إثيوبيا تواصل الملء الثاني للسد والسيسي يتسول للدخول في مفاوضات جديدة

- ‎فيتقارير

لا تزال أزمة سد النهضة في مربع الصفر بعد الفشل الانقلابي في إلزام إثيوبيا بالتوقيع على اتفاق ملزم حول إدارة السد وتشغيله بالتعاون بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.

ورغم التهديد بعمل عسكري والزعم أن مياه النيل خطا أحمر وأن مصر لن تسمح بنقصان نقطة واحدة من حصتها وأن المياه أمن قومي وتحذير إثيوبيا من الملء الثاني بقرار منفرد من جانب قائد الانقلاب إلا أن شيئا من ذلك كله لم يحدث، بل أصبح السيسي يتسول أديس أبابا ودول العالم للدخول في مفاوضات جديدة خاصة بعد فشل جلسة مجلس الأمن وانحياز المجلس وأغلب أعضائه للجانب الإثيوبي.

يشار إلى أنه في ظل استمرار توقف مفاوضات سد النهضة بعد الفشل في إحداث توافق بين الدول الثلاث والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم ونهائي حول قواعد ملء وتشغيل السد، تواصل أديس أبابا محاولات إتمام الملء الثاني بإرادتها المنفردة خلال فترة الفيضان الحالية رغم عدم اكتمال التخزين بمقدار 13.5 مليار متر مكعب من المياه.

وكشفت آخر صور للأقمار الصناعية استمرار أعمال تعلية الضفة الغربية لسد النهضة، بالإضافة إلى استمرار تدفق ومرور المياه من الممر الأوسط لسد النهضة، وذلك في ظل استمرار فيضان النيل وتجاوز النيل الأزرق المتوسط السنوي التاريخي لشهر أغسطس رغم انحسار معدلات الأمطار، مع ملاحظة أن التدفق قياسا مع العام الماضي يعد أقل في الإجمال.

 

موسم الفيضان

من جانبه قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة إن "معدلات فيضان النيل تبدأ في الاستقرار الآن لكن المعدلات النهائية تتضح في نهاية شهر سبتمبر الجاري، مشيرا إلى أن إثيوبيا تسابق الزمن من أجل الانتهاء من الإنشاءات والأعمال الهندسية في السد والممر الأوسط وفي بوابات التوربينات وإتمام الملء الثاني قبل حلول موسم الفيضان المقبل".

وكشف شراقي في تصريحات صحفية أنه "من المخطط تخزين 10 مليارات متر مكعب من المياه خلال الموسم المقبل واستكمال أعمال تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، موضحا أن عملية تعلية الممر مرتبطة بإنهاء تنفيذ جميع الأعمال الهندسية في الضفتين الشرقية والغربية وتجهيز بوابات التوربينات، وذلك يفسر بطء عملية الإنشاءات لمرور الفيضان، مع عدم اكتمال التخزين بمقدار 13.5 مليار متر مكعب كما كان مخططا له".

 

الملء الأُحادي

وأكد إسلام فوقي مدير وحدة تحليل السياسات بمؤسسة ماعت أن "الأنهار الدولية تخضع لقواعد قانونية تحكم استعمال هذه الأنهار دون التصرف الانفرادي بشكل يمثل ضررا على إحدى الدول".

وحذر فوقي في تصريحات صحفية من "تداعيات إصرار إثيوبيا على الملء الأحادي للسد وتشغيله على الاستقرار في المنطقة، وكذلك من استخدام الأنهار كأداة للحرب، مطالبا المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه الأزمة لأن آثارها مُدمرة على المدى البعيد".

وأشار إلى أن "غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا دفع دولتي مصر والسودان إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي، من أجل إعلام المجتمع الدولي بمخاطر السد الإثيوبي على دولتي المصب، وحث المجلس على الاضطلاع بمهامه نحو حماية الأمن والسلم الدوليين".

وأكد أن "الأزمة بلغت ذروتها وعدم تفاعل مجلس الأمن بشكل إيجابي وحازم يزيد الأمر خطورة، ويعرض المنطقة لحالة من عدم الاستقرار".

 

اتفاق المبادىء

وكشف الدكتور نور أحمد عبد المنعم، خبير المياه بمركز دراسات الشرق الأوسط أن "المبادىء العشر في اتفاق المبادئ الذي وقع عليه السيسي عام 2015 ينص على ضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم، حيث ينص صراحة على حتمية الإبلاغ عن التشغيل وملء سد النهضة من جانب إثيوبيا، أي أنه يمنع اتخاذ أي إجراء أُحادي فيما يتعلق بالملء أو التشغيل".

وقال عبد المنعم في تصريحات صحفية إن "اتفاقية 1993 بين مصر وإثيوبيا وإعلان المبادئ الموقع عام 2015 والاتفاقية الأصلية الموقعة عام 1902، جميعها حجج قانونية وقعت عليها الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، موضحا أن البند العاشر من اتفاق المبادىء نص على أنه في حال حدث خلاف يتم استدعاء طرف محايد أو الرجوع إلى رؤساء الدول الثلاث، وتم الرجوع بالفعل واتفقوا ومع ذلك لم تفِ أديس أبابا بالوعود".

واعتبر أن "قضية سد النهضة هي مباغتة وعدم تقدير وافتراء على مصر والسودان من الجانب الإثيوبي مؤكدا أن الجانب الإثيوبي كلما اقتربنا من نقطة للحل يبتعد هو عنها".

 وكشف عبد المنعم أنه "من الصعب على رئيس الوزراء الإثيوبي أن يتراجع عن قراره أمام شعبه بشأن قضية السد لأنه ومن قبله قام بزرع الوطنية في الداخل من خلال هذا المشروع، لكن عدم تراجعه عن هذا الصلف والغرور له مردود صعب جدا".   

وأشار إلى أن "نظام الانقلاب مازال يرى أن هناك أملا في تجديد مسار المفاوضات، وأنه لا سبيل سوى المفاوضات لكن إذا أصرت أديس أبابا على التعنت ولجأت مصر والسودان لمجلس الأمن مجددا قد يكون موقف المجلس مساندا للمطالب المشروعة لكل من الخرطوم والقاهرة".

وأكد عبد المنعم أن "الأفق الإستراتيجي للنيل الأزرق مخطط عليه 4 سدود أولها سد النهضة، أي أنهم يريدون حجز كل مياه النيل الأزرق داخل إثيوبيا وتحويله من نهر إلى بحيرة، حيث صرح وزير الخارجية الإثيوبي في السابق قائلا "النيل الأزرق بعد سد النهضة لم يعد نيلا وإنما هو بحيرة إثيوبية".