أوجاع الأطباء بين كورونا ولائحة “مخاطر المهن الطبية”

- ‎فيتقارير

رغم المعاناة المستمرة التي يعيشها أطباء مصر في ظل تفشي مرض كورونا، الذي يضرب الأطباء بقوة موقعا أكثر من ألف طبيب وفق تقديرات غير رسمية، بلا حماية من حكومة الانقلاب التي تصر على التعامل بالقمع مع أي مطالب للأطباء مما يتسبب في هجرتهم من مصر أو استقالتهم من المستشفيات الحكومية.

وأعلنت النقابة العامة لأطباء مصر ارتفاع عدد الضحايا بين الأطباء، بسبب الإصابة بفيروس كورونا الجديد إلى 596 حتى الآن، وذلك بعد وفاة طبيبين يوم الثلاثاء الماضي، هما استشاري أمراض النساء والتوليد في محافظة دمياط جمال علي خليل الضويني، واستشاري طب الأطفال في مستشفى دسوق بمحافظة كفر الشيخ أحمد نصر الدين محمود زغلول.

 

ضحايا الجائحة 

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد ضحايا جائحة كورونا بين الأطباء فقط يتجاوز الألف، بخلاف باقي أعضاء المنظومة الطبية من ممرضين وفنيين وإداريين منذ ظهور الوباء للمرة الأولى في مصر في فبراير 2020. إلا أن نقابة الأطباء لا تُعلن عن الكثير من حالات الوفاة بسبب الإصابة بالفيروس بناء على طلب أسر المتوفين.

ويأتي تفشي وباء كورونا في وقت يواجه العاملون في القطاع الطبي ضعفاً في الأجور، ونظاما صحيا متهالكا، عدا عن النقص الكبير في عدد الأطباء، في ظل تزايد هجرة العاملين في القطاع الصحي، وخصوصا الأطباء، على مدى العقود الماضية بحثا عن ظروف عمل وفرص أفضل، وهي هجرة تزايدت وتيرتها خلال أزمة جائحة كورونا.

وقدم الأطباء في مصر وغيرهم من العاملين في القطاع الصحي، تضحيات كثيرة في مواجهة الجائحة ما دفع نقابة الأطباء ومنظمات مجتمع مدني عدة إلى مطالبة الحكومة بتقدير تضحيات الطواقم الطبية، ومعاملتهم نفس معاملة ضحايا الجيش والشرطة من الناحية المادية، وهو ما تحفظت عليه وزارة الصحة والسكان، بحجة عدم توافر الموارد المالية لذلك.

وكان برلمان الانقلاب قد رفض مناقشة مشروع قانون تقدم به ووقع عليه أكثر من ستين نائبا، بشأن إضافة ضحايا الأطباء وأطقم التمريض والعاملين في وزارة الصحة، أثناء جائحة كورونا إلى قانون تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية، وأسرهم، بهدف منحهم المزايا المادية والعينية نفسها التي يحصل عليها ضحايا الجيش والشرطة.

 

مخاطر المهن الطبية

فيما وافق مجلس الوزراء بسلطة الانقلاب ، خلال اجتماعه الأسبوعي، الأربعاء الماضي على إصدار لائحة النظام الأساسي لصندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية، والذي صدر القانون الخاص به العام الماضي، بعد مطالبات من جهات مختلفة بإنشائه في ظل تزايد معدلات وفيات الأطباء تأثرا بإصاباتهم بفيروس كورونا.

اللائحة التنفيذية، التي لم يتطرق البيان لكامل تفاصيلها، تتضمن الضوابط والإجراءات لصرف التعويضات المستحقة لأصحاب المهن الطبية، وفقا للعباءة المالية، فيما أشار البيان إلى أنه تمت الموافقة على مقترح التعويض الواجب صرفه «مرة واحدة» للمصاب بعجز كلي أو لأسرة المتوفى إثر مزاولة المهنة بمبلغ 100 ألف جنيه، فيما يتراوح تعويض حالات العجز الجزئي بين 20 و80 ألف جنيه، وفقا للحالة.

كانت وزيرة الصحةالانقلابية هالة زايد، قد ترأست أول اجتماع لمجلس إدارة الصندوق، في يوليو الماضي بعد نحو عشرة أشهر من الموافقة على تأسيس الصندوق، فيما قال ممثل إحدى الجهات التي شاركت في اجتماع الصندوق إن "وزارة الصحة طلبت من أعضاء مجلس إدارة الصندوق في الاجتماع، ومنهم أعضاء حكومة الانقلاب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خالد عبدالغفار ووزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج وممثلي وزارة المالية ونقابة الأطباء وغيرهم، التقدم بمقترحات للائحة التنفيذية، مع الاتفاق على دراسة جميع المقترحات ثم الاجتماع مرة ثانية للتوافق على  الصيغة النهائية للائحة". لكن لم تجتمع اللجنة مرة ثانية، ووافق مجلس الوزراء على لائحة تنفيذية لم يتم التوافق عليها بحسب الاتفاق.

وعقب صدور قرار إنشاء صندوق مخاطر المهن الطبية نشب خلاف بين وزارة الصحة الانقلابية ونقابة الأطباء، إذ طالبت نقابة الأطباء إدراج ضحايا كورونا من الفرق الطبية ومنهم الأطباء ضمن فئة المستفيدين من صندوق تكريم شهداء ضحايا الجيش والشرطة ومنحهم نفس الامتيازات، أو على الأقل مساواة مميزات صندوق الجيش والشرطة بصندوق المهن الطبية.

 

لا تكريم للأطباء 

وكان أمين صندوق نقابة الأطباء، محمد عبد الحميد قال في تصريحات سابقة إن "قانون 16 لسنة 2018 الخاص بتكريم شهداء الجيش والشرطة له مزايا غير موجودة في صندوق مخاطر المهن الطبية، منها أن الصندوق يقتصر على التعويض مرة واحدة على سبيل المكافأة، بعكس صندوق تكريم الشهداء الذي يُلزم الدولة بمعاش شهري. فيما أوضحت العضوة السابقة بمجلس نقابة الأطباء منى مينا، أن صندوق المهن الطبية يستقطع 5% من البدل ومكافأة الامتياز ورسوم ترخيص مزاولة المهنة ورسوم ترخيص العيادات والمستشفيات كموارد له، لذلك فهو نوع من صناديق الزمالة أغلب موارده ممولة من المهن الطبية، ويدفع فيه أعضاء المهن الطبية جزءا من دخلهم، إلا أنه لا يجب أن يكون بديلا عن مسؤولية الدولة.

وبذلك تستمر معاناة الأطباء مع إهمال الدولة وتوحش المرض، مما قد يدفغهم للتخلي عن مسئولياتهم المهنية وهو ما يمثل تدمير لصحة الإنسان المصري".