“الشبان المسلمين” تغير اسمها وهويتها.. ما علاقة ذلك بالإخوان؟

- ‎فيتقارير

في مشهد صادم.. فاجأت إدارة «جمعية الشبان المسلمين العالمية» اسمها التاريخي إلى «هيئة الشبان العالمية»؛ وبالتالي جرى حذف كلمة "المسلمين" إيذانا بتغيير هوية الجمعية التي تأسست قبل نحو مائة سنة بهدف تنمية مهارات الشباب المسلم، ويقع مقرها الرئيس في شارع رمسيس في الجانب المقابل مباشرة لنقابتي المحامين والصحفيين.
وأمام المبنى التاريخي للجمعية أزيلت لافتته العتيقة وعلقت لافتة ضخمة باسم «هيئة الشبان العالمية"؛ ليتبين أن مجلس إدارة الجمعية التي أنشئت قبل أكثر من 90 عاما، قرر تغيير اسمها في اجتماع جرى في يونيو 2019م، لسبب غريب يتمثل في تجنب التشابه مع اسم جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها سلطات الانقلاب العسكري في مصر كمنظمة إرهابية منذ 3 يوليو 2013م. حيث قاد الجنرال عبدالفتاح السيسي انقلابا عسكريا مدعوما من إسرائيل وعواصم خليجية وتواطؤ أمريكي أوروبي. وجرى العصف بالمسار الديمقراطي الوليد في أعقاب ثورة 25 يناير 2011م، وتم الزج بالرئيس المنتخب وحكومته في السجون والمعتقلات بتهم سياسية ملفقة حتى استشهد الرئيس محمد مرسي في سجون العسكر بالإهمال الطبي المتعمد.
إسقاط الصبغة الإسلامية من اسم الجمعية التي تأسست بهدف تنمية الشباب المسلم في مجالات متعددة؛ أثار جدلا بين الدوائر العارفة بتاريخ الجمعية ثم بين المارين بشارع رمسيس القريب من ميدان التحرير في وسط القاهرة، والذين تفاجؤوا باللافتة الضخمة المعلقة أمام المبنى العريق. واتضح أن وضع اللافتة الجديدة كان مجرد خطوة عملية لتطبيق قرار أصدره مجلس إدارة الجمعية يتضمن تعديلات في اللائحة الداخلية، أبرزها تغيير اسم الجمعية، وهو ما أقره اجتماع طارئ للجمعية العمومية أواسط عام 2019.
بيان إدارة الجمعية برر هذا التحول بأنه يأتي في إطار الخطة التي تنتهجها القيادة السياسية، لمكافحة الطائفية ولسد الخناق أمام ما سمته عناصر جماعة الإخوان (الإرهابية) في المتاجرة لاستغلال اسم الجمعية لخدمة مصالحها الخبيثة!

لغز أحمد الفضالي!
ويرأس الجمعية منذ سنوات طويلة أحمد الفضالي الذي يدعي أنه مستشار، وهو شخصية غامضة وثيقة الصلة بالأجهزة الأمنية منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. وفي التعريف به على موسوعة ويكيبيديا لم يذكر له أي شهادة علمية مكتوب فقط "جامعة الأزهر" دون ذكر أي تخصص أو كلية علمية. وبالتالي فإن لقب مستشار هو نوع من التزييف واكتساب صفة لتضخيم وضعه الاجتماعي على غير الحقيقة.
فاز الفضالي بعضوية البرلمان في دورة 2005 إلى 2010م بدعم واسع من الأجهزة الأمنية، وهو حاليا رئيس حزب السلام الديمقراطي أحد الأحزاب الأمنية التابعة للنظام للعسكري. وأثناء ثورة 25 يناير وقف الفضالي إلى جانب النظام وشارك في أعمال البلطجة والتحريض ضد المتظاهرين في ميدان التحرير، وفي يوليو 2011م تداول نشطاء مقطع فيديو يوثق مشاركة الفضالي في موقعة الجمل التي جرت يوم الأربعاء 2 فبراير 2011م أثناء الثورة حيث قتل العشرات من الثوار أمام بلطجية نظام مبارك. وظهر الفضالي في المقطع واقفا فوق كوبرى 6 أكتوبر يراقب الموقف ويتحدث مع أحد الأشخاص، وإلى جواره البلطجية الذين ألقوا زجاجات المولوتوف والحجارة على المتظاهرين. واتهمه البعض بالتحريض على قتل المتظاهرين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«موقعة الجمل». ونشر المقطع الإعلامي يسري فودة في برنامجه على أو تي في. بينما نفى الفضالي هذه الاتهامات، ورفع دعوى قضائية ضد القناة اتهم فيها القناة بالتشهير به واثارة الرأى العام ضدة والتحريض عليه. ولم يحرك النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود الدعوى التي أقيمت ضد الفضالي بشأن مشاركته في موقعة الجمل ولم يتم التحقيق فيها من الأساس رغم توثيق ذلك بمقاطع الفيديو!
https://www.youtube.com/watch?v=UBEQn73AFF4
وخلال المرحلة الانتقالية بعد خلع مبارك وفي سنة 2012 قاد حملة ترشيح اللواء عمر سليمان لرئاسة الجمهورية والتي لم تكتمل. مثل الفضالي أحد الوجوه البارزة لانقلاب الثالث من يوليو 2013، وكان أول من بادر إلى إشهار توكيل لتفويض وزير الدفاع لإدارة شؤون البلاد، قبل إطاحته بالرئيس المنتخب بخمسة أشهر كاملة. وحين أعلن عبد الفتاح السيسي عن ترشحه للرئاسة، استأجر الفضالي طائرة خاصة، حلقت فوق سماء العاصمة القاهرة، و6 محافظات أخرى، بصورة ضخمة للأخير.وأثار سفر الفضالي المتكرر إلى الخارج أحاديث مشروعة عن أهدافه، ومصدر تمويله الإماراتي، إذ توجه إلى البرتغال، وروسيا، والصين، وتونس، والبحرين، وأميركا، وألمانيا، وما إن يغادر السيسي إلى أي دولة يسارع للسفر إليها، برفقة عدد من الشخصيات المؤيدة للانقلاب كـ"وفد شعبي"، لإعلان دعمهم له.

