أمريكا تنحاز لإثيوبيا.. ومصر بين الخيار العسكري و”السيناريو الأسود”

- ‎فيتقارير

تواصلت تطورات أزمة سد النهضة دوليا بعد فشل مفاوضات كينشاسا وإعلان إثيوبيا أنها ستبدأ الجولة الثانية لملء خزانات السد يوليو المقبل، ورفضها التوقيع على أى اتفاق ملزم مع دولتى المصب مصر والسودان لإدارة السد وتشغيله، مؤكدة أن السد مشروع إثيوبي ولا تقبل أديس أبابا بأى حال تدخل دول اخرى فى شئونها الداخلية والمساس بسيادتها.
كانت الإدارة الأمريكية فد أعلنت أنها على أتم الاستعداد لحلحة النزاع المصري السوداني الإثيوبي حول سد النهضة. وكشف ساميويل وربيرج، الناطق الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية تفاصيل وأبعاد الموقف الأمريكي إزاء ملف أزمة سد النهضة، بعد المشاورات المختلفة التي أجرتها واشنطن خلال الأسبوع الماضي تحديداً مع الأطراف المختلفة، والتي سبقتها مراجعة إدارة الرئيس جو بايدن للملف بشكل عام.
وأكد الناطق باسم الخارجية الأمريكية أن "طاولة المفاوضات هي الحل الوحيد للأزمة". وقال إن بلاده تواصل دعم أي جهود للتعاون بينها وبين الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، مشيراً إلى أن الوفد الأمريكي عال المستوى الذي زار المنطقة الأسبوع الماضي، والذي تكون من المبعوث الخاص الأمريكي للسودان ومسؤولين أمريكيين آخرين من بينهم مسؤولين من مكتب الشرق الأدنى.

موقف خطير
حول هذه التطورات قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، إن تصريحات المتحدث باسم الإدارة الأمريكية مهمة جدًا لكنها تأتي بالتوازي مع الرعاية الأفريقية التي لم يعلن إخفاقها حتى هذه اللحظة. وحذر "سلامة" في تصريحات صحفية، من أن الموقف خطير جدًا في ظل تعنت إثيوبيا وعدم توقفها عن سياسة الرفض لغتمام اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية سواء كانت الخزانة الأمريكية أو البنك الدولي للإنشاء والتعمير، فشلا في إقناع أديس أبابا بالتوقيع بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق لملء وتشغيل سد النهصة في فبراير 2020م.
ووصف سلامة تصريح الإدارة الأمريكية بأنه خطير جدًا، مشيرا إلى أنه يأتي بالتقاطع مع التصريحات الرسمية للسودان ومصر بأنهما يمكن أن يلجئان لمجلس الأمن. واشار إلى أن مفاوضات سد النهضة تشبه المفاوضات الحلزونية الماراثونية منذ أبريل 2011 حتى اللحظة، مؤكدا أن الحكومة الإثيوبية تريد الانفراد بملء السد الأكبر في أفريقيا لأنها تتحرك من منطلقات فاسدة وهي السيادة المطلقة على نهر النيل الأزرق وتزعم أن مصر عوقت التطور في إثيوبيا.

مؤامرة
وأكد الدكتور محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية السابق، أن مفاوضات سد النهضة آلت إلى وضع غير طيب بالنسبة لمصر، مشيرا إلى أن سياسة المفاوضات من أجل المفاوضات يجب أن تتوقف. وقال محسوب فى تصريحات صحفية: «لا استبعد نظرية المؤامرة في أزمة سد النهضة»، مشيرا إلى أن هناك أياد خفية تعمل من أجل حرمان مصر من حقوقها التاريخية فى مياه النيل. وطالب بضرورة الضرب على هذه الأيادى التى لا تعمل من الخارج فقط بل من الداخل المصرى أيضا والتمسك بحقوقنا التاريخية وإلا فسوف تكون الكارثة.
وقال منتصر عمران، كاتب صحفى، إنه منذ عشر سنوات أثيرت قضية السد النهضة الأثيوبي كقضية حياة أو موت للشعب المصري، مشيرا إلى أن القضية منذ وقت الإعلان عن بدء البناء أصبحت الشغل الشاغل للمواطن المصري البسيط قبل النخب السياسية. وأشار عمران فى تصريحات صحفية، إلى أن بناء سد النهضة قد أصبح أمرا واقعا لا يمكن تجاهله، وأصبح الكلام الآن عن ملء بحيرة السد وكيفية تشغيل السد، وهل ستتأثر حصتنا التاريخية من المياه. موضحا أن هذا ما قامت عليه المفاوضات بين الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا والتي انتهت بدون التوصل إلى اتفاق حيث يتمسك كل فريق بما يراه.
وأكد أن معظم الخبراء يؤكدون أن عملية التخزين كما يدعيها الجانب الأثيوبي صعبة التحقيق، وانه يفاوض بها من أجل الابتزاز والدعاية الانتخابية للحكومة، لافتا إلى أن سعة التخزين تقدر بـ ٧٥ مليار متر مكعب يمكن تخزينها خلال ٦ شهور فقط، ولكن عندما تأتي شهور الأمطار من شهر مايو وحتى يوليو والتي تقدر كمياتها بـ ٥٠ مليار متر مكعب، فإن ذلك يجبر السلطات الإثيوبية على فتح العيون الأربعة للسد للتخلص من هذه المياه لأن في بقائها أضرار كبيرة بالسد.
واعتبر عمران أن تصريحات المسئولين الإثيوبيبن من آن لآخر للبدء في التخزين ما هي إلا رسالة موجهة للداخل، علاوة على كونها دعاية للحصول على التمويل من قبل بعض المنظمات والدول التي لها اغراض في مياه النيل خدمة للكيان الصهيوني؛ وذلك عن طريق ابتزاز نظام السيسي لما يعلمون من تأثير نهر النيل على حياة المواطن المصري.

الخيار العسكري
ووصف الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، التطورات الأخيرة فى أزمة سد النهضة بأنها "كارثة لدبلوماسية نظام السيسي". وقال السيد فى تصريحات صحفية : "نظراً لعدم وجود ما يشير إلى أن الحكومة الإثيوبية خففت من موقفها، فلن تنجح أى مفاوضات فى غنهاء هذه الأزمة"، منتقدا دولتى المصب لموافقتهما على الدخول فى أى مفاوضات تدعو إليها إثيوبيا دون وضع شروط قبل الدخول فى هذه المفاوضات. وطالب بضرورة تبنى دولتى المصب موقف حاسم من الأزمة قبل يوليو المقبل موعد الملء الثانى الذى أعلنت عنه إثيوبيا، مشددا على ضرورة منع غثيوبيا من هذا الملء حتى ولو تم اللجوء إلى القوة العسكرية.