البطالة تتفاقم.. مليون مصري عائدون من الخارج و75 مليونًا يعانون الفقر المدقع

- ‎فيتقارير

تبلغ نسبة الفقر في مصر- وفق أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء- 32.5%، مع يعني أن نحو 35 مليون مصري تحت خط الفقر المقدر بنحو 700 جنيه، وفق تقديرات حكومة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ لكن تقديرات البنك الدولي ترتفع بنسبة الفقر في مصر إلى نحو 60%؛ لأنها تقدر النسبة وفقا لخط الفقر العالمي المقدر بنحو "950 جنيه شهريا لكل فرد"، وهو ما يعني أن نحو 60 مليون مصري تحت خط الفقر قبل تفشي جائحة كورونا.

ومن المتوقع أن يرتفع عدد المصريين الفقراء إلى نحو 75 مليونا، بناء على توقعات دراسة حكومية صدرت مؤخرا عن معهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط بحكومة الانقلاب، تتنبأ بأن معدل البطالة خلال 2020 سيرتفع إلى 16% مقارنة بمعدل بلغ 8% في نهاية 2019.

وقدرت الدراسة سقوط نحو 12.5 مليون مصري من أبناء الطبقة الوسطى إلى تحت خط الفقر، لأسباب تعود إلى تداعيات تفشي جائحة كورونا وتعليق النشاط الاقتصادي في البلاد.

الدراسة الحكومية توقعت أيضا عودة أكثر من مليون مصري من الخارج، خاصة من دول الخليج، بعد فقدان وظائفهم. وبحسب البيانات الرسمية، تحتل مصر صدارة الدول المصدرة للعمالة لبلاد الخليج بنحو 6 ملايين عامل. 

وإلى جانب هؤلاء، هناك توقعات متشائمة بفقدان حوالي 1.2 إلى 2.9 مليون مصري في الداخل وظائفهم، جراء سياسات الإغلاق وحظر التجول ووقف أنشطة ترفيهية عدة وتقليص عدد ساعات العمل، بسبب تفشي "كورونا".

وقدرت وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب "هالة السعيد"، الشهر الماضي، أعداد العاملين بالقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي الذين فقدوا وظائفهم بنحو أن 4.4 ملايين شخص. وهي المؤشرات التي تهدد نحو 12.5 مليون مواطن بالهبوط تحت خط الفقر، تأثرا بتداعيات الوباء العالمي، خلال العام المالي 2020-2021، وفق الدراسة.

3 أسباب وراء زيادة معدلات البطالة

وبحسب مراقبين، فإن هناك 3 عوامل تسهم في زيادة معدلات البطالة في مصر، أولها خصخصة شركات القطاع العام التي تؤدي إلى تسريح آلاف العمال. والثاني الخريجون سنويا والذين يقدرون بنحو مليون طالب على الأقل. والثالث هو الزيادة الطبيعية في معدلات السكان بدون وجود خطط حكومية موازية تستوعب توظيف هذه الزيادة الطبيعية في الوقت الذي تكشف فيه توجهات السيسي نحو التخلص من الموظفين الحكوميين.

وبحسب مراقبين، فإن من أخطر النتائج المترتبة على عودة أكثر من مليون مصر من بلاد الخليج هو تراجع تحويلات المصريين بالخارج، التي تشكل موردا أساسيا من أهم موارد الدخل القومي الخمسة الممثلة في السياحة وقناة السويس والتصدير وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار الأجنبي.

وخلال العام الماضي، بلغت تحولات المصريين في الخارج 26.4 مليار دولار، بما يعادل 9% تقريبًا من إجمالي الناتج القومي المصري. وتعادل تحويلات المصريين في الخارج خمسة أضعاف عائدات قناة السويس (حوالي 5.8 مليار دولار)، وأكثر من ضعفي عائدات السياحة (13 مليار دولار سنويا).

ووفقا لوكالة رويترز، فإن هناك أزمة أخرى تلاحق العمالة المصرية، وهي رغبة حكومات الخليج في معالجة الخلل في تركيباتها السكانية، ومعالجة أزمة البطالة عبر تسريع وتيرة سياسات التوطين.

