أحمد موسى يستضيف متحدث طالبان.. دلالات الصورة ورسائلها

- ‎فيتقارير

قبل أيام رح المذيع "الأمنجي" أحمد موسى يكيل التهم لحركة طالبان ويتهمها بالإرهاب والتطرف وكل الصفات القبيحة، لكنه بعد 24 ساعة فقط من سبه وشتمه لها والتحذير منها، استضاف المتحدث الرسمي باسم الحركة محمد نعيم في برنامجه "على مسئوليتي" على فضائية "صدى البلد" المملوكة لرجل الأعمال المقرب من الأمن الوطني محمد أبو العينين أحد حيتان نظام مبارك.

الكتائب الإلكترونية للنظام والتي دأبت  على سد ولعن كل ما هو إسلامي، وجدت نفسها في ورطة؛ حيث لا يعرفون بالضبط بوصلة النظام تجاه ما يجري في أفغانستان بعدما تمكنت طالبان الإسلامية من هزيمة الولايات المتحدة  الأميركية وإجبارها على الخروج  المهين بعد عشرين سنة من الغزو  والاحتلال وفرض الأجندة الثقافية الأميركية على  الشعب الأفغاني المسلم.

https://www.youtube.com/watch?v=IrU8Bjy6N3Y

اللافت في الأمر أن موسى تعرض لهجوم مزدوج من كتائب النظام الإلكترونية وكذلك رافضي الانقلاب ومعارضيه؛ ما أدى إلى تصدّر اسمه قائمة الأكثر تداولاً لموقع "تويتر" في مصر.

في مداخلته أكد متحدث طالبان أنّ الحركة لن تسمح باستغلال أراضيها للقيام بأعمال ضد دول أخرى، رافضاً أي تدخل في شؤون أفغانستان، قائلاً إنّ "طالبان" ستسمح للمرأة بالعمل والتعلم والتجارة والملكية حسب الشريعة الإسلامية. وعن سؤال موسى عن توقّع وجود موسيقى وغناء على تلفزيون الدولة، أشار نعيم إلى أنّ "كل شيء سيخضع للشريعة التي يوافق عليها معظم الأفغان"، معبّراً عن أسفه للضحايا الذين سقطوا من طائرة إجلائهم، مشيراً إلى أنه سيعمل على تقوية العلاقات مع الدول العربية.

موقف موسى يبرهن على أن النظام العسكري في مصر  قرر مسك العصا من المنتصف فهو خصم لطالبان باعتباره حركة إسلامية في إطار عداءه التليد لكل الحركات الإسلامية تجاوبا مع التوجهات الإسرائيلية والإماراتية والسعودية، وفي ذات الوقت لا يريد أن يقف موقف العدو للحركة التي سيطرت على أفغانستان بكل سهولة ودون قتال في معظم المحافظات وحتى العاصمة كابول في ظل انهيار النظام العلماني العميل الذي زرعته واشنطن منذ نحو عشرين سنة وأنفقت عليه عشرات المليارات من الدولارات لكنه هوى كما تهوي أوراق الشجر الجافة في يوم عاصف.

 

أهم دروس انتصار طالبان

منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان سنة 2001م في أعقاب تفجير برجي التجارة العالمي سنة 1999م، لم تتمكن طالبان التي كانت تحكم البلاد حينها من مقاومة القوات الأميركية الزاحفة وقواتها الجوية التي هيمنت على سماء البلاد فقررت الحركة الانسحاب استعدادا لمعركة جديدة.

وطوال عشرين سنة لم تتوقف طالبان يوما عن الاستعداد ليوم تتمكن فيه من تحرير بلادها من الغزاة المحتلين الأمريكان. وبحسب الكاتب ياسر الزعاترة فإنه على مدار عشرين سنة لم تتوقف مقاومة الحركة، ولا إصرارها على الانتصار، وهنا يتبدى الفارق بين معارك الجيوش، وبين حروب العصابات، إذ تحتاج الأولى إلى ميزان قوىً معقول؛ لم يتوفر للحركة عام 2001، فيما يختلف الأمر في الثانية، التي تحتاج إلى قوة عقائدية تحظى بحاضنة شعبية، وظهير إقليمي (داعم خارجي)، كان متوفّرا (باكستان هنا)، بجانب بعض الدعم الدولي؛ ولو كان سياسيا، والذي توفّر أيضا، في ظل حاجة الصين وروسيا إلى استنزاف أمريكا.

معنى أن عوامل الانتصار توافرت للحركة في نهاية المطاف عبر عجز واشنطن عن احتمال النزيف المتواصل، ومن ثمّ قرارها بالانسحاب، وصولا إلى تهاوي النظام الذي صنعته، وعجزه عن البقاء إثر رحيلها.

كل ذلك يتجاهله مدمنو نظرية المؤامرة، فأمريكا عند هؤلاء هي "ربُّ الكون"، وهي من تخطط وتنفذ ما تريد. وحتى حين تُهزم، يكون ذلك بإرادتها أيضا من أجل تحقيق هدف أكثر أهمية، وهو هنا توريط الصين وروسيا!!

والحال أن مغامرة بوش في العراق وأفغانستان، هي التي دفعت أمريكا إلى التراجع خطوة إثر خطوة، وصولا إلى حالة التعددية القطبية التي يعيشها المشهد الدولي راهنا، وحيث تغيب القوة المتحكّمة، ما يتيح للقوى المستضعفة أن تستفيد من بعض التناقضات، وفق سنّة "التدافع" التي وضعها الله في الأرض، وجعلها من عناوين فضله على العالمين، كما في الآية الكريمة "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين".