لماذا تقلّص دور مصر في ليبيا وسط وجود تركيا؟

- ‎فيتقارير

نشر موقع “TRT” التركي تقريرا حول الأوضاع في ليبيا والتطورات العسكرية على الساحة الليبية، والخيارات المصرية في مواجهة التفوق العسكري لحكومة الوفاق الليبية وتراجع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وقال التقرير، الذي ترجمته “الحرية والعدالة”، إن خيارات مصر تقلصت إلى مجرد مراقب في النزاع الليبي، بعد أن غيرت الطائرات التركية بدون طيار- التي زودت بها تركيا حكومة طرابلس المعترف بها من قبل الأمم المتحدة- معادلة ساحة المعركة.

وأضاف التقرير أن حركات الربيع العربي هزت الشرق الأوسط من خلال السعي إلى إنهاء الأنظمة الاستبدادية، وعلى الرغم من أنها لم تتمكن من توجيه ضربة قاتلة لهياكل السلطة الضيقة القديمة، إلا أنها مهدت الطريق لدعوات محتملة لتغيير النظام، مضيفا أن الحرب الأهلية الليبية، والانقلاب العسكري المصري الذي أطاح بأول حكومة منتخبة ديمقراطيا في البلاد إلى جانب رئيسها في أغسطس 2013، هما نتاجان مهمان للربيع العربي.

وأوضح التقرير أن سلطات الانقلاب العسكري في مصر دعمت زعيم الحرب خليفة حفتر- الذي يطمح إلى أن يكون القذافي القادم للبلاد- في الحرب الأهلية الليبية الدموية ضد حكومة الاتفاق العام التي تقودها الأمم المتحدة المدنية.

وأرجع التقرير الموقف المصري إلى أن مصر، لطالما كانت مثل الممالك الغنية في الخليج، قلقة بشأن تمكين الحكم الديمقراطي في الشرق الأوسط، حيث تستثمر عواصمها السياسية على رجال أقوياء مثل حفتر وبشار الأسد في سوريا.

وأشار التقرير إلى أن التطورات الأخيرة في ليبيا، عقب نشر تركيا بكفاءة لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار المطورة حديثاً في خدمة حكومة طرابلس الشرعية، أدت إلى تغيير المعادلة السياسية ضد الجيش الوطني الليبي الذي كان يُعد حفتر بشكل غير متوقع، وقد أدى ذلك إلى زعزعة استقرار الحكام المستبدين في الشرق الأوسط مثل عبد الفتاح السيسي في مصر.

ونقل التقرير عن حمزة زوبع، المحلل السياسي والصحفي المصري، قوله إن “الحكومة الشرعية نجحت في وقف عدوان (حفتر)، حيث بدأت في تحرير بقية البلاد من العسكريين الأقوياء مثل حفتر وحلفائه مصر والسعودية والإمارات”.

معضلة مصرية في ليبيا

ويعتقد زوبع، الذي أكد بشكل خاص العلاقات الأخوية بين البلدين في شمال إفريقيا، وهي رابطة تعود إلى قرون مضت، أن مصر لا تستطيع أن تفعل شيئا حيال حظوظ حفتر المعكوسة، وقد حاصرت مليشيات زعيم الحرب طرابلس منذ أشهر، وتحسب أن النصر الكامل كان في متناولهم.

وبعد خسائر كبيرة في شمال غرب ليبيا فرّ مقاتلو الجيش الوطني الليبي، وشوهد حفتر يسعى للحصول على دعم من مصر، فقد زار القاهرة الأسبوع الماضي لمناقشة الوضع السياسي الحساس مع السيسي، وقد التزمت القاهرة الصمت مؤخرا بينما كان حليفها يفقد أرضا حرجة في ضواحي طرابلس.

وأضاف زوبع “إذا ما انخرط جيشنا في حرب مع (حكومة طرابلس الشرعية)، أعتقد أن ذلك سيكون كارثيا بكل الوسائل. الجيش المصري يعرف أنه سيكون فشلا كبيرا”.

