دراسة: أحكام الإعدام القاسية لوأد التقارب مع تركيا وابتزاز انقلابي لتسليم المعارضين

- ‎فيتقارير

قالت دراسة حديثة إن "الانقلاب العسكري أراد برفع حدة أحكام الإعدام القاسية إلى أن تصبح جريمة سافرة وإرسال رسالة سلبية للجانب التركي من زاويتين: الأولى أن هذه الأحكام القاسية قد تكون مقصودة من أجل وأد هذا التقارب في مهده، ووضع القيادة التركية أمام اختبار أخلاقي قاس وعنيف، وأن أجنحة داخل نظام الانقلاب المصري كانت تتوقع رد فعل غاضب من أنقرة تفضي إلى تجميد إجراءات التقارب البطيئة.
الثاني، قد تكون هذه الأحكام بمثابة اختبار لمدى تخلي القيادة التركية عن المعارضين في مصر والإسلاميين منهم على وجه الخصوص، ومدى تجاوبها مع الضغوط المصرية في ظل هذه الأحكام الجائرة".
وأضافت الدراسة التي نشرها موقع "الشارع السياسي" بعنوان "العلاقات المصرية التركية .. أسباب فتور العلاقات ومآلاتها" أن "الهدف من هذه الأحكام هو رسالة بأن التقارب وتطبيع العلاقات بين الجانبين، ليس معناه تخلي نظام الانقلاب في مصر عن سجله المُتخم في انتهاكات حقوق الإنسان، والإصرار على قمع الإسلاميين، باعتباره ثابتا من ثوابت سياسات نظام السيسي، وعلى تركيا أن تقبل بهذه المعادلة على هذا النحو المستفز".

مآلات التقارب
وخلصت الدراسة إلى أن "التوتر الجاري في العلاقات لن يعرقل تقدمها، وما جرى من تصريحات لسامح شكري وتجميد زيارة الوفد المصري لتركيا بشكل مؤقت ماهو إلا شكل من أشكال الابتزاز المصري لتركيا، من أجل الضغط عليها للامتثال للمزيد من الضغوط المصرية لا سيما فيما يتعلق بملف المعارضة المصرية".
وأبانت أن "ضغوط تركيا على إعلاميين معارضين برهان على تواصل إجراءات التقارب، وقد تنجح ضغوط القاهرة في وقف عدد من البرامج وحظر ظهور عدد من الإعلاميين وصولا إلى إغلاق الفضائيات التي تبث من أنقرة، أو على الأقل إجبارها على إيجاد بدائل لتركيا للخروج من الورطة التي تتسبب فيها لأنقرة".
وتوقعت الدراسة أن الانقلاب قد ينجح في الضغط على تركيا لتسليم بعض الشخصيات التي صدرت بحقها أحكام، وبالتالي فإن الأفضل لقادة المعارضة المصرية البحث عن بدائل أكثر أمانا، لا سيما وأن نظام السيسي بدأ مرحلة تقارب مع كل الدول التي تحتضن شخصيات تابعة للإخوان، حيث يتقارب مع تركيا، ويوطد علاقاته مع قطر".
وأشارت إلى أنه "في 21 يونيو 2021م، استقبل السيسي هشام الدين تون حسين، وزير خارجية ماليزيا، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وهي التحركات التي يقف وراءها جهاز المخابرات العامة لملاحقة أنشطة المعارضة بالخارج والحد من تأثيرها ضد الانقلاب".

