«مش بتوع حرب».. سد النهضة كشف للمصريين حقيقة جنرالات الكباري

- ‎فيتقارير

لم يكن سد النهضة مجرد سد لحجز الماء وتوليد الكهرباء وتعطيش المصريين وأداة صهيونية لعقابهم جماعيا كلما لزم الأمر، بل كان الباب الذي فتحه السفاح عبد الفتاح السيسي على نفسه ليعرف الشعب حقيقة جنرالات المعونة الأمريكية، وهل يستمرون في الاستثمار باسم الوطنية في السمك والكحك والمقاولات، أم سيكونون في صف الشعب ويدمرون الخطر الذي يهدد الشعب.
"لماذا لا تقوم مصر بهدم سد النهضة حتى الآن"؟ ذلك هو السؤال المُحيّر. 

مش بتوع حرب..!
وبدا واضحا كم العجز والتخبط الذي سقطت فيه عصابة الانقلاب، التي أوعزت إلى أذرعها الإعلامية في ضخ المزيد من المبررات والدجل لمداراة الورطة، ومن بين الأذرع لميس الحديدي والتي أشادت بما وصفته بجاهزية وتعامل عصابة الانقلاب مع ملف سد النهضة، مؤكدة أنها تعمل على كافة المستويات، وأنها متمسكة وستظل متمسكة بحقوقها وحقها في استخدام كافة الأدوات المتاحة.
وحول تفسير لفظ "الأدوات المتاحة" قامت لميس باللف والدوران حتى لا يعتقد المصريون أن عصابة الانقلاب في طريقها لتدمير السد في عملية حربية، وقالت عبر برنامجها "كلمة أخيرة" المذاع على قناة "ON" يوم الثلاثاء الماضي: "خلوني أحط تحت كلمة كافة الأدوات ثلاثة خطوط، وده كلام السيسي وكافة المسؤولين هنحمي حقوق مصر ومقدرات شعبها، ومصر جاهزة بالفعل للتعامل مع التداعيات السلبية ومصر كانت تجهز نفسها لمثل هذا الصلف والتعنت الإثيوبي، بخطط كثيرة وعلى مستويات عدة والدولة شغالة عليها من وقت طويل".
وصدمة المشاهدين أن لميس عادت لنغمة تحلية مياه البحر والشرب من مياه المجاري، وقالت: "من الناحية الفنية مصر جاهزة بأدوات جديدة مثل محطات تحلية المياه وتبطين الترع وده نموذج الدولة الناجحة اللي ماشية في اتجاهين نتفاوض ومنفرطش بحسن نية، ونحن نثق في القيادة السياسية وتقديرها وقياسها للأمور ومصر كررت كثيرا أن كل السبل متاحة للحفاظ على حقوقها ومقدرات شعبها، وتوقيت ذلك وكيفيته يترك للقيادة السياسية وفقا لرؤيتها".
وهنا ربما كتم المشاهد ضحكة ساخرة تناسب الدجل الذي تمارسه الحديدي، والتي أردفت بحسب توجيهات المخابرات "مينفعش نطالب بتدخل عسكري إحنا، لأن الأمر مش فسحة ولا نزهة وإحنا لدينا دولة قوية وجيش قوي وأي تحرك نتركه للقيادة لأن هناك حسابات أخرى مثل التداعيات الدولية".
وختمت الحديدي بالقول: "نحن نثق في الدولة المصرية وتقديرها؛ لأن مصر قادرة على الدفاع عن أمنها المائي ولن تسمح بذلك، لكن اتركوا القرارات المصيرية للقيادة السياسية وبلاش كلام السوشيال ميديا".
ويرد حساب "رجل من زجاج" بتغريدة على دجل "الحديدي" بالقول: " تعبنا والله من هذه الحكايات في مجلس الأمن صيغت قرارات ضياع فلسطين، ونشأة الكيان الصهيوني، وفيه أُذن للعالم بتدمير العراق سنة 1991 وعلى عينه دارت حرب البلقان وحدثت مجازر الصرب بالمسلمين، وفي كل مكان فيه مسلمون له حكاية سد النهضة مشروع دولي، أفيقوا فوقوا اصحوا انتبهوا".

 

تراكم الخطايا
بدأت عصابة الانقلاب العسكري بمصر تنفض غبار ملفاتها الإفريقية المهمة حين وصلت مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود مؤخرا، ومن ثم بدأ التحرك أخيرا في دول حوض النيل برعاية كبرى قيادات الجيش المصري أثناء الشهور الماضية، لا سيما مع تراجع سُمعة إثيوبيا دوليا ووقوعها من جديد في مستنقع صراع أهلي شكّل مُتنفسا للسياسة المصرية.
ومع تحولات إيجابية عديدة في السياسة الخارجية، شرعت عصابة الانقلاب في تدشين اتفاقات اقتصادية وعسكرية متتالية مع دول شرق أفريقيا، كما لوحت لأول مرة بورقة العمل العسكري تلويحا غير مباشر على لسان السفاح السيسي، وإن تخبط وزير خارجيته بين طمأنة المصريين تارة بأن ملء السد لن يؤثر عليهم، والتلويح تارة أخرى بأن مصر لن تسمح بحدوثه دون اتفاق،
لا تمتلك مصر حدودا جغرافية ملاصقة لإثيوبيا، كما لا تملك يدا تصل بها إلى مصدر التهديد المُمثل في سد النهضة، وهو ما يعمق الأسئلة حول تكلفة الخيار العسكري، ويثير الهواجس حول مدى جدواه وفاعليته.
ورغم أن رغبة القتال يمكن أن تكون حاضرة بالفعل لدى الجيش المصري، الذي يتربع منذ زمن بعيد على قائمة أفضل جيش عربي وأفريقي، فإن مفردات الحرب هذه المرة متغيرة، ولا تعتمد فقط على ما قد يصنعه السلاح.
ومن المؤكد أن عملا بهذا الحجم سيُفجِّر بركانا من المشاعر المُعادية لمصر في إثيوبيا وسيلا من المتاعب الدولية والقانونية، يضاف إلى ذلك أنه ما من دليل يؤكد أن استهداف سد النهضة سيجعل إثيوبيا تتورع عن بناء سد آخر، أو السعي لتقليص حصة مصر من مياه النيل مجددا في المستقبل.
ناهيك بأن عصابة الانقلاب بمصر لا تمتلك حتى اللحظة تصورا عن الدول التي قد تدعمها في حوض النيل بعد عقود من غيابها عن المنطقة، واستهداف السد في وجود اتفاق المبادئ، الذي وقّعه السفاح السيسي في مارس عام 2015، هو عمل عدائي في نظر القانون الدولي.
وينص الاتفاق على السماح للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا ببناء السدود على نهر النيل لتوليد الكهرباء، وهو ما يعني اعترافا مصريا سودانيا بشرعية بناء سد النهضة.
يضاف إلى ذلك أن الاتفاق نفسه منح إثيوبيا سلطة كاملة في بناء السدود دون ضمانات أو رقابة، ومنح الاتحاد الأفريقي ضمنيا حق تجميد عضوية مصر حال استهدفت الأخيرة السد عسكريا، كما يحق لإثيوبيا تقديم شكوى لمجلس الأمن.
وفي حين يشمل الاتفاق بندا مختصا بتسوية النزاعات وكيفية ترتيب المسائل المتعلقة بالمفاوضات، تمتلك إثيوبيا تفسيرات لاتفاق المبادئ تجدها كافية لكسب أي قضية أمام محكمة العدل الدولية، وهو الطرح الذي أكدته واشنطن لاحقا بإشارتها إلى أن الاتفاق الثلاثي لا يتضمن بنودا مُلزمة لحفظ حصة مصر من المياه.