بسبب الضرائب وتراجع قيمة الجنيه.. صناعة الورق تواجه الانهيار

- ‎فيتقارير

تواجه صناعة الورق الانهيار بسبب تراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي وبسبب الضرائب التي تفرضها حكومة الانقلاب على الورق وعلى المصانع وعلى مستزمات الإنتاج المستوردة من الخارج .

ورغم أن صناعة الورق كانت من المهن العريقة في مصر، والتي بدأت منذ عهد محمد علي باشا، ثم تطورت بشكل كبير في عهد الخديوي إسماعيل الذي أراد إنهاء معاناة استيراد الورق، وبالفعل أنتجت مصر من الورق ما جعلها تستغني عن الورق المستورد من أوروبا ، لكن في ظل حكم العسكر الذين لا يهتمون بالثقافة والعلوم ولا يعرفون عنها شيئا منذ الانقلاب الأول عام 1952، وحتى انقلاب السيسي على أول رئيس مدني منتخب الشهيد محمد مرسي في 3 يوليو 2013 تشهد صناعة الورق انهيارا غير مسبوق، ما يهدد بفرض الجهل والتخلف على المصريين .

يشار إلى أن صناعة الورق مرت بأسوأ حالاتها بعد تعويم الجنيه عام 2016، نتيجة الارتفاع المستمر لسعر الدولار مقابل انخفاض الجنيه وبسبب ذلك تعثرت عدة شركات، بعضها أغلق أبوابه مثل "الشركة العامة لصناعة الورق راكتا" والتي توقفت عن الإنتاج منذ عام 2019، وكانت من أكبر الشركات في صناعة الورق بمصر والشرق الأوسط، والبعض الآخر توقف عن الإنتاج بشكل كامل مثل شركة سيمو للورق، وبعض المصانع الأخرى قلصت من حجم عمالتها ومن طاقتها الإنتاجية، وفي حالة استمرار الوضع الحالي فإن بقية المصانع سوف تغلق أبوابها.

بجانب ذلك يعاني السوق المصري من زيادة بتسبة 70% في أسعار الورق نتيجة انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، فقبل 3 أشهر كان ثمن طن الورق المستورد 15 ألف جنيه، فيما تجاوز سعره 40 ألف جنيه حاليا، كما تضاعف سعر خامات الورق بشكل جنوني، وهذا الارتفاع يلقي بظلاله على كل أسعار السلع التي تعتمد على الورق .  

 

دولة مستهلكة

هذه الأوضاع جعلت مصر دولة مستهلكة للورق تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، رغم أن هناك حوالي 100 مصنع ورق، وعدد العاملين بها يزيد على 55 ألف عامل لكنهم لا يغطون الاحتياجات ، ومع اتجاه دولة العسكر لعدم طباعة الكتب المدرسية تسبب ذلك في تدمير بعض المصانع التي كان اعتمادها الأساسي على طباعة الكتاب المدرسي.

ويقدَّر العجز السنوي لإنتاج الورق المحلي بحوالي 325 ألف طن، حيث تستهلك مصر نحو 450 ألف طن من الورق سنويا، وتنتج نحو 125 ألف طن، وتستورد باقي احتياجتها الـ 72% من الخارج .

 

مهددة بالإفلاس

من جانبه قال المهندس علاء السقطي، رئيس اتحاد مستثمري المشاريع الصغيرة والمتوسطة‎، أن هناك مصنعا في مدينة قنا ينتج الورق على مستوى عال، لكنه متعثر نتيجة العديد من المعوقات، مشيرا إلى أن المصانع أصبحت مهددة بالإفلاس بسبب الارتفاع الهائل والمفاجئ في أسعار الخامات، وعدم قدرة هذه المصانع على الوفاء بالتعاقدات المبرمة قبل ارتفاع الأسعار.

وأشار السقطي في تصريحات صحفة إلى أن كل مصانع الورق تعتمد بشكل أساسي على إعادة تدوير ورق المخلفات والبواقي الورقية المستعملة، ويتم استيرادها من الخارج، وتسمى "ورق الدشت".

وأكد أن هذا المنتج المصري المعتمد بنسبة 100% على مدخلات الخارج غير قادر على منافسة المنتج المستورَد، رغم أن تكلفة إنتاجه ترتفع لتصل إلى سعر المنتَج المستورد وأحيانا أغلى منه، مع كونه رديئا ويشوه جودة المنتج إذا اُستخدم في الطباعة ، وبالتالي يزداد الطلب على المنتج المستورد الأفضل جودة وسعرا، وتزداد الفجوة بين المنتج المحلي واحتياجات السوق.  

وكشف السقطي أن معظم المستثمرين لا ينظرون إلى ميدان الورق كاستثمار أو كصناعة استراتيجية، إضافة إلى أن صناعة الورق تحتاج إلى استخدام كميات كبيرة من المياه والطاقة، وسعرهما مرتفع في مصر، مؤكدا أن هناك الكثير من العقبات والقوانين التي تعوق هذا الاستثمار، مثل البيروقراطية، وقوانين الجمارك، وضريبة القيمة المضافة، وتأخر تغذية الكهرباء لبعض المصانع، وارتفاع تكاليف التطوير والتحديث والمواد الخام.

 

أسعار الطاقة

وقال أحمد جابر، رئيس غرفة صناعة الورق باتحاد الصناعات المصرية، إن "معظم مشكلات صناعة الورق تتعلق بارتفاع أسعار الطاقة في السنوات الأخيرة، وفرض ضريبة القيمة المضافة، موضحا أن هذه الأمور تزيد من تكلفة إنتاج الورق وتجعله لا يستطيع المنافسة أمام المستورد".

وأكد جابر في تصريحات صحفية أن أزمة الورق موجودة منذ تعويم الجنيه، لكنها تفاقمت اليوم بشكل كبير، معربا عن أسفه لأن أكبر المتضررين من هذه الأزمة هم العاملون بصناعة النشر.

وأشار إلى وجود مشكلة كبيرة بالسوق المصري تتمثل في نقص  الورق بسبب ظروف الاستيراد الصعبة التي أوجدتها حكومة الانقلاب، ما ساهم في تفاقم الأزمة لأن الورق المحلي لا يكفي 50% من احتياجات دور النشر المحلية، إضافة إلى أن مصر دولة غير منتجة لمستلزمات إنتاج الكتاب.

وكشف جابر عن دخول دور النشر في أزمة حادة، خصوصا مع ارتفاع سعر المواد الخام، وما تتكلفه من دفع رواتب الموظفين، وإيجار مكاتب ومستودعات، وضرائب، وعدم التوفيق بين حجم المبيعات والتكاليف التي يتمّ إنفاقها، إضافة إلى ارتفاع أسعار إيجارات الأجنحة في معارض الكتب، مع ملاحظة أن الكثير من دور النشر تعتمد على مواسم معارض الكتب لتغطية النفقات.

وتوقع أن تظهر الآثار الناجمة عن أزمة الورق في معرض الكتاب المُقبل لأن سعر الكتاب سيتضاعف عن الموسم السابق، وقد لا تتحمل العديد من دور النشر كل هذه الارتفاعات ، ومنها من وجدت نفسها تتعرض لخسائر كبيرة لا تستطيع معها الاستمرار، فاضطرت لتقليص عدد العاملين وإغلاق فروع لمكتباتها .