هآرتس: الانقلاب وأبو ظبي يتصارعان من أجل النفوذ أوسطيا

- ‎فيتقارير

اعتبرت صحيفة هآرتس الصهيونية أن المصالحة الخليجية مع قطر وتعاون "إسرائيل" مع الإمارات أحدث الضربات التي تضر بهيبة قائد عصابة الانقلاب عبد الفتاح  السيسي، إضافة لتولى رئيس أمريكي جديد السلطة.
وأشار المحلل السياسي للصحيفة تسفي برئيل إلى أن عبد الفتاح السيسي الذي لم يحضر قمة زعماء دول الخليج العربية في السعودية الأسبوع الماضي أرسل وزير خارجيته سامح شكري الذي أشاد بالاتفاق بثناء خافت!

وأضاف أن السيسي لم يكن راضيا عن بعض بنود الاتفاق التي يراها تنازلات مبالغ فيها لقطر وشيء يضر بمصالح مصر، وذكرت وسائل إعلام مصرية أن السيسي غضب بشكل خاص من إسقاط مطلب إغلاق قناة الجزيرة وإلغاء شرط أن تتوقف قطر عن دعم الإخوان المسلمين.

وأوضح أنه رغم أن موقف القاهرة من قناة الجزيرة أساسي منذ 2013 وحرب السيسي الشاملة ضد الإخوان، دفعاه للانضمام إلى المقاطعة، إلا أنه لم يتم الإعلان عن تفاصيل رفع المقاطعة والعقوبات على قطر. مضيفة أن السيسي لا يستطيع معارضة سياسة السعودية بشكل علني وتخريب جهوده لإعادة تأهيل صورة بلاده في الولايات المتحدة من خلال الاتفاق مع قطر، لذلك أرسل ممثلا بدلا من الظهور بنفسه.

الشقوق تظهر
وزعم برئيل أنه لطالما كان السيسي في جبهة مشتركة مع الإمارات والبحرين مقابل قطر، وأن بداية ظهور الشقوق في العلاقات مع الإمارات ترجع إلى مخاوف مصر من أن دول الخليج تنخر في وضعها في الشرق الأوسط وأمام واشنطن.

وأشار إلى أن التوتر بين مصر والإمارات في أواخر الصيف مع اتفاقات التطبيع "الإسرائيلية" مع الإمارات والبحرين. وبحسب بعض التقارير الإعلامية العربية، فإن السيسي لم يكن في الحلقة.

وأشار تحليل الصهاينة إلى صحف ومواقع مصرية قالت إن "السيسي كان على علم بالمخططات"، لكن كما قال أحدهم: كان "أقل حماسا لمبادرة الإمارات، ويرجع ذلك أساسا إلى رغبته في التوسط في التحركات الدبلوماسية مع "إسرائيل" بنفسه". وخشي أن تنتقص هذه المبادرة من دور مصر الرائد في صنع السلام مع "إسرائيل"، الذي كانت تقوم به منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 والتي تقوم عليها علاقاتها مع الولايات المتحدة.

ولفت إلى أنه إذا كان السيسي غاضبا من استقلال الإمارات، فقد أخفى ذلك جيدا. السيسي كان أول من أشاد بالاتفاق، حتى لو لم يرسل سفير مصر في واشنطن لحضور حفل التوقيع. ومع ذلك، فإن دعمه لاتفاقات "إبراهيم" لا يعني أن كل خلافاته مع الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، قد تم تسويتها، بحسب الصحيفة.

شق ليبيا
وأضاف برئيل أن الوضع في ليبيا، كشف خلافا بين سلطة الانقلاب  والإمارات حول الحرب الأهلية الحالية بين الحكومة المعترف بها والجنرال الانفصالي خليفة حفتر. وهنا أيضا تشارك مصر والإمارات في تحالف عسكري لمساعدة حفتر في الإطاحة بالحكومة المدعومة من تركيا وقطر.

وأشار إلى أنه في حين أن ولي العهد مستعد للتحلي بالمرونة تجاه الحكومة الليبية، فإن السيسي قلق من نهج الحكومة الصديق للإخوان المسلمين. وترى مصر الجبهة الليبية على أنها تهديد لأمنها، بينما بالنسبة للإمارات فهي حملة دبلوماسية تهدف إلى توسيع نفوذها الإقليمي.

دعم سد النهضة
ومن أسباب الشقوق التي رآها تسفي برئيل بين مصر والإمارات أن الإمارات وعدت بإيداع حوالي 3 مليارات دولار، في البنك المركزي الإثيوبي لمساعدتها على تجاوز أزمتها الاقتصادية وتوسطت في المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا.
وأضاف أنه وفقا لتقارير (نفتها أبو ظبي)، قدمت الإمارات لإثيوبيا طائرات بدون طيار خلال الأزمة مع أقلية تيجراي، وتعمل مع "إسرائيل" على تعزيز التعاون الاستخباراتي بين دول المنطقة.

