ورقة بحثية: 5 أبعاد سياسية واقتصادية لإلغاء قانون الطوارئ

- ‎فيأخبار

قالت ورقة بحثية بعنوان "إلغاء حالة الطوارئ.. قراءة في الأبعاد السياسية والقانونية والاقتصادية" نشرها موقع "الشارع السياسي" أن قرار إلغاء حالة الطوارئ بحد ذاته جيد؛ لكن الكارثة هي وجود ترسانة قوانين أخرى مقيدة للحقوق والحريات، أقرها نظام الانقلاب خلال السنوات السابقة.
وأشارت الورقة إلى مجموعة القوانين التي استحدثها السيسي وتغطي مكان قانون الطوارئ.
قوانين مكافحة الإرهاب، ويُعطي صلاحيات واسعة للسلطات الأمنية والقضائية للقبض على المصريين ومحاكمتهم.
قانون الكيانات الإرهابية، الذي يمنح الدولة حق التحفظ على أموال المصريين ويمنعهم من التصرف فيها.
قانون الإجراءات الجنائية، الذي جرى تعديله ومن خلاله تستطيع السلطات التحفظ على المطلوبين والتحقيق معهم لسنوات طويلة ومفتوحة في العقوبات التي تصل للإعدام بنحو 3 سنوات حبسا احتياطيا.
وأكدت الورقة أن "معظم الموجودين بالسجون ليسوا بسبب قانون الطوارئ"، معنى ذلك أن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين لن يستفيدوا من إلغاء حالة الطوارئ، وكان يمكن وصف القرار بالجيد لو كانت السلطة جادة وصادقة في التعامل مع ملف حقوق الإنسان بالعدل والإنصاف واحترام نصوص الدستور التي جرى سحقها خلال السنوات الماضية.

الجدوى الحقوقية
ويتعلق البعد الأول بالجدوى الحقوقية، في تفسير قيمة الإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ رغم عشرات الآلاف بالسجون من المعتقلين.
وأوضحت ان إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين هو التعبير الحقيقي عن درجة من درجات التحسن في الملف الحقوقي، خلاف ذلك فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دعاية للنظام وخطاب موجه للخارج على غرار "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، التي أطلقها السيسي.
وأضافت الورقة أن "الإجراءات الاستثنائية التي ينص عليها قانون الطوارئ، مثل وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع أو التظاهر، أو الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام، أو إخلاء بعض الأماكن أو حظر التجول في بعض الأماكن، ستظل سارية، ليس بموجب قانون الطوارئ، وإنما بموجب قوانين مثل: التظاهر وتنظيم الصحافة والإعلام، ومكافحة الإرهاب، والكيانات الإرهابية، والقرارات التنفيذية التي تصدر من قائد الانقلاب أو رئيس حكومته".
وأبانت أن السيسي "عبر سن ترسانة من القوانين الشاذة تمكن من تحويل الاستثناء إلى قاعدة عامة وباتت مصر تحكم فعلا بعدة قوانين سيئة السمعة، فإذا جرى إلغاء الطوارئ فإن نصوص القوانين الشاذة الأخرى تمنح السلطة ما يفوق صلاحيات قانون الطوارئ".
وأردفت أن "كل النصوص الاستثنائية التي تبيح القبض والتفتيش والحبس دون التقيد بقانون الإجراءات الواردة في قانون الطوارئ قد تم نقلها إلى قوانين أخرى وهى مازالت سارية ولا يتطلب تطبيقها إعلان حالة الطوارئ".

الجدوى السياسية
واعتبرت الورقة أنه من الناحية السياسية،  لا تشكل أي نقلة نوعية في الحياة السياسية المصرية التي باتت مؤممة بالكامل لحساب السلطة.
وأشارت الورقة إلى مذابح تمت للمخالفين السياسيين واعتقالت طالت نحو 70 ألفا من المصريين اليوم في السجون، والتعذيب الوحشي وألإهمال الطبي الذي "أسقط مئات الضحايا كلها جرائم وقعت في ظل عدم وجود حالة الطوارئ"
وعن إمكانية إيجابية الخطوة ربطت الورقة ذلك بـ"تفكيك البنية التشريعية القمعية وإطلاق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وهذا أمر مستبعد في ظل نظام السيسي".
واستدلت أن العسكر قبل فرض الطوارئ لم ينتهوا عن "الانتهاكات وكل جرائمهم ومجازرهم التي وقعت قبل فرض حالة الطوارئ".
واستدركت الورقة بعرض رأي البعض الذي يراهن على "قرار إلغاء الطوارئ إلا أن البعض يرى في القرار مقدمة لانفراجة سياسية مرتقبة".
ويرى آخرون أن "المجتمع المحلي والعالمي يحتاج إلى قرارات إصلاحية حقيقية مقنعة للداخل والخارج ولمنظمات حقوق الإنسان والحكومات والدوائر الغربية خصوصًا في الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين وجهتا انتقادات كثيرة في الآونة الأخيرة لسجل حقوق الإنسان في مصر".

