تجريده من الفتوى.. هل يقضي السيسي على الأزهر كما فعل بورقيبة بالزيتونة؟

- ‎فيتقارير

على خطى الرئيس التونسي السابق "بورقيبة" في الإجهاز على جامع وجامعة الزيتونة، قام السفاح عبد الفتاح السيسي بتجريد الأزهر من الفتوى وإسنادها لـ"المفتي"، بعد أن وافق برلمان الدم على قانون تعيين المفتي بقرار من العسكر، بدلاً من انتخابه في اقتراع سري في اجتماع لهيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر.
الأزهر الذي وقف بجوار جنرال الانقلاب في ليلة 3 يوليو 2013، مباركاً الإطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب الشهيد محمد مرسي، قد أشاد سابقاً بـ 7 سنوات في حكم السفيه السيسي، مؤكداً أنها سنوات سِمان، وأن الإنجازات الأزهرية تحت حكم العسكر تَجِلُّ عن الحصر!

صوت العسكر..!
ونشرت "صوت الأزهر" الناطقة باسم المشيخة تقريرا حول السنوات السمان في عهد السفيه السيسي، حتى إن مطبّلا بدرجة عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، أكد أن الأزهر الشريف مؤسسةٌ وطنيةٌ خالصةٌ تعيش فى قلب الأحداث، وتستشعر مدى مسئوليتها نحو وطنها، يداً بيدٍ وكتفاً بكتفٍ مع الجيش.
كل ذلك الولع والدلع العسكري لم يشفع لعمائم الانقلاب الأزهرية، حيث جرد برلمان الدم مشيخة الأزهر من صلاحية الفتوى وتعيين المفتي، عبر قانون يستهدف سحب اختصاصات الأزهر في الفتوى.

ووافق مجلس الدواب -النُواب سابقاً- على مجموع مواد مشروع قانون مُقدم من رئيس اللجنة التشريعي بالهيئة للتشريعي، النائب أُسامة العبد، وأكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس، بخصوص تنظيم "دار الإفتاء" المصرية وإحالته إلى مجلس الدولة لمراجعته تحسبا لأخذ الرأي النهائي عليه في جلسة تُعقدُ في وقت لاحق.

ويهدف القانون أيضا سحب انتخاب مفتي الديار المصرية من هيئة كبار العُلماء برئاسة شيخ الأزهر وإسناده لجنرال الخراب، ويأتي هذا القانون في إطار الصراع القائم منذ سنوات بين السفيه السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب.

ووفقا للتعديلات الجديدة التي طرأت على نص القانون، فتعيين مفتي الديار المصرية بقرار من السفيه السيسي، من بين ثلاثة تُرشحهم هيئة كبار العلماء بالأزهر قبل شهرين من خلو المنصب، مع جواز التجديد للمفتي بعد بلوغ السن القانونية المقررة للتقاعد، ومعاملته معاملة الوزراء من الناحية المالية والمراسم والمخصصات، في تمهيد لاستمرار مفتي الانقلاب الحالي شوقي علام في منصبه، بعد انقضاء مدته الحالية في 4 مارس 2021.

واعترضت هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف برئاسة الطيب على هذه التعديلات، وانتقدت بشدة في خطاب بعثت به إلى رئيس مجلس الدواب على عبد العال نص المشروع، مؤكدة أن موادهُ تخالف دستور الانقلاب، وتمس باستقلالية الأزهر، والهيئات التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، وجامعة الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية.

ووفقا للتعريف الجديد الذي ورد في نص المشروع، أصبحت دار الإفتاء المصرية هيئة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتتبع مجلس الوزراء، بدلا من وزارة العدل.

وينهي القانون الطريقة التي اعتمدت عام 2012 في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي والتي تقضي بانتخاب المفتي من خلال اقتراع سري مباشر، يصوت فيه أعضاء هيئة كبار العلماء التي يترأسها شيخ الأزهر.

