“ميدل إيست آي”: السلطة في مصر تستخدم الصحفيين المعتقلين “بيادق” في انتخابات النقابة

- ‎فيغير مصنف

أعرب مدافعون عن حرية الرأي والتعبير في مصر عن قلقهم من استخدام حكومة الانقلاب العسكرى مصير الإعلاميين المحتجزين كبطاقة في الحملة الانتخابية قبل انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين. يقول عمرو بدر، رئيس لجنة الحريات في النقابة، في تصريح لصحيفة "ميدل إيست آي" إن "بعض المرشحين يمارسون ضغوطا على الحكومة للإفراج عن الصحفيين الذين وضعوا في السجن بتهم ملفقة ومضحكة".
وقد تم الإفراج عن 3 من الصحفيين، المحتجزين على ذمة المحاكمة، في وقت سابق من هذا الشهر بناء على مبادرة من ضياء رشوان، رئيس نقابة الصحفيين المنتهية ولايته، الذي يقوم بحملة لولاية ثانية مدتها سنتان على كرسي النقابة. وقد اعتبرت هذه الخطوة بادرة دعم من الحكومة لرشوان ضد منافسيه قبل الانتخابات. ولكن بدلاً من تعزيز مؤهلات رشوان، أثارت هذه الخطوة جدلاً وفتحت الباب أمام المناقشات حول ما إذا كانت حرية الصحفيين قد أصبحت بطاقة انتخابية.
تقرير ميدل إيست آي الذي نشر الثلاثاء، لكن ضياء رشوان النقيب الحالي الذي ينافس في الانتخابات أعلن صباح الأربعاء 17 مارس عن تأجيل انتخابات التجديد النصفي في النقابة إلى 2 إبريل بدلا من 19 مارس حيث كان مقررا انعقادها، وعزا ذلك إلى الخوف من الازدحام داخل مبنى النقابة في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات الإصابة بعدوى فيروس كورونا.
وينتخب الصحفيون نصف أعضاء مجلس النقابة الإثني عشر، إلى جانب النقيب، حيث يتنافس ستة صحفيين، من بينهم رشوان، على المقعد الأول في النقابة، إلى جانب 55 آخرين يتنافسون على مقاعد مجلس الإدارة الستة في الانتخابات، وكل من المرشحين يعد قائمة طويلة من الامتيازات للأعضاء في حال فوزهم. فقد وعد أحد المرشحين بإعطاء زملائه لقاح Covid-19 مجانا، وقال آخر إنه سيعطي الأعضاء خصومات على أسعار النقل العام. ومع ذلك، فإن مرشحين آخرين يعدون بعودة النقابة إلى سابق قوتها، أي من خلال الدفاع عن حريات الصحفيين.

بيادق في اللعبة
ولا يوجد تقدير رسمي لعدد الصحفيين المسجونين حاليا في مصر، وقال سيد أبو زيد، محامي النقابة، إن هناك زيادة في عدد الصحفيين في السجون في السنوات الأخيرة.وأضاف أبو زيد لـ" ميدل إيست آي"، "نحن حريصون على حضور الاستجوابات ومساعدة عائلات الصحفيين المسجونين".
وقد وثقت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان حالات 33 صحفيا لا يزالون خلف القضبان في البلاد. وقد وُجهت إلى معظمهم تهمة الانضمام إلى الجماعات الإرهابية ونشر أخبار كاذبة، ولكن لم يُحالوا بعد إلى المحاكمة، وقد أُطلق سراح حفنة من هؤلاء الصحفيين في 7 مارس، بعد ساعات قليلة من نشر رشوان الخبر على صفحته على فيسبوك. ومع ذلك، أثار إطلاق سراحهم نقاشات حول ما إذا كان الصحفيون المسجونون أصبحوا بيادق في اللعبة الانتخابية لنقابة الصحفيين، وانتقد بعض الصحفيين هذه الخطوة ودعوا إلى محاسبة أولئك الذين يسجنون الصحفيين في البلاد.
وقال الناشر هشام قاسم إنه لا يشارك الصحفيين الآخرين فرحة الإفراج عن السجناء، وكتب قاسم على فيسبوك: " السجون مليئة بالصحفيين بتهم ملفقة". وقال الكاتب الصحفي أنور الهواري إن الاعتقالات غير القانونية للمواطنين هي إهانة للمصريين، وكتب على فيسبوك في 8 مارس أن "إطلاق سراحهم لاعتبارات انتخابية رخيصة هو إهانة للحكومة".
وانتقد رشوان، الذي يتولى منصب رئيس هيئة الاستعلامات، أولئك الذين يشككون في دوافعه. وقال "هذا ليس محاولة من قبيل الصدفة تهدف إلى تحقيق مكاسب يمكن استخدامها في المعارك الانتخابية، إنه واجب مستمر يجب القيام به في جميع الأوقات، بغض النظر عن المنصب الذي أشغله". وذكر أسماء بعض الصحفيين الذين ساعد في إطلاق سراحهم كرئيس لنقابة الصحفيين في العامين الماضيين. وأضاف رشوان أنه كلف قسم الشؤون القانونية بالنقابة بمتابعة قضايا الصحفيين المسجونين، مضيفا أن ممثلي النقابات القانونية حضروا 64 جلسة استجواب في النيابة العامة، بالإضافة إلى 79 جلسة قضائية تضامنا مع الصحفيين. وأشار إلى أن النقابة أرسلت أيضاً عشرات الطلبات إلى النيابة العامة للإفراج عن الصحفيين.
ومع ذلك، كلما دافع رشوان عن نفسه ضد هذه الاتهامات، كلما أثار جدلاً حول محاولته الانتخابية. وقد أثار ترشح رشوان لإعادة انتخابه، وهو باحث سياسي ترأس مركز أبحاث محلي للدراسات السياسية والإستراتيجية من قبل، مخاوف من سعيه إلى تعزيز قبضة الحكومة على صناعة الإعلام. وأشار بعض الصحفيين إلى أنه خلال العامين اللذين ترأس فيهما رشوان النقابة، تم حبس عدد من الصحفيين أكبر من عدد الصحفيين في العقد الماضي، كما تبدي النقابة، وهي ملاذ تقليدي لحرية التعبير، عداء للصحفيين في عهده. ولهذا السبب يواجه رشوان معارضة شديدة من الصحفيين، وخاصة الصغار منهم الذين يناضلون من أجل نقابة تدافع عن حرية التعبير وكرامة أعضائها.