التداعي الإعلامي
ولا يزال حتى كتابة هذه السطور، يتناول الإعلام القرار بحسب الورقة على أنه "انعكاس لاستقرار المجتمع وقوة مؤسسات الدولة بما يجذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".
واستدلت على ذلك بمقالات وافتتاحيات وزوايا الرأي بصحف قومية رئيسية منها "الأهرام".
كما لفتت الورقة إلى إلى ربط "بين قرار إلغاء الطوارئ وموافقة لجنة الخطة والموازنة ببرلمان العسكر في 11 أكتوبر 2021م على مشروع قانون حكومي يقضي بمشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، وأحالته إلى الجلسة العامة للتصويت النهائي، والذي يهدف في المقام الأول إلى خصخصة الخدمات المقدمة للمواطنين في قطاعات مهمة مثل الكهرباء والمياه والنقل والصحة والتعليم.
ورجحت الورقة أن يكون "إلغاء حالة الطوارئ جرى بتوصية أمريكية أو أوروبية لفتح الباب أمام المزيد من الشركات المتعددة الجنسيات للهيمنة على مشروعات البنية التحتية في مصر كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم والنقل".

الجدوى القضائية
ومن أبرز الملاحظات التي سجلتها الورقة أن "السيسي ما أقدم على هذه الخطوة إلا بعد العصف الكامل بأي معنى لاستقلال القضاء والانتهاء تماما من تدجين السلطة القضائية والسيطرة المطلقة على مفاصلها من الألف إلى الياء سواء من خلال التشريعات أو آليات التعيين والترقية وتولي المناصب".
وأشارت إلى أنه منذ 3 يوليو 2013، بات القضاء "سيفه الذي يقطع به رقاب معارضيه بالأحكام الجائرة والمحاكمات التي تفتقد إلى أدنى معايير العدالة"، من خلال "منح القضاة امتيازات مالية ضخمة وتخصيص ميزانيات غير مراقبة".
وأضافت أنه في الوقت ذاته، انتزع السيسي "صلاحيات تعيينات رؤساء جميع الهيئات القضائية لتكون في يد السلطة التنفيذية، ووضع حد لنظام الأقدمية المطلقة التاريخي".
وأردفت أن ذلك "بخلاف التعديلات الدستورية في 2019 والتي منحت السيسي صلاحيات واسعة تجعله المتحكم الأول في السلطة القضائية. وبالتالي لم يعد هناك فارق كبير بين المحاكم الاستثنائية والعادية في مصر".
وخلصت إلى أن الغاء الطوارئ يأتي بوقت بات فيه القضاء المصري في عمومه "استثنائيا أو شبه استثنائي تهيمن عليه السلطة بشكل كامل، وقد تملي الأحكام على القضاة الذين ينصاعون للسلطة أملا في المناصب والامتيازات".

المجتمع الدولي
وأشارت الورقة إلى أن هدف القرار "استكمال لمخططات تحسين صورة النظام أمام المجتمع الدولي كما جرى خلال إعلان ما تسمى بالإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بهدف الحصول على مزيد من المساعدات الدولية من جهة، أو جذب بعض الاستثمارات الأجنبية من جهة أخرى".

وخلصت الورقة إلى أن "القرار رسالة للخارج أكثر منها للداخل"، وأن القرار "يتزامن مع احتمالات لقاء السيسي بالرئيس الأمريكي جو بايدن ومشاريع جديدة للاتحاد الأوروبي في مصر".
ورأت أن البرهان الساطع هو دعوة داخلية الانقلاب للدبلوماسيين الأجانب لزيارة مجمع سجون وادي النطرون لتبييض صفحة الانقلاب.

https://politicalstreet.org/4541/?fbclid=IwAR2khTMK8NjpCQxdafRTMGFrPVhQyKukPh20NluduFcRUCJtkAekS-J_2xI