تحديات الطب في مصر تزيد معاناة أصحاب “الروب الأبيض” وحكومة الانقلاب تتعمد “تهجير أطباء مصر قسريا”!

- ‎فيتقارير

يبدو أن نظام الانقلاب يستهدف، عبر  سياساته، تطفيش الأطباء خارج مصر، وصولا لقتل المصريين والفقراء بالأمراض والأوجاع فيما المستشفيات العسكرية هي الوحيدة القادرة على تقديم الخدمات الطبية بأمن وأمان ورواتب مميزة للأطباء لأجل العسكريين فقط.

صعوبات تدفع للهجرة

ويواجه أطباء مصر في عهد السيسي، الكثير من الصعوبات والتحديات المُفضية لهجران المهنة والعمل؛ بل والحياة والوطن فما بين أزمة التكليف للخريجين الجدد، إلى أزمات الزمالة المصرية، وحصر تخصصات معينة قد لا تروق للأطباء بالمخالفة لكل دول العالم، إلى تعريضهم لخطر الموت بإصابات فيروس كورونا، الذي قتل ما يقرب من 884 طبيبا، دون أن تُعامل أسرهم معاملة شهداء الجيش والشرطة، من تخصيص مكافات أو معاشات استثنائية؛ تقديرا لجهود الأطباء في مكافحة الوباء الذي يفترس المصريين، في ظل ظروف عمل غير مواتية وانهيار مستوى التجهيزات الطبية وعدم لياقتها لمواجهة أوجاع المصريين. بجانب العمل في بيئة غير مُؤمّنة، تتيح لأهالي المرضى الاعتداء على الأطباء العاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية تحت أي سبب عارض.

علاوة على ذلك تتعامل الجهات الإدارية والحكومية المتعلقة بالأطباء معهم بطريقة غير لائقة ولا إنسانية وتحملهم ما لا يطيقون أو يتحملون من مخاطر، وهو ما تجلى مؤخرا بقرار جامعة جنوب الوادي بفصل الأطباء العاملين بمستشفى قنا الجامعي، مؤخرا بعد انتشار فيديو نقل مريض بسيارة نقل، دون تحقيقات.

وهو ما رفضته نقابة أطباء مصر، معلنة، عن رفضها ما صدر عن رئيس جامعة جنوب الوادي، من قرارات إيقاف وفصل أطباء في المستشفى الجامعي بمحافظة قنا، من دون تحقيق، على خلفية نقل مصاب بطلق ناري على سيارة نصف نقل، لعدم وجود سرير في قسم الرعاية المركزة بالمستشفى.

واستنكرت النقابة القرارات التعسفية وغير المبررة لرئيس الجامعة بإيقاف بعض الأطباء في المستشفى، مستطردة أن "الفريق الطبي أدى واجب الإسعافات في حدود الإمكانيات المتاحة له، ولم يستطع توفير سرير رعاية مركزة للمصاب، وهي الأزمة المعروفة والمتكررة يوميا في جميع مستشفيات مصر".

 

استنكار ما حدث في جامعة جنوب الوادي

وقال الأمين العام للنقابة، أسامة عبد الحي، في بيان "ما فعله أهل المريض من خطفه عنوة من المستشفى، وحمله داخل سيارة نقل، لا تقع مسؤوليته على الأطباء، وإنما هي مسؤولية أمن المستشفى، فالطبيب يقتصر دوره على توقيع الكشف والتشخيص، وتقديم النصح والعلاج، وليس تأمين حركة دخول وخروج المرضى. هل مطلوب من الطبيب أن يكون حارسا، وهو الأحوج إلى الحماية؟ لا يجوز فرض عقوبات إدارية من دون إجراء تحقيقات واقعية منضبطة، كما ينص القانون، والذي تغافل عنه رئيس الجامعة وهو يُصدر قرارات تطيح بمستقبل الأطباء لمجرد تهدئة مواقع التواصل الاجتماعي".

وأضاف "كان على رئيس الجامعة العمل على إصلاح الخلل المُتسبب في ما حدث بدلا من  تحميل المسؤولية للأطباء، وعليه إلغاء قراراته المتسرعة لحين انتهاء التحقيقات مع الأطباء بهدف الوقوف على ملابسات ما حدث في مستشفى قنا، وإظهار الحقائق للجميع".

وكان مستخدمو مواقع التواصل في مصر قد تداولوا مقطعا مصورا، يظهر نقل مريض مصاب بطلق ناري في الرقبة، بواسطة سيارة نقل في ساعة متأخرة من الليل من مستشفى قنا الجامعي إلى مستشفى قنا العام.

وأصدر رئيس جامعة جنوب الوادي، يوسف غرباوي، قرارا "بإنهاء نيابة الأطباء المقيمين الذين استقبلوا المصاب، ووقف المدرس المساعد، والمدرس النوبتجي، عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، ومخاطبة شركة الأمن المسؤولة عن حراسة المستشفيات لإنهاء خدمة مشرف الأمن، وأفراد أمن البوابة، بدعوى سماحهم للسيارة بالخروج من المستشفى من دون تنسيق".

ويواجه العاملون في القطاع الطبي في مصر ضعفا في الأجور، ونظاما صحيا متهالكا، عدا عن النقص الكبير في عدد الأطباء، في ظل تزايد هجرة الأطباء إلى الخارج، لا سيما منذ بدء تفشي جائحة كورونا، ويقدر عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية والجامعية والخاصة في مصر بنحو 82 ألف طبيب، من أصل 213 ألف طبيب مسجل، بنسبة 38%.

 

هجرة قسرية لأطباء مصر

وفي  السياق نفسه،  أعلنت وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، أمام مجلس نواب العسكر في فبراير الماضي،  أن "67% من أطباء مصر يعملون في الخارج لعدة أسباب، منها عدم وجود تعليم في مرحلة ما بعد الجامعة، وتكليف الطبيب في أماكن بعيدة عن محل إقامته، وغيرها من الأسباب المؤدية إلى عزوف الأطباء عن العمل في بلدهم، والهجرة إلى الخارج".

ولم يتوقف الأمر عندهذا الحد، بل أعلنت الوزيرة، أنه "لأول مرة في تاريخ الطب المصري سيتم عقد امتحان موحد للأطباء حديثي التخرج، للحصول على رخصة مزاولة المهنة كل خمس سنوات، وهو ما يرفضه الأطباء الذين درسوا لسبع سنوات بالجامعات المصرية تحت يد كوادر علمية وأكاديمية معتبرة".

كل تلك التحديات هي ما تدفع الأطباء المصريين للهجرة للعمل بالخارج في ظروف مهنية أفضل وأجور مالية تقدر جهودهم، بجانب استكمال دراساتهم وأبحاثهم في ظروف علمية مواتية، لا بيئة قاتلة للطموح بمصر العسكر.