في ذكرى وفاته.. لماذا اعتقلت عصابة الانقلاب حفيد سيد درويش؟

- ‎فيتقارير

مرت يوم 10 سبتمبر الجاري ذكرى وفاة الفنان سيد درويش، الذي ولد في 17 مارس عام 1892، وتوفي في مثل ذلك اليوم عام 1923، عن عمر يناهز 31 عاما، في حين نكلت عصابة الانقلاب بحفيده المطرب إيمان البحر درويش، وذلك عقب انتقاده للسفاح السيسي، وخروج إيمان في فيديو شهير جدا مخرجا صوتا من أنفه "شخرة" ووجهها للسفاح.

ومع إعلان السفاح السيسي عن إعادة تفعيل لجنة الإفراج عن المعتقلين، كشف المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي بأن إيمان البحر درويش الذي انقطعت أخباره منذ ثمانية أشهر، من بين المعتقلين.

 

لماذا اختفى؟

وظهرت صورة الفنان صورة إيمان البحر درويش نقيب الموسيقيين السابق، وحفيد “فنان الشعب” الشهير سيد درويش، رفقة رئيس تحرير صحيفة “الأهرام” السابق الكاتب عبد الناصر سلامة، والمنتج السينمائي معتز عبد الوهاب، والصحفية والإعلامية في التلفزيون المصري هالة فهمي، وجميعهم من سجناء الرأي الذين اعتقلوا خلال الفترة الماضية، بسبب انتقادهم لسياسات السفاح السيسي عبر صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت حسابات معجبين بدرويش نقلت أنباء عن اعتقال الأمن الوطني له، وسط دعوات للجمعيات والمنظمات الحقوقية بالتدخل ومطالبة عصابة الانقلاب بالكشف عن مصيره، والسماح له بالظهور الإعلامي واستنكار اعتقاله تعسفيا.

ناشطون، اتهموا السفاح السيسي والنظام العسكري بإحكام قبضته الأمنية على الشعب وقمعه لأصحاب الرأي، وانتهاجه النهج الديكتاتوري، وفرض سياسة "الحديد والنار" على من يتفوه بلفظ، والزج بالشعب في المعتقلات وتصفية المعارضين.

وطالبوا بالحرية لكل أصوات الحق بمن فيهم درويش الذي هاجم السفاح السيسي وانتقد أسلوب إدارته لمفاوضات سد النهضة، وحمله المسؤولية كاملة عن وصول الأزمة إلى هذه الدرجة المأساوية.

وأعلن ناشطون عن تضامنهم مع درويش، وتحدثوا عن حقه في التعبير عن رأيه، وأكدوا أنه لم يرتكب جرما يستوجب اعتقاله أو احتجازه أو حتى التحقيق معه، مجمعين على أن مصر في عهد السفاح السيسي، لا مجال فيها للمعارضة ولا للرأي المخالف.

المحامي الدولي محمود رفعت قال "كل جرم الفنان الكبير إيمان البحر أنه انتقد تضييع النيل الذي تم بتوقيع السيسي إعلان المبادئ الذي شرعن سد النهضة، ويقف للآن الجيش المصري صامتا باشتراك منه بجرم هو الأكبر بحق مصر على مدى تاريخها".

ووصف المغرد حسن عبدالرحمن، كل ما حدث مع درويش بـالجريمة المنكرة، مشيرا إلى أن اتصالات التهديد والوعيد لدرويش جعلته يخرج على الهواء ويقول "لو حدث لي مكروه أتهم السيسي ونظامه بقتلي أو اعتقالي".

ولفت إلى أن درويش اختفى من صفحته منذ ذلك التاريخ، ثم تناقلت صفحات الإنترنت خبر اعتقاله، دون تأكيد أو نفي أي جهة أمنية، كما أنه لم يظهر في النيابة والمحاكم.

وسخر ناشطون من تبني الإعلاميين المحسوبين على عصابة الانقلاب دعوة المعارضين بالخارج للعودة للبلاد والمعارضة من الداخل.

الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، تهكم قائلا "عايز تعارض؟ ارجع عارض من جوه زي عبدالناصر سلامة، وإيمان البحر درويش، تكلم يا ابن الشعب تكلم ولا تخش شيئا ".

