في الذكرى الرابعة.. هذه أبرز الدروس المستفادة من حصار قطر

- ‎فيعربي ودولي

نشر موقع "الجزيرة نت" باللغة الإنجليزية تقريرا سلط خلاله الضوء على ذكرى مرور 4 سنوات على الأزمة الخليجية بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وبحسب التقرير الذي ترجمته الحرية والعدالة، يصادف هذا الشهر مرور أربع سنوات على فرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا على قطر وخمسة أشهر منذ قمة مجلس التعاون الخليجي في العلا في المملكة العربية السعودية، والتي شكلت نهاية أعمق صدع في تاريخ المنظمة. تعكس الطريقة التي بدأ بها الحصار الذي دام 43 شهرا والطريقة التي انتهى بها تغييرات أوسع بكثير في التوقعات الإقليمية والدولية منذ عام 2017.

ولذلك، من المهم النظر في الدروس المستفادة من السنوات الأربع الماضية، وما إذا كان الاتفاق الموقع في العلا دائما؟، وكيف تسير عملية المصالحة؟

أزمة إقليمية

من البداية إلى النهاية، كان حصار قطر دراسة مدرسية لأزمة إقليمية في عصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإضعاف النظام الدولي القائم على القواعد، ما يرقى إلى لعبة السلطة المصممة لعزل قطر سياسيا ،واقتصاديا بدأ باختراق وكالة الأنباء القطرية ،وزرع خبر مزيف يزعم أنه يقدم تعليقات حارقة من قبل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني؛ وهذا ما جعل سلسلة الأحداث التي أعقبت مظاهر أزمة في العالم الحقيقي متجذرة في مفهوم "الحقائق البديلة" – وهو المصطلح الذي صاغته "كيليان كونواي" مستشارة ترامب العليا آنذاك، في يناير 2017.

كما اتبع الحصار نمطا من التواصل مع إدارة ترامب القادمة من قِبَلِ مسؤولين إماراتيين وسعوديين بدأ بزيارة قام بها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى نيويورك؛ للاجتماع مع أعضاء الفريق الانتقالي في ديسمبر 2016، وتُوّج هذا التواصل برحلة ترامب الرئاسية الأولى إلى الرياض في مايو 2017، وشملت هذه الفترة سلسلة من التفاعلات التي يبدو أنها عازمة على جذب أسلوب صنع القرار في البيت الأبيض ،من خلال خلق وتضخيم حملة نفوذ تصور قطر على أنها فاعل سلبي في الشؤون الإقليمية.

ويبدو أن هذا النهج يؤتي ثماره عندما صدم ترامب المراقبين، بمن فيهم وزيرا خارجيته ودفاعه، بكل المقاييس، بدعمه الحصار في البداية وبدا أنه يربط قرار الانتقال ضد قطر بالمحادثات التي أجراها في الرياض قبل أسبوعين، وهدد تصريح ترامب بقلب العمود الفقري لشراكات قطر الأمنية، والدفاعية مع الولايات المتحدة، وتشجيع الآمال في عرقلة العواصم بأن نهج ترامب في التعاملات قد يدفعه إلى الانحياز إلى جانب في النزاع.

وإذا نظرنا إلى الوراء، فإن الافتراض بأن بقية الحكومة الأمريكية سوف تتبع البيت الأبيض في الانحياز كان خاطئا، وكان رد الفعل من وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، والقادة العسكريين الأمريكيين هو الذي دفع ترامب في نهاية المطاف إلى تغيير موقفه.

صعوبة حل النزاع

ومن غير الواضح لماذا كان المسؤولون في الولايات المحظورة، بمن فيهم بعض الذين كانوا على دراية جيدة للغاية بالسياسة الأمريكية، ليعتقدوا عكس ذلك، أحد الاحتمالات هو أن إدارة ترامب، التي دخلت السلطة معلنة بصوت عال عزمها على القيام بالأمور بطريقتها الخاصة بغض النظر عن قيود المعايير، والإجراءات المستقرة، شجعت ببساطة الأصدقاء ،والخصوم على حد سواء على الاعتقاد بأنها تعني ما قالته.

وبحلول سبتمبر 2017، استقر الحصار في نمط احتجاز استمر لبقية فترة رئاسة ترامب المضطربة، وكانت زيارة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى البيت الأبيض في ذلك الشهر بارزة لتعليق الأمير صباح بأن "المهم هو أننا أوقفنا العمل العسكري"، لكن محاولات الكويت والولايات المتحدة للتوسط وجدت صعوبة بعناد في الخروج من المأزق.

في مناسبتين على الأقل، في ديسمبر 2019 ويوليو 2020، تبددت الآمال في تحقيق انفراجة في العلاقات السعودية القطرية، مما يدل على صعوبة حل نزاع شمل خمسة أطراف بدلا من طرفين فقط.

ما أدى إلى تحقيق تقدم كبير في العلا في يناير 2021 هو سلسلة من التطورات، إقليميا ودوليا، في عامي 2019 و2020. وفي حين أن تغريدات ترامب الداعمة للحصار في يونيو 2017 هي التي أثارت (مؤقتا) الشكوك حول موثوقية الشراكة الأمريكية، بالنسبة للرياض وأبو ظبي، فإن "لحظة الحقيقة" بين مايو وسبتمبر 2019. وقد بلغ فشل إدارة ترامب في الرد على سلسلة الهجمات على أهداف بحرية وطاقة في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة وحولهما ذروته في تمييز ترامب علنا بين المصالح الأمريكية والسعودية في أعقاب الهجمات الصاروخية ،والهجمات بالطائرات بدون طيار ضد منشآت النفط السعودية.