وللمعارك بين الأزهر والسفيه السيسي تاريخ طويل، فلطالما حاول الأخير وضع يده على الأزهر والسيطرة عليه، باعتباره الجهة الوحيدة الخارجة عن نطاق سيطرة السفيه السيسي، فهو لا يملك حق تعيين شيخ الأزهر أو عزله، بفضل تحصين المنصب بعد جهود حثيثة قادها الطيب عام 2012 لإقرار تعديلات بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961، المتعلقة بإعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها.

وسبق أن خرجت العديد من القضايا الخلافية على غرار قضايا الطلاق الشفهي وما سمي تجديد الخطاب الديني ومسئولية التراث عن العنف والإرهاب، وهي القضايا التي أثارت جدلاً بين الطرفين، وسمع بها العالم أجمع في وسائل الإعلام وعلى الهواء مباشرة.

جزاء سنمار
ويشتكي الأزهر بشكل مستمر من تحيز الإعلام الرسمي ضده، فقد أغلقت القنوات التليفزيونية والصحف أبوابها في وجه الأزهر ومشايخه، وشُنت حملات على الأزهر الشريف، ونتيجة لذلك أطلق الطيب، في يونيو 2016، "استراتيجية الأزهر" في الإصلاحِ والتَجديد، والتي تتضمن 15 محوراً، وتعتمد على وسائل التواصل الحديثة سواء من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو المحطات الفضائية أو الصحف وغيرها.

يقول الناشط محمود الهادي: "ابن مليكة أخذ الفتوى من الأزهر لينشر التعريض الوسطي بقيادة كاهنه مفتي الجمهورية"، ويقول: "بعد تأييد شيخ الأزهر لموقف السيسي من ليبيا وتشجيعه له.. مش عايزه أسمع حد تاني يدافع عنه واللي السيسي كل ما يتزنق قبل ما يريق دم المسلمين يستدعيه، حسبي الله فيك".

تطبيل شرعي
ومنذ استيلاء السفيه السيسي على السلطة بمصر، دأبت مشيخة الأزهر على الدفع بأعضائها للإشادة به، ووصلت المبالغة في الثناء عليه إلى تشبيه الرجل بالأنبياء، وإصدار فتاوى تُجيز فقء عيون معارضيه، ما يثير تساؤلات حول توظيف الدين لخدمة العسكر وتأثير ذلك على البنية العقائدية لدى المصريين.

وتعددت تصريحات المشايخ المشيدة بالسفيه السيسي ومهاجمة معارضيه، ومنها إجازة أستاذ الشريعة بالأزهر الدكتور عطية عبد الموجود للرئيس أن يفقأ عيون المصريين إن كان ينفذ في ذلك شرع الله.
وإلى جانب ذلك، أفتى أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة بتجريم ترديد شعار "يسقط حكم العسكر"، وذهب أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الدكتور سعد الدين الهلالي لأبعد من ذلك فوصف السفيه السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم بأنهما رسولان بعثهما الله لحماية الدين.
وقال الهلالي إن "الله بعث رجلين هما السيسي وإبراهيم كما أرسل من قبل موسى وهارون"، والمتابع لمسار الأزهر قد لا يجد غضاضة في تمرير الفتاوى السابقة، فشيخه الدكتور أحمد الطيب هو نفسه عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل، وخلال السنوات التي تلت عام 2011 تناقضت مواقف الرجل تجاه ثورة 25 يناير.
وكان الطيب من الرافضين لثورة 25 يناير، ودعا المتظاهرين للعودة إلى بيوتهم، ولم يتبن نفس الموقف مع الرئيس الشهيد محمد مرسي، بل شارك في اجتماع إعلان الانقلاب في الثالث من يوليو 2013.

وبات السؤال على لسان كل معارض للانقلاب ما القلق الناتج من جعل الفتوى بيد الأزهر؟، وما المشكلة إن بقيت بيد الأزهر لا العدل؟، إن تدبير السفيه السيسي لإزالة كل ما هو إسلامي ومحاربته يؤكد صهيونية ما جرى في 3 يوليو 2013 ووافق عليه شيخ الأزهر، ويكشف أن السفيه السيسي جاء لتنفيذ مخطط تدمير مصر.