بعد الإخوان.. دلالات حظر السعودية جماعة «التبليغ والدعوة»

- ‎فيأخبار

أصدرت السلطات السعودية مؤخرا قرارا بحظر أنشطة جماعة "التلبيغ والدعوة" بدعوى أنها جماعة قد تكون مرجعيته وثنية واتهامها بالضلال والإرهاب!

القرار السعودي يأتي متزامنا مع استمرار اعتقال مئات العلماء والدعاة إلى الله بدون اي تهم أو محاكمات حقيقية نزيهة، كما يتزامن مع مهرجان جدة السينمائي الذي يتواصل حتى 15 ديسمبر 2021م و الذي ضج بصور الممثلات العاريات دون أن يتفوه أي شيخ من شيوخ السلطة الذين يدعمون ولي العهد محمد بن سلمان رغم سياساته التي تناقض الإسلام جهرا.

وصدّرت السلطات فتوى من المفتي العام للبلاد عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بحق جماعة التبليغ زعم فيها أنها "جماعة سلكت التصوف في كثير الأحوال، وتوشك أن تكون مرجعيتها وثنية"، مؤكدا "حرمة المشاركة معهم في نشاطهم حتى يلتزموا بـالكتاب والسنة"، بحسب تعبيره، فيما ذهب وزير الشؤون الإسلامية عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، لأبعد من ذلك حين وصفها بأنها قد تشكل "بابا من أبواب الإرهاب"، واصفا إياها بالضلال والانحراف والخطر على المجتمع، ودعا الخطباء إلى تعريف الناس بأبرز أخطاء هذه الجماعة، وخطرها على المجتمع، مؤكدا أن الانتماء لهذه الجماعة محظور في السعودية.

ووجهت السلطات السعودية لخطباء المساجد بالتحذير من الجماعة، رغم ما عرف عن المنتسبين لطريقة تفكيرها بعدم الصدام أو الاشتباك الفكري أو الفقهي أو الدعوي، مع أي من الحركات الدعوية العاملة في الساحة الإسلامية، بما فيها الحركة الوهابية المتناغمة مع سياسات الدولة السعودية. وشنت الوزارة ذاتها (الدعوة والإرشاد)، الشهر الماضي، حملة مماثلة ضد تنظيم "السرورية"، أحد تيارات جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا، ومؤسسه رجل الدين الراحل "محمد سرور"؛ حيث أثر دمج هذا التنظيم بين أيديولوجية الإخوان السياسية والنقاء ومبادئ الوهابية السعودية على رجال الدين الإصلاحيين البارزين بالمملكة  والذين جرى اعتقالهم منذ سنوات.

وكانت المملكة قد حظرت أنشطة التبليغ في بلادها والمعروفة باسم (الأحباب) بدعوى أنها جماعة مبتدعة بعيدة عن النهج الصحيح الذي يمثله ولاة الأمر في بلاد الحرمين!

هجوم  "آل الشيخ" ضد جماعة "التبليغ والدعوة"، يأتي ردا على احتفال أعضاء الجماعة بانتصار حركة "طالبان" في أفغانستان، وتوجيه انتقاد علني للتوجهات السعودية الجديدة التي يقودها ولي العهد المثير للجدل محمد بن سلمان، والذي يقوم بأكبر انقلاب على الهوية الإسلامية في بلاد الحرمين بدعوى الإصلاح.

ولاحظ "ضحاك تنوير"، محرر صحيفة "ذا ميلي كرونيكل" الإلكترونية (مقرها بريطانيا)، والذي يقيم في السعودية، ويصف نفسه بأنه "مسلم تقليدي" مناهض للإسلاميين، أن استهداف التبليغيين جاء بعد إحياء تغريدة عمرها عام ينتقدون فيها خطط بلدية المدينة المنورة لإنشاء مركز تسوق به دور سينما وأماكن ترفيه على الطراز الغربي. فقد أعاد تلك التغريدة المثيرة للجدل المفتي "محمد تقي عثماني"، وهو أحد أبرز علماء الدين الباكستانيين، وقاض سابق بالمحكمة العليا الباكستانية وعضو سابق في "مجلس الفكر الإسلامي"، وهو هيئة استشارية عينتها الدولة لضمان تطابق القوانين الباكستانية مع الشريعة الإسلامية.

وتأسست جماعة التبليغ والدعوة في شمال الهند سنة 1927 على يد الشيخ "محمد إلياس الكاندهلوي" المتوفى عام 1944، قبل أن تنتشر لاحقا في أغلب مناطق العالم الإسلامي. وتقول إن مهمتها نشر الإسلام، ولديها رؤية روحانية وأعضاؤها يغلّبون كفة الإيمان على العلوم.