تكميم حرية الإعلام
وبحسب "ميدل إيست آي"، فقد أدت عمليات الإفراج الأخيرة عن الصحفيين المحتجزين إلى تركيز شديد على الطبيعة الخطيرة للمهنة الصحفية في مصر، والزج بالمزيد من الصحفيين في السجن مع استمرار تقلص هامش الحرية الذي تسمح به السلطات. ويقول مراقبون إن الحكومة تريد السيطرة على السرد الإعلامي وتُظهر التعصب لوسائل الإعلام التي تجرؤ على تحدي الروايات الرسمية حول ما يحدث في هذا البلد. وقال محامي حقوق الإنسان نجاد البرعي لـ"ميدل إيست آي" إن "سجن الصحفيين هو بمثابة إساءة للقانون"، "عشرات الصحفيين والمدونين في السجن بسبب التعبير عن آرائهم".
بحكم طبيعة ملكيتها، فإن الصحف المملوكة للدولة تسيطر عليها الحكومة بشكل كامل، كما تسيطر على الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة في البلاد شركات ورجال أعمال معروفون بأنهم مجرد واجهات لوكالات الدولة، بما في ذلك المخابرات المصرية. وتمنع الحكومة مئات المواقع الإلكترونية، تاركة مساحة ضئيلة لحرية التعبير، كما يُعتقد أن السلطات تستخدم الحرب الجارية ضد الإرهاب كوسيلة لقمع الصحفيين المعارضين، كما أنها تستخدم وباء "كوزيد-19" في تكميم أفواه وسائل الإعلام، وخاصة تلك التي تحاول إلقاء الضوء على جوانب مختلفة من الأزمة في مصر.
وفي مارس 2020، أجبرت سلطات الانقلاب مراسلة صحيفة الجارديان على الخروج من مصر بسبب كتابتها تقريرا يشير إلى أن عدد المرضى والوفيات في مصر من نوع "كوفيد-19" قد يكون أعلى بكثير مما ورد رسمياً. وبعد بضعة أشهر، قالت السلطات الصحية إن الإصابات والوفيات الفعلية قد تكون أعلى بعشرة أضعاف من الأرقام المسجلة رسمياً. وفي مايو 2020، هددت دائرة الإعلام الحكومية، وهي وكالة رسمية للعلاقات العامة تابعة لحكومة السيسي مسؤولة عن ترخيص عمل المراسلين الأجانب، مراسلي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" ضد نقل مصادر غير رسمية.
وترى "ميدل إيست آي" أن فرصة رشوان كبيرة في الفوز عازية ذلك إلى دعم السلطة لإعادة انتخابه على رأس النقابة، كما يعلق بعض الصحفيين آمالاً على استغلال اتصالاته لزيادة الدعم المالي للصحفيين، وخاصة العلاوة الشهرية من الحكومة لمساعدة الصحفيين على تلبية متطلبات التدريب الخاصة بهم. وهذا يسلط الضوء على الظروف المالية اليائسة التي يواجهها الصحفيون المصريون، ويعادل البدل الشهري الآن 129 دولارا، كان 96 دولارا قبل أن يتولى رشوان السلطة قبل عامين. وهذه العلاوة صغيرة على ما يبدو، فهي تتعلق بكامل دخل بعض الصحفيين، ولاسيما أولئك الذين أفلست مؤسساتهم الإخبارية أو أغلقت أبوابها أو توقفت عن دفع رواتبهم لهم. كما يتوقع بعض أعضاء النقابة البالغ عددهم 10 آلاف شخص أن يستخدم رشوان نفس الاتصالات لضمان الإفراج عن الصحفيين الذين لا يزالون خلف القضبان.
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-journalists-pawns-union-election