بعد السيطرة على المستشفيات والصيدليات والمعامل.. مدرسة إماراتية بالجيزة لتخريج نخب صهيو إماراتية

- ‎فيتقارير

في سلسلة من الخطوات التوسعية وصياغة نفوذ قوي للإمارات بمصر، وفي المنطقة، عبر بوابة الاستثمار والأموال التي تسيل لعاب نظام السيسي، الذي تجرجره الإمارات وعسكره نحو أجنداتها المتصهينة بالمنطقة، والمحاربة للتدين والأسموية والعروبية، جاءت حركة الشراء الإماراتية المتسارعة في قطاعات الصحة والموانئ والمصانع والشركات الرابحة والبنوك المصرية، مستغلة ورطة السيسي المالية، لتقبض ثمن دعمها للانقلاب العسكري، إلى أن وصلت استثماراتها قطاع التعليم وتنشئة أبناء المصريين وصياغة شخصياتهم من أجل إيجاد نخبة مصرية على المدى الطويل تدين بدين الإمارات الجديد، سواء المتصهين أو ديانة إبراهام الصهيو أمريكية، خالعين قيم وتاريخ وحضارة مصر وثوابت الإسلام من رقابهم، كما تقرر المجامع العالمية العلمانية.

حيث أعلنت شركة بللوم للتعليم، التابعة لشركة بلووم القابضة الإماراتية، استثمار 1.5 مليار جنيه لإنشاء مدرسة دولية جديدة في نيو جيزة غرب القاهرة، حسبما أعلنت الشركة في بيان صحفي.

حيث  وقعت الشركة اتفاقية مع شركة إدارة التعليم “نيو إرا إديوكيشن” وشركة نيو جيزة للتطوير العقاري، لافتتاح مدرسة للتعليم قبل الجامعي على مساحة 40 ألف متر مربع في نيو جيزة بحلول عام 2024.

وتدير الشركة التعليمية الفرعية دور حضانة ومدارس في الإمارات العربية المتحدة، وتوفر مناهج البكالوريا الأمريكية، والبريطانية والدولية لأكثر من 16 ألف طالب في جميع أنحاء الإمارات. ويمثل مشروعها في مصر أول توسع دولي لها، وفقا لموقعها الإلكتروني. وتعمل الشركة الأم بلووم القابضة في قطاعات العقارات والتعليم والضيافة، كما أنها تعد تابعة للشركة الوطنية القابضة ومقرها أبو ظبي.

وبخلاف إنشاء بلووم الإماراتية مدرسة في الجيزة باستثمارات 1.5 مليار جنيه، كان تقرير في صحيفة هآرتس   الإسرائيلية بعنوان ، كيف اشترت الإمارات مصر ؟  ، قد كشف فى يناير 2021 كيفية وضع أبو ظبي يدها على النظام التعليمي فى مصر، عبر احتكارها التعليم الخاص وتحديد مناهجه، ما يمكنها من تحديد هوية النخبة المصرية.

 

التأثير الإماراتي

وتناول زيفي باريل، محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مسألة التأثير الإماراتي على تشكيل الجيل القادم من المصريين من خلال المناهج المدرسية، ويرى أن أبوظبي قد تكون قادرة على تشكيل نخبة مصرية جديدة من خلال المدارس.

وأشار إلى أنه قبل عدة أسابيع، تحدثت تقارير في مصر عن شكاوى المواطنين من أن الكثير من المناهج المدرسية لأطفالهم، بما في ذلك دروس في الدين والتاريخ والجغرافيا، كانت تستند إلى أفكار إماراتية وليست مصرية، وأن بعض الآباء لفتوا إلى أخطاء في الوقائع أو “تشويه للتاريخ” وهو ما قد يعني أن أطفالهم “لن يعرفوا وطنهم بشكل صحيح”.

 ولفت باريل إلى أن تحذيرات صدرت من برلمانيين وصحفيين مما أسموه بـ مؤامرة إماراتية للتأثير على هوية الجيل القادم من المصريين.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك خشية من أهالي الطلاب، من سيطرة الإمارات على نظام التعليم المصري، بطريقة قد تسهم في تغيير المجتمع المصري، لاسيما بعد سيطرة عبد الفتاح السيسي على مقاليد الحكم في البلاد، بمعاونة إماراتية أطاحت بالرئيس المنتخب محمد مرسي.

 وأوضحت أنه في عام 2015 التزمت الإمارات بإنشاء 100 مدرسة جديدة في مصر، كهدية للحليف الذي انضم إلى التحالف العربي للحرب في اليمن.

الهدية لم يُنظر إليها في مصر  حينذاك، على أنها أي شيء يتجاوز الاستثمار النقدي السخي، إذ كانت أبوظبي تنظر إلى المدارس الخاصة في مصر كجزء من استثماراتها المربحة.