في الآونة الأخيرة، انتشرت شائعات بأن مصر يمكن أن ترسل جيشها لمساعدة حفتر. لكنّ زوبع وخبراء آخرين يعتقدون أنه من غير المرجح تماما؛ بسبب تناقص النفوذ السياسي للقاهرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وتراجع اقتصادها.

وأوضح زوبع أنها “ليست مؤهلة لشن حرب (واسعة النطاق) في مكان مفتوح، وهي ليست أرضنا، لقد تدافعنا في سيناء لسنوات”، في إشارة إلى الحملة التي لا نهاية لها التي قام بها الجيش المصري ضد الجماعات المسلحة في المناطق الصحراوية.

وكتب محمد أبو الفضل، المعلق الموالي للحكومة، “إذا كانت حملة الجيش ضد الجماعات الإرهابية داخل سيناء قد استغرقت كل هذا الوقت، فعندئذ يمكننا أن نتصور الوقت الذي سيستغرقه مواجهتها في ليبيا، خاصة عندما يكون لديك حدود برية وبحرية طويلة ومفتوحة مع ليبيا، وتركيز جيد للتنظيمات المتطرفة التي تواجهها”.

وبالإضافة إلى مشاكلها السياسية والاقتصادية الداخلية، تواجه القاهرة أيضا مشكلة متزايدة مع إثيوبيا، وفي قلب النزاع إطلاق إثيوبيا لمشروع سد كبير للسيطرة على مياه نهر النيل القديم، الذي تم التعرف عليه منذ فترة طويلة مع مصر.

إذا تم تنفيذ مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير بنجاح، والذي سيكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا عند اكتماله، فقد يشهد تحول إثيوبيا إلى الجهة الفاعلة الرئيسية في السيطرة على تدفق نهر النيل، مصدر المياه العذبة الوحيد في مصر، مما يحد من وصول القاهرة إليه.

السيسي يطالب بوقف إطلاق النار

ورأى زوبع أن هناك فرقا بين التدخلات التركية والمصرية في ليبيا، مضيفا أن “تركيا لا ترسل قواتها إلى ليبيا، وهي ترسل خبراء تقنيين وعسكريين مزودين بأسلحة متقدمة، تعمل بشكل جيد حتى الآن، لتنفيذ مهمتها ضد المرتزقة”.

وتابع “لقد شهدنا إخفاقات كافية منذ عام 2013. أحب أن أرى السلام، لكنني أعرف أن الجنرالات (الاستبداديين) لن يصنعوا السلام. إنهم يريدون المال والسلطة وإراقة الدماء”.

وأردف زوبع: “إكرام الميت دفنه”، مما يعكس التطور السريع للظروف العسكرية في ليبيا وجهود وقف إطلاق النار التي يبذلها حلفاء حفتر.

ولكن حتى الجنرالات والأقوياء، الذين لديهم القدرة على تقييم أن الفشل وشيك، قد يضطرون إلى صنع السلام مع أعدائهم.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، أطلق السيسي مع حلفائه الخليجيين دعوى من أجل السلام، بينما كان حفتر يخسر بلدة تلو المدينة في غرب ليبيا.

وقال السيسي، في مؤتمر صحفي يوم السبت: إن “هذه المبادرة تدعو إلى احترام جميع الجهود والمبادرات الدولية من خلال إعلان وقف إطلاق النار من الساعة 6 مساءً [16:00 بتوقيت جرينتش] الاثنين 8 يونيو 2020.

وأشاد أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية، بجهود السيسي لوقف إطلاق النار، وكتب على تويتر: “بدعم من مجلس الأمن القومي الأمريكي للمبادرة المصرية، يتم تعزيز الزخم العربي والدولي لوقف فوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الأجنبية والعودة إلى المسار السياسي”.

وفي وقت لاحق، انضمت روسيا، وهي حليف آخر لحفتر، إلى مصر والإمارات العربية المتحدة، لدعم وقف إطلاق النار .

رابط التقرير:

https://www.trtworld.com/magazine/why-egypt-s-options-are-shrinking-in-libya-amid-turkey-s-presence-37089