جدير بالذكر أن جمعية الشبان المسلمين هي جمعية اجتماعية تأسست بمدينة القاهرة عام 1927 ولها فروع في جميع محافظات مصر، ويقول رئيسها الحالي أحمد الفضالي إنها تمتلك 160 فرعا داخل البلاد ويبلغ عدد أعضائها مليوني عضو. وبحسب ما تعلن عنه الجمعية فهي تقدم كثيرا من الأنشطة في مجالات الفكر والثقافة والرياضة عبر أقسام فرعية داخلها هي النادي الاجتماعي الثقافي والنادي النسائي ونادي الطفل، إلى جانب ملاعب لممارسة الرياضات المتنوعة.ويضم بعض فروع الجمعية مكتبات ودورا للحضانة والمغتربات ومراكز لتدريب الفتيات على الحرف اليدوية ومراكز لتكنولوجيا المعلومات وتعلم اللغات، هذا إلى جانب تقديم خدمة تحفيظ القرآن الكريم. كذلك تسعى إلى تقديم المساعدة في مجال الرعاية والتنمية الاجتماعية والحفاظ على البيئة والنهوض بالرعاية الصحية.

علاقة الجمعية بالإخوان
بحسب قسم ويكيبيديا الإخوان على الموقع الإلكتروني الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، فإن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، الإمام الشهيد حسن البنا، ساهم في إنشاء وتأسيس جمعية الشبان المسلمين، بعدما رأى حاجة الشباب المسلم إلى نادٍ يجمع شملهم وكان يفضي بأمله في تأسيس منتدى لهم إلى صديقه عبد الحميد سعيد الذي سيصبح بعد ذلك رئيسا لجمعية الشبان المسلمين.
جاء مولد الجمعية في نوفمبر عام 1927، أي قبل عام واحد من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وتشكل مجلس الإدارة من الدكتور عبد الحميد سعيد رئيسًا، والشّيخ عبد العزيز جاويش وكيل رئيس، وأحمد تيمور باشا أميناً للصندوق، ومحب الدين الخطيب كاتما للسر العام، في حين ظل حسن البنا عضوا فيها حتى وفاته.
وحرص البنا على التقارب بين الشبان المسلمين وجماعته، وأكد في كثير من تصريحاته على ذلك، في رسالة المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين قال "كثيرا ما يرد على أذهان الناس هذا السؤال: ما الفرق بين جماعة الإخوان وجماعة الشبان؟ ولماذا لا تكونان هيئة واحدة تعملان على منهاج واحد؟". وعن الفروق بين الشبان المسلمين والإخوان المسلمين أوضح مؤسس الأخيرة "إنما تقع فروق يسيرة في أسلوب الدعوة وفي خطة القائمين بها وتوجيه جهودهم في كلتا الجماعتين".
ووفق ويكيبيديا الإخوان، فإن بعض شعب الإخوان كانت تعقد محاضراتها ولقاءاتها داخل دور الشبان المسلمين، ومن ذلك المحاضرة التي ألقاها البنا في دار الشبان المسلمين في بنها أثناء رحلةٍ لزيارة بعض شعب القليوبية. وخلال حرب فلسطين عام 1948 ظهر تعاون وثيق بين الجماعتين وكونا هيئة عليا لمساعدة فلسطين.
وكانت نهاية علاقة البنا بالشبان المسلمين درامية إلى أبعد مدى، حيث ارتبطت بحادثة اغتياله، ففي الثامنة من مساء 12 فبراير 1949 انتهى مؤسس جماعة الإخوان من اجتماع عقد داخل المقر الرئيسي لجمعية الشبان المسلمين، وأمام المبنى حيث تُعلق حاليا اللافتة التي تتخلى عن الاسم القديم للجمعية، انطلقت من بين الظلام طلقات الرصاص لتستقر في جسد البنا ليفارق الحياة شهيدا في سبيل الله.