 

مجموعة جيمس التعليمية

وأضافت أنه في عام 2018 بدأت مجموعة جيمس التعليمية، التي تعد أكبر شركة استشارات تعليمية خاصة في العالم، ممارسة أعمالها التجارية في مصر بشراكة شركة هيرمس المصرية، لافتة إلى أن مركز الشركة اشترى حصة 50 % في أربع مدارس في مصر، ويعد ذلك انتهاكا صارخا لقانون يقيد الملكية الأجنبية للمدارس الخاصة في الدولة بـ20 %.

وتابعت بأن الشركة ذاتها أعلنت، في أبريل 2020، أنها تعتزم استثمار 300 مليون دولار في بناء 30 مدرسة خاصة خلال عامين، تتسع لـما يتراوح بين 25 و30 ألف طالب، وتقدم الشركة خدمات إضافية مثل: الزي المدرسي، والوجبات الغذائية، وتدريب المعلمين.

 ونقلت الصحيفة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن عدد المدارس الخاصة التي تعكف الإمارات على الاستثمار فيها صغير نسبيا مقارنة بإجمالي عدد المدارس الخاصة في مصر، لكنه قد يضر بالنظام المدرسي الحكومي والبنية الاجتماعية في مصر، وتشكل 30 مدرسة إماراتية حوالي 14% من مجموع المدارس الخاصة الدولية في مصر.

لكن هذه المخاوف تتضح أكثر، عند المقارنة بين حجم الاستثمار الإماراتي ونظيره الحكومي في قطاع التعليم، فوفقا للبنك الدولي، فإن حوالي 94% من ميزانية التعليم المصرية تذهب لدفع الرواتب، و5% تنفق على الاحتياجات أخرى، وبذلك لا يتبقى سوى حوالي 1% فقط للاستثمار في تطوير التعليم.

ويشير باريل في تحليله إلى أن الرسوم الدراسية في هذه المدارس باهظة بالمعايير المصرية؛ ففي إحدى المدارس البريطانية الخاصة في مصر، تبلغ الرسوم الدراسية السنوية حوالي 4500 دولار للصف الأول، وتصل إلى 8800 دولار للصف الثاني عشر.

وإذا كان متوسط الأجور في مصر يبلغ حوالي 625 دولارا أمريكيا، ويعيش أكثر من ثلث المواطنين  البالغ عدد سكانه 105 ملايين نسمة عند خط الفقر، فإن شريحة صغيرة فقط من الأثرياء هي التي يمكنها تحمُّل هذه الرسوم الدراسية.

يلفت التحليل إلى أن ارتياد المدارس الدولية أصبح رمزا للمكانة الاجتماعية، مثل ركوب السيارة الفاخرة، أو سكنى المنزل الكائن في الحي المرموق؛ ويرجع ذلك جزئيا إلى أن هذا النمط المعيشي يضمن لأبناء الأثرياء مستقبلا اقتصاديا زاهرا، بعدما يستكملون تعليمهم العالي في الخارج.

يدعم هذا التوجه حقيقة أن أرباب العمل يفضلون خريجي هذه المدارس، ويدفعون لهم رواتب أكبر بكثير مما يدفعونه لخريجي الجامعات الحكومية، وهذا بدوره سيخلق فئة من المهنيين والمديرين والمسؤولين الحكوميين القادرين على تخطي معظم الشباب الآخرين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الانخراط في هذا المسار الدراسي، عالي الجودة وباهظ التكلفة، الذي تموله دولة الإمارات.

 

الاستحواذ على شركات الجيش

 وذكرت الصحيفة أن النفوذ الإماراتي في مصر لا يشمل فقط مجال التعليم، فقد أعلن النظام المصري مؤخرا عن خطط لتخصيص شركتين مملوكتين للجيش المصري، شركة وطنية  و شركة صافي للمياة المعدنية التي تعد أضخم شركة متخصصة بهذا المجال، ومن المتوقع أن تحظى الشركات الإماراتية بالأولوية في الاستحواذ؛ بسبب المصالح المشتركة بين النظامين.

 

إنتاج الأدوية

وأما بالنسبة لقطاع الصحة في مصر، فإن الإماراتيين يمتلكون 15 مستشفى، إلى جانب أكثر من 100 مختبر في كافة أنحاء البلاد، كما أنها متحكمة في إنتاج الأدوية في سوق تقدر قيمتها بحوالي 45 مليار دولار، ما قد يؤثر سلبا على الرقابة على أسعار الأدوية، فيؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار.

وتابعت الصحيفة بأن هناك خشية من أن الشركات الإماراتية قد تعمل كشركات وهمية لتلك الإسرائيلية التي تسعى للدخول لهذا السوق (الأدوية).

وحذرت عضوة لجنة الصحة بالبرلمان، إيناس عبد الحليم، من خطورة مشاركة أطراف مشبوهة في هذه الاستثمارات. صحيح أنها لم تذكر اسم إسرائيل تحديدا، لكن زيفي باريل يقول إن "تلميحها كان واضحا بما يكفي".

وهكذا تتحكم الإمارات وحليفتها إسرائيل في مفاصل مصر الحيوية بسلاح المال والاستثمار، وهو ما يدفع ثمنه مستقبل مصر.