دلالات هروب 6 أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع الإسرائيلي المحصن

- ‎فيتقارير

يمثل هروب 6 سجناء فلسطينيين  فجر الإثنين 06 سبتمبر 2021م، من سجن "جلبوع" شديد الحراسة في شمال الكيان الصهيوني مفاجأة سارة لكل حر شريف في العالم؛ ذلك أن الحق في قضية فلسطين ساطع سطوع الشمس، ولا ينكر الحق الفلسطيني إلا  جاهل أو أحمق أومختل أو عنصري كاره لا يضع اعتبارا للقيم الإنسانية أو حقوق الإنسان وفقا للشرائع والقوانين المرعية.

الدلالة الأولى هي التأكيد على أن المستحيل ليس فلسطينيا؛ ذلك أن المقاومة التي أبهرت ولا تزال تبهر العالم بقدرتها على الصمود ومواجهة آلة الحرب الصهيو أميركية بعد الانتصار عليها كما جرى في الحرب الأخيرة  هذه المقاومة لا تزال تبهر القريب والبعيد والعدو والصديق، إذ كيف لهؤلاء الأسرى أن يحفروا نفقا كهذا  يمتد لمئات المترات في سجن صهيوني شديد الحراسة؟ وهو الأمر الذي أبهر وكالة رويترز العالمية فوصفته بالهروب السينمائي.

بالطبع "رويترز" تقصد الأفلام الشهيرة التي أنتجتها السينما الأميركية التي طالما عالجت هذه القضية فى أفلام ذاعت شهرتها حول العالم. ومن هذه الأفلام "الهروب الكبير". من بطولة ستيفن مكوين وجيمس جارنر، وإخراج جون ستورجس عام 1963، وهو من أكثر أفلام الهروب من السجن شهرة، حيث خطط مئات المعتقلين بأحد أشد سجون النازية حراسة، للهروب والتحرر إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر حفر عدة أنفاق لتخطي نقاط وأبراج الحراسة.

هناك أيضا فيلم "الخلاص من شاوشانك" من بطولة تيم روبنز ومورجن فريمن عام 1994، إذ أن البطل أندي فريمن تم حكمه بالمؤبد لاتهامه بقتل زوجته، واستعرض الفيلم الحياة داخل السجون الصارمة في أمريكا بملامحها الدرامية. وبعد العديد من الأحداث والتحولات في الفيلم، تبين أن البطل آندي عمل منذ البداية على خطة هروبه رغم مرور السنوات على حبسه، إذ حفر بمطرقة حجرية ثقبا بجدار زنزانته وقام بتمويهه على مدار سنين، لينشئ نفقا طويلا نحو فناء السجن بالقرب من مواسير الصرف الصحي.  هناك أيضا فيلم "الهروب إلى النصر"، عام 1981، بطولة سلفستر إستالون، إخراج جون هستون، وبمشاركة لاعبي الكرة بوبي مور وبليه. لكن مسلسل "الهروب من السجن" (Prison break) الأكثر شهرة كان أول ما ورد في أذهان الجميع بعد انتشار خبر هروب الأسرى.

لكن ما لم تعرفه رويترز أن خطة الهروب من سجن إسرائيلي عالجه مسلسل فلسطيني "الروح" الذي جرى إنتاجه سنة 2014م، ما حدث في الواقع فجر الاثنين كان أحد مشاهد المسلسل الفلسطيني "الروح" حين قام الأسرى في السجن بحفر نفق لتحرير أنفسهم. أثار الحدث دهشة المتابعين عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حيث ربط البعض بين ما حدث من تحرير الأسرى الفلسطينيين لأنفسهم في سجن جلبوع وبين مسلسل "الروح".

ومسلسل "الروح" -الذي أخرجه عمار التلاوي- هو عمل تراجيدي وطني ركز على الاحتياطات الأمنية التي يقوم بها المجاهدون أثناء عملهم، حيث يقع بطل المسلسل خالد في شباك العدو وينقل إلى الزنزانة. كما تناول العمل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسلط الضوء على شريحة الشباب المقاومين والمحبين للوطن.

https://www.youtube.com/watch?v=hWm0c4lf0gQ

الدلالة الثانية، أن هروب الأسرى يضعضع الثقة في منظومة الأمن الإسرائيلي ويضرب الدعاية الصهيونية بشأن قوته وسيطرته في مقتل، ويبرهن على أن الفلسطيني أكثر ذكاء ومهارة وتنظيما وثباتا،  وأن الروح العالية التي يتمتع بها إنما يستمدها من الحق الأصيل الذي يدافع عنه باعتباره شعبا يجاهد من أجل تحرير بلاده من احتلال استيطاني شيطاني مدعوم من القوى والمنظمات الدولية رغم قرارات المجتمع الدولي التي تدينه لكن كل ذلك جرى دهسه والتغافل عنه عمدا في خرق فاضح لكل القوانين الدولية والقيم الإنسانية. وقد أقرت مصلحة السجون الإسرائيلية بذلك وقالت إن الأسرى تمكنوا من الهرب بعد حفر نفق تحت حوض في زنزانتهم، معلنة أنها ستنقل 400 سجين إلى سجون أخرى، بصورة احتياطية، خوفًا من وجود أنفاق أخرى في «جلبوع» الذي يُعد أحد أكثر السجون الإسرائيلية تحصينًا.  ولذلك اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام بـ«صفعة قوية لمنظومة القمع والعدوان الإسرائيلي» أما المتحدث باسم حركة حماس، فوزي برهوم، فقال إن الهروب مثّل «انتصارًا لإرادة وعزيمة أسرانا الأبطال، وتحديًا حقيقيًا للمنظومة الأمنية الصهيونية التي يتباهى الاحتلال بأنها الأفضل في العالم».

نادي الأسير الفلسطيني أعلن هوية اﻷسرى الستة، وهم محمود عبد الله عارضة، 46 عامًا، مُعتقل منذ 1996، ومحمد قاسم عارضة، 39 عامًا، معتقل منذ 2002، ويعقوب قادري، 49 عامًا، مُعتقل منذ 2003، وأيهم نايف كممجي، 35عامًا، مُعتقل من 2006، والأربعة كانوا يقضون عقوبة السجن مدى الحياة، ومعهم زكريا زبيدي، 46 عامًا، مُعتقل منذ 2019، ومناضل يعقوب انفيعات، 26 عامًا، وكان في انتظار محاكمته. وبخلاف زبيدي، القائد السابق في كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، ينتمي الخمسة اﻵخرين لحركة الجهاد الإسلامي.