أحيا ناشطون الذكرى 26 لمذبحة "سربرنيتشيا"، بعدما استولت وحدات من صرب البوسنة على المنطقة، وفي أقل من أسبوعين، قامت هذه الوحدات الإرهابية بتصفية ممنهجة لأكثر من 8 آلاف من مسلمي البوسنة (البوشناق)، في أبشع جرائم قتل جماعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
قبل المذبحة، أخبر قائد الوحدات الصربية راتكو ملاديتش المدنيين المذعورين بألا يخافوا، ثم شرعت قواته في مذبحة لم تتوقف لعشرة أيام. الغريب أنه على مقربة من المشهد، كانت تقف قواتٌ لحفظ السلام خفيفة التسليح تابعة للأمم المتحدة، ولم تحرّك ساكنا.
وقتها، قال الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان إن "مأساة سربرنيتسا ستظل إلى الأبد وصمة في تاريخ الأمم المتحدة". وكانت مذبحة سربرنيتسا جزءا من عملية تطهير عرقي استهدفت المسلمين على أيدي قوات صربية أثناء الحرب البوسنية، وهي إحدى الحروب العديدة التي اندلعت في حقبة التسعينيات مع تفتت يوغوسلافيا.
وأعلنت البوسنة والهرسك استقلالها في عام 1992 عقب إجراء استفتاء، قبل أن تحظى باعتراف الولايات المتحدة وعدد من الحكومات الأوروبية. لكن صرب البوسنة قاطعوا الاستفتاء. ولم يمض وقت طويل حتى نفذت قوات تابعة لصرب البوسنة – مدعومة من الحكومة الصربية – هجوما على الدولة الوليدة.
وشرع المهاجمون في إزالة مسلمي البوشناق من المنطقة في محاولة لإقامة "صربيا الكبرى" – في سياسةٍ عُرفت بالتطهير العِرقي. واعتنق البوشناق الإسلام إبان الحكم العثماني لبلادهم في العصور الوسطى.
ذكرى أليمة
بدورهم، شرع ناشطون فى عرض صور ومقاطع توثق الجريمة التى ماتزال حتى الآن تشرح الجدار البوسنى والآلاف من تلك الأسر المسلمة هناك.
https://twitter.com/melladabdelfata/status/1413861356026146823
وفي السادس من يوليو من عام 1995، نفذت قوات تابعة لصرب البوسنة هجوما عنيفا على سربرنيتسا. وتواطأت القوات التابعة للأمم المتحدة أو تقهقرت، ولم يُجدِ الاستنجاد بطائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو) نفعًا في وقف زحف القوات المعتدية. وسقطت سربرنيتسا في غضون خمسة أيام، ليخطو الجنرال ملاديتش في شوارع المدينة مزهوا بانتصاره رِفْقة جنرالات آخرين.
عندها لجأ نحو 20 ألف شخص إلى قاعدة الأمم المتحدة حيث يوجد الجنود الهولنديون. وبدأت أعمال التصفية في اليوم التالي. ومع صعود اللاجئين المسلمين إلى حافلات الإجلاء، قامت قوات تابعة لصرب البوسنة بعزل الرجال والصبية عن غيرهم ثم ساقوهم بعيدا، حيث أُطلق عليهم الرصاص.
وأُعدم الآلاف ودُفعت جثثهم في قبور جماعية باستخدام جرافات. وترجح تقارير أن البعض دُفن حيًا، بينما أُجبر آباء على مشاهدة أبنائهم وهم يُقتلون. أما النساء والفتيات فقد أُخرجن من الصفوف ليُغتصبن. ويقول شهود إن الجثث كانت متناثرة في الشوارع.
ولم يحرك الجنود الهولنديون التابعون لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ساكنا إزاء ما يشهدون من عدوان صربي، بل لقد سلّموا نحو خمسة آلاف مسلم التجأوا إلى قاعدتهم للاحتماء. وكشف تحقيق في محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي أن تخطيطا مكثفا جرى استعدادا للمذبحة.
وجاء في منطوقِ حكمٍ صدر بحقِّ أحد قادة صرب البوسنة: "جرتْ جهود منسقة لتصفية كل المسلمين القادرين على القتال". وكان يتم البحث بشكل ممنهج عن الذكور في الحافلات التي كانت تقل النساء والأطفال. وحتى بعض الأطفال وكبار السن من غير القادرين على حمل السلاح تمت تصفيتهم.
جريمة العصر
ولا تزال أصداء هذه المذبحة تتردد حتى يومنا هذا، ولا يزال يُكشف عن جثث الضحايا بعد 25 عاما من الجريمة.
يقول أحد المغردين: #سربرنتشيا الرصاص الذي صوب على صدور الرجال هناك لم يقتلهم ،انما قتل الإنسانية …. سربرنتشيا هي صخرة هشمت لوحة ثمينة للسلام العالمي.
https://twitter.com/ineziroglu/status/1414194891127730181
وعلق محمد: الذكرى ال ٢6 ل #سربرنتشيا .. في مثل هذا اليوم وبتواطؤ من قوات الأمم المتحدة، قام الصرب بقتل ما يزيد عن ٨ آلاف مسلم بعد أن خدعتهم القوات الهولندية، وطلبت منهم تسليم أسلحتهم، ثم تركتهم فريسة للصرب! هل سنجد المتباكين عليهم كما تباكوا على #آيا_صوفيا بالأمس أم أن التعليمات لم تأت بذلك؟.
وأضاف آخر: ذكرى مذبحة سربرنتشيا .. لحظات سوداء في تاريخ الإنسانية.
https://twitter.com/istanbulli1453/status/1414210933967237128
في عام 2002، نُشر تقرير يُنحي باللائمة على الحكومة الهولندية ومسؤولين من الجيش في الفشل في منع المذبحة. وبناء عليه استقالت الحكومة بالكامل. وفي عام 2019، أصدرت المحكمة العليا في هولندا حكما قالت فيه، إن هولندا مسؤولة بشكل جزئي عن مقتل 350 شخصا في مذبحة سربرنيتسا. وفي عام 2017، دانت محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي الجنرال ملاديتش بارتكاب إبادة جماعية وجرائم أخرى. وظل ملاديتش مختبئا بعد نهاية الحرب في عام 1995 ولم يُعثر عليه إلا في عام 2011 في منزل أحد أقاربه شمالي صربيا.