تفاعل مغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهاشتاجات الثورية سواء كانت "السيسي عدو الله" أو "جمعة الغضب الثانية" أو "ارحل يا سيسي، بمئات المقاطع المصورة للحراك على الأرض أو للتظاهرات التي خرجت بعد المغرب اليوم الجمعة، 2 أكتوبر، الثانية بعد جمعة 25 سبتمبر، وذلك رغم حملة التخويف التي شنها إعلام الانقلاب ووسط حملة اعتقالات عشوائية طالت ما يزيد عن 750 متظاهرا منذ بدء الحراك في 20 سبتمبر إضافة للانتشار الأمني وتفتيش الهواتف النقالة للمارة، بالتزامن مع تكثيف التشديدات الأمنية في الميادين الرئيسية. وتباينت وسائل الإعلام في تقدير حجم وانتشار التظاهرات الرافضة والمعارضة للسيسي، إذ وصفها مراقبون بأنها جيدة وكاسرة لحاجز الخوف، واعتبرها الإعلام الانقلابي غير مؤثرة.
الحشد المدفوع
ورحب نفس الإعلام بمظاهرات المنصة التي حشد لها الانقلاب وإعلامه منذ أسبوع كجزء من سياسة مواجهة المظاهرات على الأرض ومحاولة للحد من تأثير خروج المصريين في القرى والأزقة والمناطق ضد سياسات السيسي. واستخدم السيسي نفس سياسة جمعة 25 سبتمبر 2019، بحشد عمال المصانع وطلاب سناتر الدروس الخصوصية وموظفي المحليات عبر الاتوبيسات إلى أمام النصب التذكاري (المنصة).
ومن ذلك جمع أمن الشركات كارنيهات موظفي البترول والكهرباء وبالإجبار نزلوا عند المنصة لجمع أكبر حشد يستخدمه إعلام السيسي في الترويج إلى أنهم مؤيديه. ورصد مراقبون تكرار نفس الأمر مع العاملين بمصانع العاشر والعبور بإجبارهم بالذهاب في سيارات العمل التي تنتظهرهم بعد صلاة الجمعة أمام قراهم الي النصب التذكاري والاتحادية، مقابل وجبة و٢٠٠ جنيه، ومتابعة تحركاتهم من خلال مخبري القري التابعين لها ومن يرفض الخروج يتم إبلاغ الأمن الوطني باسمه.
https://twitter.com/moatazmatar/status/1312009371883315200
وكشف الفنان عبدالله الشريف على يوتيوب أن حزب مستقبل وطن حشد موظفي الدولة عبر رؤسائهم، وطلبة السناتر التعليمية في باصات معدة مسبقًا، و١٠٠ جنيه ووجبة للمعوزين وأصحاب الحاجة لتأييد الكلب عند المنصة، هذا ما فعله بكم مصري واحد من احدى ضواحي أسبانيا عبر كاميرا الموبايل، كم أنت هش وحقير نعتذر ان وصفناك يوما ما بالطاغية".
إبدال ذكرى النصر
ورغم أن جمعة الغضب الثانية تأتي في 2 أكتوبر أي قبل ذكرى أكتوبر بنحو 4 أيام إلا أن حفلة الرقص أمام المنصة يوظفها إعلام الانقلاب أنها لتأييد السيسي وللاحتفال بذكرى (6 اكتوبر)! وحمل بعض المشاركين لاسيما الأكفال والنساء لافتات بصور السيسي وعبارات دعم له، وضمت تجمع للمواطنين بميدان المنصة في احتفالية نصر أكتوبر التي أحضر لها السيسي محمد فؤاد بعدما وصل لمرحلة كبيرة من الضخامة وهشام عباس وآخرين فاتهم القطار.
وكان وجود الأطفال مثار انتقاد من أنصار الثورة على السيسي حيث ما فتئ إعلام المضادة توظيف وجود أطفال في المظاهرات التي بدأت منذ 20 سبتمبر تهتف "ارحل يا بلحة" و"ارحل يا سيسي" بان ذلك استغلال لعدم نضج الأطفال! وفي مقابل هذه الحشود السابقة لمناصرة قائد الانقلاب منذ 2013، كان يخرج عنتيل المحلة الشهير ويصر ضباط الشرطة على أخذ الصور التذكارية معه عند المنصة وفي غيرها رغم أن الجميع يعلم فضائحه.
https://twitter.com/AhmedElbaqry/status/1312064087778627584
واختلفت عناوين إعلام وصحافة الانقلاب في تقدير العدد فـ"فيتو" قالت إن "آلاف المواطنين يتوافدون على المنصة للاحتفال بذكرى نصر أكتوبر". وقدّرتهم "بوابة الوطن" أنهم "مئات المواطنين يحتشدون أمام المنصة للاحتفال بنصر أكتوبر". واستعرضت "اليوم السابع" كيف تنافس المواطنون في "سيلفي" الشرطة والشعب لتداول مواطنين صورهم مع أفراد الشرطة في احتفالية المنصة.
