مصر تدفع أكثر من 13 مليار يورو لإيطاليا تكلفة قتل ريجيني.. والقادم أسوأ!

- ‎فيبيانات وتصريحات

وكأن مصر دولة مُترفة أو تواجه حروبا مع أطراف دولية، أو تخطط لخوض حروب، في الفترة الممقبلة، وذلك رغم تأكيدات نظام الانقلاب المتكررة أن مصر تستبعد الحل العسكري لأزماتها مع إثيوبيا مؤخرا مع تطورات أزمة سد النهضة، حيث أقدمت مصر على شراء أسلحة من إيطاليا بمبلغ مليار و944 مليون يورو منذ مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، منها 991 مليونا في 2020، والذي يعتبر الرقم الأضخم في تاريخ العلاقات العسكرية بين البلدين، وفي 2019 أنفقت 870 مليون يورو، وفي 2018 كانت قيمة الصفقات 69 مليون يورو فقط، وكان هذا في وقته رقما قياسيا يمثل أكثر من ضعف أكبر مبلغ دفعته مصر نظير الأسلحة الإيطالية في عام واحد على الإطلاق، وبرقم يفوق بكثير سعر مشترياتها من الأسلحة والذخيرة في جميع الأعوام من 2013 إلى 2017.

شراء الصمت

وتمثل صفقات الأسلحة تلك محاولة لشراء الصمت الإيطالي عن قضية مقتل ريجيني على  أيدي الأمن المصري في العام 2016، دون تقديم الجناة الذين حددتهم إيطاليا للمحاكمة.

والغريب أن تتم تلك الصفقات الباهظة الثمن دون إقرار برلماني، بالمخالفة للدستور وبلا وجود مخاطر حالة تستلزم كم التسليح الرهيب المخزن بأقبية السيسي السرية ومخازن الجيش، دون استعمال حتى في المعارك ضد مسلحين بسيناء، بحد وصف النظام وهو ما فاقم حجم الضحابا من قوات الجيش والشرطة في سيناء، وفق خبراء أمريكيين.

ولعل التسارع المصري في الشراء بالديون وبطريقة أقرب لعدم الرشد بدأ منذ  يناير الماضي، حيث أشعرت السفارة المصرية في روما بوجوب القيام بتحركات سياسية واستخباراتية واقتصادية عالية المستوى وسريعة، بسبب رصدها تصاعدا في الخطاب النيابي والسياسي والإعلامي المعارض في إيطاليا، سعيا لإلحاق مصر بكل من السعودية والإمارات في تطبيق القانون المحلي رقم 185 لسنة 1990، الذي يمنع توريد أسلحة إيطالية الصنع إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.

الصفقة الأضخم

وانتهت قبل أيام مناورات "النجم الساطع" في مصر بمشاركة 20 دولة على رأسها الولايات المتحدة وأعلنت وزارة الدفاع ، في بيان أن "المشاركة هذا العام أظهرت معنى تنوع التسليح إلى جانب السلاح الأميركي، كاشفة عن اشتراك أسلحة روسية وفرنسية، مثل مروحية "كاموف 52" وطائرات "ميراج 2000"، في مناورة واحدة مشتركة.

إلا أنه لم يتم الكشف رسميا عن مستجد آخر شهدته المناورة، وأظهرته بعض مقاطع الفيديو والصور التي نشرتها واشنطن، يتمثل في مشاركة مروحيات جديدة من طراز "أغوستا ويستلاند 139" المعدلة من إنتاج شركة ليوناردو الإيطالية، في المناورات في أول استخدام علني لها، وهو ما يدل على إنجاز قسم كبير من الصفقة التي كانت قد بدأت مصر وإيطاليا بتنفيذها في مطلع العام الماضي لتكون الأكبر من نوعها بين البلدين، والتي قد يصل إجماليها إلى 11 مليار يورو.

وكانت شركة ليوناردو سلمت مصر بالفعل، على ثلاث دفعات أكثر من 15 مروحية من إجمالي 32 تم الاتفاق على توريدها من طرازي "أغوستا ويستلاند 149 و139" و149 المعدلة وذلك بعدما كان من الشائع في روما والقاهرة أنه لم يتم تسليم تلك الطلبية حتى الآن، علما أن العقد كان قد تم توقيعه في العام 2019، على أن تصل  باقي المروحيات إلى القاهرة تباعا آتية من ميلان.

وتختص تلك النوعية من الطائرات بالأنشطة الإسعافية الخاصة بإخلاء الجرحى والضحايا، وهو النشاط الذي استُخدمت فيه هذه المروحيات في المناورات الأخيرة.

ووفق مصادر أمريكية الصفقة تضم أيضا 24 مروحية تدريب من صنع الشركة نفسها، وذلك كله بقيمة إجمالية تتجاوز 870 مليون يورو، فضلا عن احتمال زيادة عدد مروحيات الميدان المطلوبة إلى 36 في موعد لاحق.

 يشار إلى  أن قسما كبيرا من تمويل صفقة التسليح الإيطالية يعود إلى اتفاقية قرض موقعة بين وزارة الدفاع وهيئة تنمية الصادرات الإيطالية "SACE" ومجموعة البنوك ومؤسسات التمويل الإيطالية، لتمويل جزء من صفقة التسليح الإيطالية، يبلغ 500 مليون يورو، أي ما يعادل أقل بقليل من نصف القيمة الإجمالية للمرحلة الأولى من صفقة التسليح، والتي تبلغ 1.1 مليار دولار قيمة الفرقاطتين "فريم" اللتين وصلتا بالفعل إلى مصر.

وما زالت الصفقة تشمل 4 قطع "كورفيت" (فرقاطة صغيرة سريعة ذات كلفة تشغيل اقتصادية وتصلح للمعارك البحرية الصغيرة والتصدي للغواصات وحمل الطوربيدات) ونحو 22 من اللانشات (الزوراق) الهجومية، مع تجهيز جميع القطع الصغيرة بمنظومة حرب إلكترونية ورادارات وأجهزة حديثة للاستشعار عن بعد، وتوفير مدربين لتمرين الضباط المصريين على استخدام بعض المميزات التي ستكون جديدة على البحرية المصرية.

اللافت أن تعقد ملف ريجيني، واقتراب بدء المحاكمة الغيابية للضباط الأربعة المتهمين، وكذلك متابعة الإيطاليين بصفة خاصة، والأوروبيين بصفة عامة، لقضية الباحث باتريك جورج زكي، لم تمنع الحكومة والشركات الإيطالية من المضي قدما في تنفيذ صفقة التسليح، في ظل حملة كبيرة ما زالت فاشلة داخل البرلمان الإيطالي لعرقلة التنسيق المتفق عليه سلفا في ملف التعاون العسكري، باعتبار النظام المصري قمعيا ويرتكب جرائم ضد حقوق الإنسان.

ولعل ذلك ما يؤكد ذكاء صانع السياسة الإيطالية، الذي يعظم الفوائد لبلاده بحلب مصر، في الحاضر والمستقبل مع عدم إنهاء القضية التي ستباشر جلسات محاكمة غيابية للضباط المصريين الأربعة خلال أيام، وهو ما ينذر بصفقات جديدة وتنازلات مصرية لإيطاليا.