ووضع حلول دولية دائمة لأزمات ملايين اللاجئين الذين شردهم الطغاة، ومئات الآلاف من المعتقلين الذين يئنون كل يوم من الألم والظلم.