غير أن هذه الصحيفة الأخيرة كشفت من خلال أغلب الصور وكادرات التصوير الضيقة، التي التقطها مصورها، حجم الحشد الضعيف عند المنصة فضلا عن تضارب "الوطن" مع "فيتو" في تقدير هل هم "مئات" أم "آلاف"! غير أن الدفع لهذا الحشد معتاد منذ 7 سنوات بدعم متواصل من الجيش فمنذ رسمت القلوب أعلى التحرير في 30 يونيو 2014 مقابل اسقاط التهديدات على معتصمي الرابعة والجيش متورط بمناصرة الانقلاب.
ونقل إعلام الانقلاب الطائرات الحربية وهي تحمل أعلام مصر في سماء المنصة بمحيط النصب التذكاري في مدينة نصر، بحسب ما نقلت "صدى البلد".
https://twitter.com/haythamabokhal1/status/1312067703054774272
الباحث محمود جمال يرى على "تويتر" أن "الحشد المصنوع و "المأجور" الذي قامت به الأجهزة الأمنية في مدينة نصر والانتشار الأمني المكثف في المحافظات مرحلة من مراحل مواجهة السيسي لحراك سبتمبر الذي "أربكه"، عزوف 54 مليون مواطن عن انتخابات الشيوخ ثم حراك سبتمبر اعطوا للسيسي جرس إنذار شديد ووضحوا له حجمه".
العوامية والقصاص
وبالمقابل، خرجت قرية العوامية بالأقصر، بتظاهرة احتجاجية على قتل المواطن عويس الرواي على يد الشرطة، تهتف "ارحل يا سيسي" و"لا إله إلا الله والسيسي عدو الله".
وبرغم حصار القرية والتشديدات الأمنية، خرج الشباب الغاضب للتظاهر بعد ظهر الجمعة تنديدًا بمقتله والمطالبة بمحاكمة الضابط المتهم. ورفض الشباب الاستجابة لمحاولة الخروج من الأزمة بترضيات لأسرة الراوي، بعد أنباء عن عرض أمني لأقارب الراوي تعيينهم في وظائف حكومية بغرض إخماد الاحتجاجات الغاضبة.
وخرجت مظاهرات أخرى في مصر، حيث بدأت اليوم مدينة "أبوزعبل"، محافظة القليوبية مظاهرة، وهي القريبة من القاهرة بعد صلاة الجمعة. وخرجت قرية المنصورية بالجيزة، المتاخمة للقاهرة، بمظاهرة للعشرات بعد صلاة الجمعة.
ومنذ 20 سبتمبر الماضي، تشهد محافظات ومدن وقرى مصرية تظاهرات ليلية تطالب برحيل السيسي، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية وانسداد أفق المشاركة في الحياة السياسية. أما الهتافات الشعبية فكانت صادمة للانقلاب ورفع فيها الشعب الخوف بإهانة السيسي إلى حد اعتباره "السيسي عدو الله"، و"قول متخافشي.. السيسي لازم يمشي"، و"ارحل يا فاشل".
وفي المجمل يرى الأكاديمي والمحلل علاء بيومي أن استدعاء الحكم الفرد للجماهير في مظاهرات مصطنعة يضعفه لعدة أسباب. أولها أن الحاكم الفرد لا يجب أن يحتاج الجماهير أصلا. فهو يحكمهم على غير إرادتهم وبقوة أجهزته الأمنية والإعلامية وسيطرته على مقدراتهم. واستدعائهم يعني أنه ضعيف يحتاج إليهم.
وبالمقابل يرى أنه عندما يستعدي الحاكم الفرد الجماهير فيستجيب لدعوته عدة مئات أو آلاف رغم ما يمتلكه من موارد لقهر وشراء الذمم، فهو يقدم دليلا مجانيا للشعب ومنتقديه على غياب شعبيته رغم كل محاولات اصطناعها.