لقد ثقبت هجمات عام 2019، المرتبطة بإيران، الحزم الإقليمي لصنع السياسات السعودية والإماراتية، فضلا عن الافتراض، لا سيما عندما يتعلق الأمر بأي شيء يتعلق بإيران، بأن مصالحهم والمصالح الأمريكية هي نفسها فعليا، وبدأ القادة الإماراتيون والسعوديون في التواصل مع إيران، بشكل مباشر وغير مباشر، لاستكشاف سبل تهدئة التوترات، في حين ردت القيادة القطرية على هجوم سبتمبر 2019 على "بقيق" بإعادة التأكيد على مبدأ الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي. إن لم يكن هناك شيء آخر، فقد أظهرت هجمات عام 2019 أنه على الرغم من كل الاختلافات في النهج، لم تكن الدوحة التهديد الرئيسي، أو حتى الكبير، للأمن والاستقرار الإقليميين الذي تم التخلص منه في عام 2017.

استعدادا لـ"بايدن"

وبعد عام، كان فشل ترامب في إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 يعني أن قادة الخليج واجهوا احتمال تولي إدارة بايدن السلطة في يناير 2021، وخلال الحملة الانتخابية، أعرب بايدن وآخرون في فريقه عن شكوكهم بشأن المنطقة، ولا سيما موثوقية المملكة العربية السعودية ولي عهد محمد بن سلمان كشريك مسؤول، لذلك، لم يكن من المستغرب أن يشهد الانتقال من ترامب إلى بايدن أيضا إنهاء حصار لم يكن ليحدث على الأرجح في عهد أي رئيس آخر، وأن يضع المسؤولون السعوديون محمد بن سلمان في مقدمة مركز قمة المصالحة، وصوروه على أنه رجل دولة إقليمي ،ورسموا خطا خلال السنوات الأربع الماضية.

وفي حين لم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة لاتفاق العلا، هناك أسباب للتفاؤل الحذر بأن عملية المصالحة أكثر دواما مما كانت عليه بعد توقيع اتفاق الرياض الذي أنهى مواجهة دبلوماسية في عام 2014، والذي فشل في منع القطيعة اللاحقة في عام 2017، وتجدر الإشارة إلى أن اجتماعات المتابعة قد عُقدت بين الوفود القطرية والإماراتية ،فضلا عن الوفدين القطري والمصري، وعُقدت جولات متتالية من المحادثات لمعالجة القضايا التي تثير القلق.

وهذا يشير إلى أن اتفاق العلا، على عكس اتفاق الرياض، ليس وثيقة لمرة واحدة، بل هو جزء من عملية أعمق لإعادة الانخراط على مسارات ثنائية محددة يمكن أن تمكن الطرفين من التعمق أكثر مما يسمح به اتفاق عام "واحد يناسب الجميع"، كما يشير إلى اعتراف بأن القضايا قابلة للجَسر ولا تُصاغ على أنها إنذار "خذها أو اتركها" كما هو الحال مع ما يسمى بالمطالب الـ 13 التي قدمتها الدول المحظورة في يونيو 2017 والتي لم تكن أساسا للتفاوض المثمر.

ويبدو أيضا أن هناك اعترافا بالمرونة ،بأن العلاقات بين قطر والدول الأربع القابعة لن تسير جميعها بنفس السرعة، أو العمق، وبالفعل هناك دلائل على أن العلاقات قد تحسنت بشكل أسرع وأطول مع المملكة العربية السعودية و(إلى حد أقل) مصر، وهو ما يعكس على الأرجح حقيقة أن الكثير من العداء الأصلي وراء الحصار لم ينشأ في الرياض أو في القاهرة. وإلى جانب قادة دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت القيادة القطرية عن دعمها لولي العهد في فبراير في أعقاب نشر نتائج وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية المتعلقة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، وأكدت من جديد أهمية استقرار المملكة العربية السعودية للأمن الإقليمي في الخليج، وزار الأمير تميم محمد بن سلمان في جدة في 10 مايو، ويبدو أن العلاقات على جميع المستويات قد عادت بالكامل.

كان حصار قطر أطول صدع في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي، الذي احتفل بالذكرى الأربعين لتأسيسه في 25 مايو، وعلى عكس فترات التوتر السابقة، لم يقتصر تأثيره على مستوى القادة والنخب التي تقوم بصنع السياسات، بل شمل دولا بأكملها، وقد يستغرق إصلاح الأضرار التي لحقت بالنسيج الاجتماعي لـ "بيت الخليج" وقتا أطول، وقد تستمر ذكريات المرارة والضغينة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ولكن في الوقت الحاضر والمستقبل المنظور، من المرجح أن تضع جميع أطراف الحصار طريقة للتعايش على الأقل إلى أن يتغير السياق الإقليمي، أو الدولي مرة أخرى.

 

https://www.aljazeera.com/features/2021/6/5/has-the-gulf-reconciled-after-the-end-of-the-qatar-blockade