علاوة على أن "النيابة تتستر" و"النيابة تتعنت" و"النيابة تقوم بتدوير المعتقلين" برز مجددا دور للنيابة العامة يتمثل بأنها حائط صد عن الانقلاب؛ وذلك بعد طلبها عدم الحديث من أي جهة عن أسباب وقوع حادث تصادم قطاري سوهاج يوم الجمعة 26 مارس 2021م، وهو ما تكرر في عدة قضايا بحظرها النشر في عدد غير قليل من القضايا.
وخرج بيان النيابة العامة ببراءة البلف الذي تحدث عنه بيان وزارة النقل وتبناه بيان حكومة الانقلاب، إضافة إلى البحث عن جانٍ بين عاملي البلوك والمحولجية وسائقي القطار، والأهم هو تنحيها كجهة أولى للتحقيق إلى إحالة التحقيق إلى "لجنة عسكرية" تتشكل من الهيئة الهندسية للجيش، والفنية العسكرية للجيش والرقابة الإدارية التي يرأسها لواء جيش "لكي تحقق في كارثة تسبب فيها مشير جيش ووزير فريق في الجيش"، بحسب ما كتب الحقوقي هيثم أبو خليل.
مهزلة واسعة
فيما اعتبر مراقبون أن موقف "النيابة العامة" من حيث إدارتها تمر بمهزلة واسعة لاسيما في إطار التحقيقات في هذه الكوارث المرتبطة بالفساد والإهمال العسكري بعد أن كسرت الحكومة الانقلابية ووزير النقل (اللواء) هيبة النيابة وتقمص دور النيابة العامة وقاضي التحقيق وسلب الجهة المنوطة بالتحقيق اختصاصاتهم لتبرئة نفسه، ويأمر بالتحفظ على سائقى القطارين وتشكيل لجنة لتحديد أسباب الحادث.
تعليق الصحفية شرين عرفة كان نموذجا لما هو الحال في رأي آخرين، فعلقت على إهابة "#النيابة_العامة" بعدم إصدار بيانات حول أسباب حادث قطاري سوهاج بأنه ترجمة لقولها "محدش يجيب سيرة السيسي ولا حكومته في حادثة القطار، لحد ما نشيلها للإخوان"، وهو ما ذكر آخرين بحادث مستشفى الأورام بوسط القاهرة والذي كان نتيجة أولية لانفجار بخزان الغاز بالمستشفى، فتم توجيه الاتهام إلى "الإخوان" وتدشين قضايا ملفقة في هذا الإطار.
وللمستشار محمد عوض تصريح شهير اعتبر فيه أن النيابة العامة تحولت بعهد السيسي إلى مخبرين في محاكم التفتيش، وهو ما كان واضحا في قضية التستر على داخلية السيسي في قتل الناشطين الذين ثاروا في سبتمبر 2020، وقضية عويس الراوي، حيث اعتبرت "النيابة العامة" في تحقيقاتها بشأن مقتله "كان عويس يتصدى لرجل شرطة، وهذا عمل إرهابي واستدعى الرد!".
https://twitter.com/Albarbary6/status/1316023290993885189
أدوار مساندة
"النيابة العامة" باتت في دور لا يقل إجراما عن دور زبانية التعذيب في سجون السيسي، بعد صمتت لنحو 8 سنوات عن جرائم التعذيب والقتل جراء التعذيب والإهمال الطبي الذي أودى بحياة نحو 1000 معتقل جراء التعذيب والقتل الطبي، وانحطاطا بإعادة تدوير المعتقلين على ذمة قضايا جديدة أو التجديد التلقائي أو الحبس في قضايا نال فيها المتهمون البراءة لمرة وحتى 6 مرات أو الاستئناف على حكم البراءة وإخلاء السبيل من المحكمة تعطيلا لخروج المواطنين الأبرياء؛ ما يعني الخوض في الملفات السياسية.
يقول الحقوقي هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان: "دور النيابة العامة المشرفة علي قطاع السجون لا يقل إجراماً وانحطاطاً عن دور زبانية التعذيب وجلادي القتل، فما حدث في قصر طرة لهاني مهنا ونجلي المخلوع وما يحدث من موت بالبطيء علي بعد عشرات الأمتار في سجن العقرب هو مسئولية النيابة التي تعتبر إحدى تشكيلات القضاء!".