 

مكاسب الانقلاب
وأوضحت الدراسة أن "التقارب المصري التركي يحقق لنظام السيسي مكاسب بالجملة، لكن القاهرة تخشى من إغضاب حلفائها المناوئين لهذا التقارب في تل أبيب وأبو ظبي والرياض، وبالتالي فإن القاهرة ترغب في بقاء العلاقات عند المستوى الأول فقط لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب  بتحجيم المعارضة والفضائيات المعارضة".
ورجحت الدراسة أن "ينفض الانقلاب يده بعد ذلك دون التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية الذي تطمح إليه تركيا والمحدد له قبل نهاية هذا العام 2021م، بما يعني خسارة كبيرة لأنقرة التي تراجعت عن بعض قيمها ومبادئها من أجل المصالح وخصمت بتقاربها مع نظام السيسي الكثير من مكانتها في نفوس الملايين".
واعتبرت أنه "لوحدث ذلك تكون قد سقطت ولو نسبيا في اختبار القيم والمبادئ من جهة، ولم تحقق حتى مصالحها التي كانت تطمح إليها من جهة ثانية، فالسيسي معروف بغدره وخيانته ويكفي تجربته مع الرئيس الشهيد محمد مرسي لتكون برهانا على ذلك وضرورة التعامل معه بحذر كبير".

ثلاثة مستويات
وعن العلاقات بين تركيا ومصر وضعت الدراسة ثلاثة مستويات:
الأول، هو التواصل والحوار وفتح القنوات الدبلوماسية، وهو مسار قائم وأُنجز فيه الكثير.
وأوضحت أنه "رغم صمت القاهرة في بداية هذا المسار إلا أنه كان شكلا من أشكال التسويق الداخلي بعد فترة عداء طويلة لأنقرة، وإظهار أن تركيا مأزومة ومتلهفة أكثر للعلاقة، ومن جهة ثانية كورقة تفاوضية، وثالثا بانتظار تعبير أصرح بخصوص النظام المصري بحيث يمكن تسويقه على أنه اعتراف رسمي به، مع أن الحوارات والتصريحات بـ”الرغبة في فتح صفحة جديدة” تحمل هذا المعنى ضمنا".
الثاني، توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهو أمر يبقى احتمالا قائما في المدى المنظور، فالمصلحة المشتركة للبلدين واضحة المعالم فيه، إذ أن السردية اليونانية تضرّ بكليهما، في حين أن اتفاقهما كأكبر دولتين على ساحل شرق المتوسط سيعطيهما مساحات أوسع ونفوذا جيوسياسيا أكبر، لكن من معيقات توقيع الاتفاق حرص القاهرة على التنسيق مع اليونان، ومراعاة اصطفافاتها وعلاقاتها الإقليمية.
وقال إن: "التوقيع مرهون بقرار القاهرة تغليب المصلحة على المناكفة والاصطفافات، خاصة أن تركيا كررت مرارا رغبتها في ذلك، فضلا عن تصريحاتها الإيجابية المتواترة".
ثالثا، توقعت الدراسة "حدوث مصالحة كاملة بين البلدين تنقلهما من مربع الصدام إلى مساحة التفاهمات والتعاون وربما أكثر من ذلك، ولا نحتاج إلى جهد كبير للتدليل على أن هذه الخطوة ما زالت بعيدة ومستبعدة ودونها عقبات كثيرة وكبيرة، ليست أقلها حالة التنافس التي تصبغ علاقات البلدين منذ عقود والمشكلة الشخصية بين قيادتي البلدين".

 

ابتزاز أنقرة
وأشارت الدراسة إلى أن "نظام السيسي يتلكأ ويتباطأ ويناكف وصولا إلى ابتزاز أنقرة بإجراءات استفزازية كما جرى في إعدام 17 معتقلا من شيوخ وأفراد بجماعة الإخوان في رمضان الماضي (1442هــ2021م)، ثم الحكم البات والقطعي بإعدام 12 من رموز ثورة يناير وجماعة الإخوان وعلى رأسهم الدكتور محمد البلتاجي الذي يحظى بمكانة خاصة عند الرئيس التركي، وعلى عكس ما كانت ترجو أنقرة من أن يفضي التقارب مع القاهرة إلى تخفيف حدة الانتهاكات الجسيمة بحق المعارضة والإسلاميين على وجه الخصوص".

 

https://politicalstreet.org/4049/?fbclid=IwAR3QxqXJnEjCZUNWIm5idM1NjOOyWuNEBDWAEb5Xdfsa9IdoBIzV2KxaxSw