بعد إعلان تمسكها بالملء الثاني.. هل يستطيع السيسي مواجهة إثيوبيا؟

- ‎فيتقارير

أعلنت إثيوبيا مجددا تمسكها بالملء الثانى لخزانات سد النهضة خلال الفيضانات فى شهري يوليو وأغسطس المقبلين، وأكدت أنه لا توجد قوة فى العالم تستطيع منعها من مواصلة تنفيذ مشروعها العملاق الذى سيعود بالخير والتنمية على الشعب الإثيوبي.
وانتقدت إثيوبيا موقف دولتى المصب مصر والسودان من الملء الثانى ومن مشروع السد بصفة عامة مستنكرة مطالبة الدولتين بحقوقهما التاريخية فى مياه نهر النيل. وقالت إنه لا توجد حقوق تاريخية لأحد، وأن النهر ينبع من إثيوبيا، وبالتالى فهى صاحبة الحق فى المياه وتوجيهها لما يخدم مصالحها متهمة دولتى المصب بمحاولة فرض سيطرتهما على نهر النيل.
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد قال إن التعبئة الثانية لسد النهضة، في يوليو المقبل، هي بمثابة قيامة إثيوبيا أسوة بقيامة المسيح. وأضاف آبي أحمد -في بيان له – إن مشروع سد النهضة الذي تتطلع البلاد لاستكماله بات قريبًا، مشيرا إلى أنه بينما تكافح بلاده لاستكمال بناء السد فإن منافسيها لن يترددوا عن رمي الحجارة فى طريقها حتى تحيد عن اتجاهها لكن أحدا لن يستطيع وقفنا أو عرقلة جهودنا.

القانون الدولي
حول الموقف الاثيوبي، قال الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، إن إثيوبيا ماضية في استكمال عملية الملء الثاني للسد من دون العودة إلى مصر والسودان. وأضاف أبو زيد فى تصريحات صحفية، أن ما يقوم به الجانب الإثيوبي لا يتفق مع قواعد القانون الدولي بشأن الأنهار المشتركة، وهو ما يزيد حدة التوتر بين الأطراف المعنية مصر والسودان وإثيوبيا.
وحول إمكانية انسحاب نظام الانقلاب من اتفاق المبادئ الموقع في 2015، أكد أنه لم يعد بإمكان السيسي تحقيق ذلك، لافتا إلى أن الاتفاق قائم وهو الوثيقة الوحيدة الآن التي وقعت عليها الدول المعنية.
واستبعد أبو زيد إقدام نظام السيسي على الخيار العسكري إزاء أزمة السد، موضحا أنه يريد حل الأزمة عن طريق المفاوضات. وشدد على أنه إذا لم تتراجع إثيوبيا عن عملية الملء الثاني للسد فلا بد من بذل كل الجهود للرجوع إلى مائدة التفاوض لإنهاء الأزمة لأنه لابد من حل. وكشف أبو زيد أن كل ما يقوم به نظام السيسي في الوقت الحالى هو محاولة تصعيد الأزمة أمام المجتمع الدولي من خلال الزيارات التي يقوم بها وزيرا خارجية البلدين لإيضاح الموقف بشأن تعنت إثيوبيا وإصرارها على المضي قدما في الملء الثاني للسد.

حياة أو موت
ويؤكد الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه العالمي، أن إثيوبيا تريد المضي قدما في عملية الملء الثاني من أجل التغطية على أزماتها الداخلية. وقال القوصى فى تصريحات صحفية، إن القانون الدولي يتحدث عن عدالة التوزيع فضلا عن قواعد عدم الضرر والإخطار المسبق، لكن أديس أبابا تعتقد بملكيتها للنيل الأزرق وأن لها السيادة الكاملة على نهر النيل. وأشار إلى أن اتفاق المبادئ يتحدث عن ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي، فلماذا لا تلتزم به إثيوبيا؟
وشدد القوصي على أن كل مليار متر مكعب من المياه ستحتجزه إثيوبيا سيؤدي إلى فقد إنتاج 200 ألف فدان من الآراض الزراعية في مصر. وحذر من أن أثار سد النهضة ستكون كارثية على البلاد ومياه النيل قضية حياة أو موت. وأعرب القوصي عن أسفه لأن الجانب الاثيوبى لا زال يمارس المراوغة والمماطلة وإلقاء التهم الباطلة ما يعكس أن موقفه يتوجه إلى الداخل أكثر من التوجه له للخارج؛ بمعنى أن لديهم مشكلات داخلية بين مختلف القبائل الإثيوبية ما يجعلهم في أمس الحاجة لأى ضربات خارجية حتى يستطيعوا أن يجمعوا شتات الموقف الداخلي. وطالب نظام الانقلاب بمنع الملء الثاني أو تشغيل سد النهضة قبل التوصل لاتفاق قانوني ملزم حتى لو أدي ذلك لتصعيد عسكري.

تدويل الأزمة
وقال الدكتور حمدى عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية، إن الكذب والخداع الإثيوبى لم يعد ينطلي على العالم، مشيرا إلى أن الخارجية الأثيوبية بعثت رسالة إلى مجلس الأمن الدولي من أجل حث كل من مصر والسودان على العودة إلى طاولة المفاوضات بحسن نية وعدم السعي لتدويل قضية السد، وهو كلام لا يستقيم أبدا. وتساءل عبدالرحمن فى تصريحات صحفية: أي حسن نية تلك التي يتحدث عنها أبي أحمد بعد عشر سنوات من المفاوضات ورفضه المستمر فكرة الاتفاق الملزم بحجة ملكيتهم للنهر وأنهم لن يلحقوا الضرر بدولتي المصب؟!
وأشار إلى أنه فى ظل استمرار التعنت الأثيوبي ورفض أي اتفاق ملزم، اتجه نظام السيسي إلي طلب وساطة البنك الدولي والولايات المتحدة، ولكن أثيوبيا رفضت ذلك بحجة عدم التدويل رغم أن الاتحاد الأفريقي نفسه هيئة دولية، ولكن المعنى المقصود هو أن الاتحاد الإفريقي لن يستطيع فرض تنازلات على أديس أبابا. وأوضح عبدالرحمن أن الموقف الأثيوبي الملىء بالمغالطات لم يعد ينطلي على أحد، مؤكدا أنه من غير الممكن أن يصدق أحد فكرة أثيوبية النهر وتطبيق مفاهيم السيادة عليه وهو نهر دولي، كما أننا إذا قبلنا بفكرة رفض المعاهدات التي وقعت في الحقبة الاستعمارية، فإن حدود أثيوبيا نفسها تتراجع وتنحسر وتفقد الأراضي التي سيطرت عليها عن طريق الغزو ومنها بني شنقول السودانية والصومال الغربية.