الحقوقي بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، قال إن "دور النيابة العامة هو الدفاع عن حق المجتمع، وخاصة أضعف أعضائه: الفقراء، النساء، الأطفال، .. ". وأضاف: "يجب علي النيابة أن تنأى بنفسها عن انتهاك الدستور وتجريم حرية الرأي والتعبير التي بقيت للضعفاء في مواجهة رئيس أمَّم البرلمان والقضاء والإعلام لحسابه، وحول نحو ٢ مليون شرطي وجندي إلي حرس شخصي!".
أداة شريرة
أصدرت "منظمة العفو الدولية" تقريرا في 27 نوفمبر 2019، يظهر كيف دأبت نيابة أمن الدولة العليا في مصر على إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب بشكل روتيني لملاحقة الآلاف من المنتقدين السلميين للحكومة، وتعطيل ضمانات المحاكمة العادلة.
وكشف التقرير الصادر تحت عنوان: "حالة الاستثناء الدائمة"، عن دور نيابة أمن الدولة العليا، وهي فرع خاص من النيابة العامة يتولى المسؤولية عن التحقيق في القضايا التي تنطوي على تهديد لأمن الدولة، وتواطؤها في حالات الإخفاء القسري، والحرمان التعسفي من الحرية، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة. فقد احتجزت نيابة أمن الدولة الآلاف من الأشخاص فترات طويلة لأسباب ملفقة، وأطلقت لنفسها العنان في انتهاك حقوقهم في محاكمة عادلة.
لقد وسعَّت نيابة أمن الدولة العليا تعريف "الإرهاب" في مصر اليوم ليشمل المظاهرات السلمية، والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، والأنشطة السياسية المشروعة، مما أدى إلى معاملة المنتقدين السلميين للحكومة باعتبارهم أعداء للدولة. ومنذ انقلاب السيسي عام 2013، تزايد عدد القضايا المحالة إلى نيابة أمن الدولة العليا للمحاكمة نحو ثلاثة أضعاف، أي من نحو 529 قضية عام 2013 إلى 1739 قضية عام 2018م.
حالات كاشفة
اختطاف سناء أحمد سيف الاسلام، التي قررت في يناير "2020" الاتجاه إلى النيابة العامة، لاتهام إدارة سجن طره بالاعتداء عليها وتسهيل اعتداء بلطجية عليها.
فسناء سيف اختُطفت أمام النيابة العامة في مصر، وتأكيدا لدور النيابة المساند للانقلاب في إجرامها وجهت "النيابة العامة" للناشطة سناء سيف تهمة “إذاعة أخبار وبيانات كاذبة تتعلق بالوضع الصحي داخل السجون" في حين كانت ووالدتها في زيارة لشقيقها لم تتم بسبب منع الزيارة.
حالة أخرى من غير الإسلاميين-الذين تتعدد البلاغات الحقوقية من جانبهم- تحدث عنها الحقوقي عمرو مجدي، وكشف دور النيابة المتواطئ فكتب عن اعتداءات وحشية تعرضت لها الصحفية سولافة مجدي في يناير الماضي "2021"، في سجن القناطر ولم نعرف عنها إلا مؤخرا. لماذا يتجرد سجانو السيسي من آدميتهم إلى هذه الدرجة؟! ولماذا تلعب النيابة العامة دور الشريك الكامل في هذه الجرائم بتقاعسها عن الإشراف الحقيقي على السجون ومايحدث فيها؟!
أما عن التسويات القانونية، فالنيابة العامة شريك أساسي في تضييع حقوق المصريين، ففي 3 مارس أعلنت عن تسوية أثارت تساؤلات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن حجم الفساد في قضايا التربح، فبعد نهب وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان ورجل الأعمال مجدي راسخ، قبلت التصالح عن التهم المنسوبة لهما ببعض القضايا، فرغم نهبهم المليارات قبل تسوية ب1.3 مليار جنيه، ليقوم كل منهما باسترداد أموالهم المودعة في بنوك سويسرا وأوروبا.
الصمت على جرائم التحرش، بات عنوانا كبيرا لم يستنفر له "مجلس المرأة القومي"، أو منظمات -الداخل- الحقوقية، لاسيما في تحول القنوات الفضائية والمواقع والمنصات الإعلامية الانقلابية في مصر إلي أوكار للتحرش وهتك الأعراض للصحفيات والمتدربات. ومن أبرز الأمثلة إفلات المتحرش الدندراوي الهواري -مدير تحرير صحيفة (اليوم السابع)- من العقاب لتحرشه بزميلته مي الشامي، رغم وجود3 شهادات في صدي البلد واليوم السابع.