واستدرك أن القاهرة قلقة من أن الأمور لن تسير على ما يرام في القرن الإفريقي. حاولت مصر إقناع السودان بدعم تيجراي وطالبت الإمارات بالضغط الاقتصادي على إثيوبيا لقبول مطالب مصر بشأن السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل ؛ هذا من شأنه أن يضمن أن المشروع لا يقيد وصول مصر إلى المياه. موضحا أن القاهرة تعتقد أن الإمارات لم تفعل ما يكفي للضغط على إثيوبيا.
قناة السويس
واشارت التقارير حول خطط "إسرائيلية-إماراتية" لبناء قناة من البحر الأحمر عبر إيلات إلى ميناء حيفا، وفكرة مد خط أنابيب نفط بين إيلات وأشدود، وعطاء الإمارات لشراء ميناء حيفا، كلها تؤكد مخاوف مصر من أن الإمارات وإسرائيل سوف تجاوز قناة السويس وتقويض مكانة مصر بشدة في المنطقة ومصدر رئيسي للدخل.

التدخل بالسودان
وأشار المحلل برئيل أن مصر منزعجة من التدخل الهائل لأبو ظبي في السودان. حيث شرعت أبو ظبي في حركة التطبيع بين "إسرائيل" والسودان، وبمساعدة "إسرائيل"، أقنعت دونالد ترامب بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وتوسطت الخرطوم وموسكو لبناء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان. الاتفاقية الموقعة في بداية ديسمبر سارية لمدة 25 عاما وستسمح لروسيا بالاحتفاظ بأربع سفن حربية على الأقل في الميناء. تعكس بورتسودان وميناء طرطوس في سوريا رغبة موسكو في توسيع موطئ قدمها العسكري في الشرق الأوسط.

الشأن اليمني
ويبدو أن التحليل لم يترك شاردة، فأشار إلى ترقب سلطة الانقلاب بمصر، العضو في التحالف العربي الذي شكلته السعودية للحرب في اليمن، بقلق تأثير الإمارات على الأحداث في جنوب اليمن، خاصة في عدن وأرخبيل سقطرى في البلاد. أبو ظبي هي القاعدة الاقتصادية العسكرية الرئيسية للانفصاليين الجنوبيين الذين يسعون لإعادة دولة جنوب اليمن المستقلة.

وأضاف أنه في نوفمبر2019، وقع الانفصاليون اتفاقية مصالحة مع الحكومة اليمنية، وهو أمر سعت المملكة العربية السعودية جاهدة إلى تنفيذه. في الشهر الماضي فقط شكلت الحكومة والانفصاليون حكومة تكافؤ، لكن الاتفاق لم يوقف تعاون الانفصاليين مع أبو ظبي. وقد استولوا معا بحكم الأمر الواقع على أرخبيل سقطرى. هنا أيضا وفقا لوسائل الإعلام العربية، من المتوقع أن تحصل "إسرائيل" على معقل عسكري.

واعتبرت الصحيفة أن مكانة مصر في البحر الأحمر بدأت في التآكل عندما أعطت مصر السعودية تيران وصنافير مقابل مساعدات ضخمة. يمكن لهذا المنافس/ الحليف أن يأخذ مكانه في هذا المضيق المهم ويجذب انتباه الإدارة الأمريكية.

بانتظار بايدن

وأضافت الصحيفة أن القلق أصاب القاهرة من العلاقات مع إدارة بايدن القادمة، مشتركة في ذلك مع دول المنطقة. مضيفة أنه سيكون لهذه العلاقات آثار ليس فقط على التسلسل الهرمي الإستراتيجي الإقليمي الذي سيشكله جو بايدن والأهمية التي يوليها لكل دولة. يمكن أن تملي أيضا السياسة الداخلية للأنظمة.

وأشارت إلى أن واحدة من القضايا الرئيسية التي تحدث عنها بايدن هي حالة حقوق الإنسان البائسة وخاصة في المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا. وقد شعرت مصر بالفعل بغضب الإدارات الأمريكية التي علقت المساعدات أو مبيعات الأسلحة بسبب انتهاك القاهرة لحقوق الإنسان وقمع منظمات المجتمع المدني واعتقال الصحفيين.

واعتبر أن إطلاق سراح العديد من السجناء أخيرا في مصر، وتشديد السيسي على دعمه للأقلية المسيحية، واستعانته بشركات استشارية في واشنطن لتحسين صورة مصر، جزء من الاستعدادات.

وأوضحت أن السيسي بالنسبة لترامب كان "الديكتاتور المفضل"، إلا أنه عندما يحين الوقت لمناقشة المساعدات المالية لمصر، قد يجد السيسي نفسه تحت ضغط شديد من الرئيس الديمقراطي الجديد والكونجرس، الأمر الذي سيطالبه بإجراء إصلاحات شاملة في مجال حقوق الإنسان، هذا يمكن أن يقوض حكمه. مشيرا إلى أن مصر أكثر حساسية لمثل هذا الضغط من السعودية والإمارات، حيث تعتمد على المساعدات الأمريكية والعلاقات الجيدة مع الإدارة، والتي يمكنها إيقاف قرض من صندوق النقد الدولي أو تجميد الاستثمارات.

وخلص إلى ان السيسي سيحتاج إلى مساعدة الحلفاء العرب لتخفيف القبضة الخانقة بينما هم أيضا يتنافسون على قلب بايدن. قد تجد إسرائيل أيضا إعادة النظر في وضعها من قبل الإدارة الجديدة التي لن تمنحها بعد الآن كل ما تريد.