وتتوقع منظمة العمل الدولية أن يكون رحيل الوافدين أكبر من موجات الرحيل التي تلت الأزمة المالية في عامي 2008 و2009، وتراجع أسعار النفط بين عامي 2014 و2015. ويقول خبير الهجرة إلى الدول العربية لدى منظمة العمل الدولية "ريشارد خولوفينسكي": إن أعداد المغادرين من الإمارات والكويت وقطر "قد تكون كبيرة جدا"، بحسب "رويترز".

وتتيح مادة "القوة القاهرة" في قانون العمل السعودي، للقطاع الخاص، تقليص رواتب العمال المحليين والمُغتربين بحد أقصى 40%، وإنهاء أي عقود عمل، حالة حدوث أزمات كبرى مثل جائحة "كورونا".

وفي الكويت، تتزايد دعوات ترحيل العمالة تحت شعار "الكويت للكويتيين"، وسط مطالبات بالحد من عمل الأجانب في البلاد، ووضع نسبة مئوية معينة لكل جالية قياسا بعدد سكان الكويت، على أن تكون حصة المصريين 10% فقط.

في هذا الصدد، يدرس مجلس الأمة الكويتي مشروع قانون؛ للاستغناء عن مليوني وافد لحل الأزمة الحالية، وخفض نسبة العمالة إلى 50% خلال 5 سنوات، وإصلاح التركيبة السكانية، وسد الفجوة بين المقيمين والمواطنين.

وتدرس الحكومة البحرينية منح العمالة السائبة مهلة لتصحيح أوضاعهم غير القانونية ومغادرة البحرين. وفي سلطنة عمان، حظرت السلطات على شركات القطاع الخاص، تسريح الموظفين العمانيين جراء "كورونا"، بينما حثتهم على تسريح الموظفين غير العمانيين.

ومن الإمارات إلى قطر، تتوالى قرارات التسريح والاستغناء عن العمالة، وإنهاء التعاقدات، فضلا عن تأخر دفع الرواتب، ومنح إجازات دون راتب، بعد توقف النشاط الاقتصادي. وتشن وسائل إعلام خليجية حملة شرسة ضد العمالة الوافدة، بشكل عام، ومنها المصرية، وتعتبرها سببا رئيسا لنقل عدوى فيروس "كورونا".

وعود زائفة

أمام هذه الأزمة التي سترفع بلا شك معدلات البطالة في مصر، أعلنت وزارتا الهجرة والتخطيط، منتصف مايو  الماضي، عن إعداد استبيان بيانات لتوزيعه على المصريين العائدين من الخارج، لتعظيم الاستفادة منهم، وبحث توفير فرص لدمجهم.

وقبل أسابيع، أعلنت وزيرة الهجرة وشئون المغتربين "نبيلة مكرم"، أن المصريين العائدين إلى الوطن مطالبون بملء استمارة لتحديد مجال خبراتهم ومؤهلاتهم. وأضافت "عبيد" أن الوزارة ستدرس كيفية الاستفادة من مهارات العائدين لتعود بالنفع على استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).

لكن النظام على ما يبدو اكتفى بهذه الوعود المعسولة التي تأكد زيفها لأنها حتى اليوم لم تترجم إلى خطط وأعمال جادة لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المصريين العائدين من الخارج.

ومن المتوقع أن تشهد مصر موجة نزوح عكسية مع توالي فرض إجراءات التقشف في الخليج، وزيادة وتيرة سياسات التوطين، وفرض رسوم وضرائب على الوافدين، ما يعني أن أعداد العائدين ستفوق قدرة نظام السيسي على توفير فرص عمل لاستيعاب العمالة العائدة.

ومن أحد أوجه الأزمة، انخفاض نسبة الطلب على العمالة المصرية في دول الخليج إلى 80%، بحسب رئيس شعبة شركات إلحاق العمالة بالخارج التابعة للغرفة التجارية في القاهرة "حمدي إمام".