وكان درويش قد انتقد في سلسلة تدوينات له تضييع النيل، الذي تم بتوقيع السفاح السيسي إعلان المبادئ الذي شرعن سد النهضة، كما قال درويش في تصريحات سابقة؛ إن "حبسه حال حدوثه سيتسبب في فضيحة عالمية".

بعض النشطاء أكدوا أن درويش لن يكون أعز على عصابة الانقلاب من الفريق سامي عنان ابن المؤسسة العسكرية، وتبادل النشطاء ، لماذا لم تفتح أمامه البرامج مع عمرو أديب وغيره ويتم مناقشته في تصريحاته؟.

فيما أكد آخرون أنه أصبح واجبا وطنيا وأخلاقيا على الشعب المصري بكامله، مقاطعة كل الأعمال الفنية والسينما والمسرح وقنوات التلفزيون وأعمالهم وصفحاتهم على مواقع التواصل تماما، كعقاب شعبي للفنانين الذين لم يدعموا زميلا لهم.

وكان درويش قد كتب عبر صفحته على "فيس بوك" "قرأت خبرا عن تكليف السيسي للحكومة بتحلية مياه البحر، بعد المناورات وحماة النيل والهجص اللي بيضحكوا به على الناس".

 

وفاة سيد درويش

ومن الحفيد المعتقل لدى العسكر إلى الجد الراحل، وبالعودة إلى سيد درويش فقد ولد بالإسكندرية في 17 مارس 1892، وتوفي في سبتمبر 1923، عن عمر يناهز الـ31 عاما، وعلى الرغم من وفاته في سن صغيرة؛ إلا أنه ترك تاريخا فنيا ذاخرا، ظل مخلدا بين أروقة الفن، تتعارف عليه الأجيال.

وانتهت حياة الفنان سيد درويش، في عام 1923، بظروف غامضة، أما الرواية المؤكدة بالأدلة أن سبب وفاة سيد درويش، هو تسمم مدبر من الإنجليز أو الملك فؤاد؛ بسبب أغانيه التي تحث الشعب على الثورة.

في أواخر أيام سيد درويش كانت قد اجتمعت عليه هموم الدنيا من رحيل حبيبة عمره جليلة، وموت شقيقته الصغرى التي كانت هي الأقرب لقلبه علاوة على حل فرقته التي عاش عمره يحلم بتكوينها، فترك كل شيء وفر هاربا إلى رأس البر، ولكن الحزن أخبره بأنه لن يتركه بل سيذهب معه أينما حل.

وفي إحدى الليالي صعد إلى غرفته صاحب الفندق الذي نزل به محاولا تخفيف همومه فأخبره بأن فتاة ريفية صغيرة تمتلك صوتا لم يسمع مثله من قبل، ستغني في صالة الفندق تلك الليلة، ولأن درويش كان يخشى الوحدة فقرر أن يأخذ بعض الونس في تلك الأمسية وبالفعل نزل إلى الصالة.

بدأت أم كلثوم الطفلة الصغيرة في شدوها وكان ذلك عام 1923، بدأت الست بقول  "مولاي كتبت رحمة الناس عليم" انغمس درويش في صوتها وشعر وكأنها تغني له وتبعث له برسالة فقالت ، "فضلا وكرما ارتعش جسده وتوحد مع هذا الصوت الذي كان بمثابة رحمة أرسلت له من الله".

لاحظ صاحب الفندق حالته، فذهب إلى أم كلثوم وهمس لها بوجود سيد درويش وأنه يستمع إليها والذي كان لها بمثابة أهم ملحني مصر، ارتبكت قبل أن تستجمع قواها، وقررت أن تغني شيئا من ألحانه، فغنت  "والله تستاهل يا قلبي" وهي من أكثر ألحان درويش حزنا وصعوبة ظل يستمع لها مشدوها، وذهب إليها وربت على رأسها ثم قال  "هذه الفتاة، أم كلثوم، سيكون لها شأن كبير في يوم من الأيام".

لم يعش درويش بعد هذه الليلة إلا شهرين فقط، ولم ير أسطورة كوكب الشرق وهي تتحقق على أرض الواقع ، ولكن تظل هذه هي المرة الوحيدة التي التقى فيها قطبي الغناء، لتكون نهايته هي بدايتها.