أظهر استطلاع جديد للرأي العام المصري أجرته إحدى الشركات التجارية الإقليمية بتفويض من "معهد واشنطن" في نوفمبر 2022 ازدياد عدم رضا المصريين عن أداء نظام السيسي، ولكن نصفهم يؤيد الثورة ضده والنصف الأخر يخشى الاحتجاجات الجماهيرية.
أوضح الاستطلاع أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر أدت إلى زيادة نسبة المصريين غير الراضين عن أداء حكومتهم فيما يخص المسائل الاقتصادية الرئيسية.
إلا أن نصف المصريين المشاركين في استطلاع الرأي لم يؤيدون احتجاجات الشوارع ، ولم تسجل أي اختلافات مهمة إحصائيا بين ردود المصريين من الراشدين ما دون سن الثلاثين، وردود الجيل المصري الأكبر سنا.
وعبّر المواطنون المصريون عن مستويات عالية من عدم الرضا عن أداء نظام السيسي ، حيث أشار أكثر من ثلثي المستجيبين (69%) إلى أن الحكومة لا تبذل جهودا تذكر لتلبية احتياجات الشعب من أجل تأمين ظروف حياة كريمة.
وتسجل النسبة الحالية ارتفاعا حادا بالمقارنة مع استطلاع الرأي السابق الذي سجل انقساما أكبر في صفوف المصريين، إذ قال 47% منهم في استطلاع سابق يوليو 2022 إن "الحكومة لا تبذل جهودا تذكر، في حين اعتبرت النسبة المتبقية أن الدولة كانت تبذل جهودا حثيثة أو الجهود الكافية".
وسؤال عما إذا كانت الحكومة توزع الأعباء الضريبية والواجبات الأخرى بصورة عادلة حاليا، اعتبر 58% من المستجيبين أنها لا تبذل جهودا تُذكر في هذا الصدد.
بالإضافة إلى ذلك، أعربت الغالبية الساحقة من المصريين المشمولين في الاستطلاع (76%) عن وجود أزمة مشاركة سياسية في مصر حريات ، وأشارت إلى أن الحكومة لا تتنبه كما يجب لآراء المواطنين العاديين.
وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي المتردي وتداعياته على حياة المواطنين اليومية، رفض نحو نصف المصريين اللجوء إلى الاحتجاجات الجماهيرية.
فلدى السؤال عما إذا كان من الجيد أن بلادنا لا تشهد احتجاجات شوارع جماهيرية ضد الحكومة كما يحصل مؤخرا في بعض البلدان، وافق نحو نصف المشاركين (49%) على هذا الطرح.
نرفض التطبيع مع إسرائيل
مع أن مصر كانت الدولة العربية الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، ما زال المصريون يعارضون بشدة العلاقات مع إسرائيل أو الإسرائيليين.
فلدى السؤال عن رأيهم إزاء اتفاقيات إبراهيم التي أبرمتها إسرائيل مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، لم يعتبر إلا 12% من المستجيبين المصريين أن هذه الاتفاقيات خلفت آثارا إيجابية على المنطقة.
وتوازي هذه النسبة تقريبا تلك المسجلة في استطلاع يوليو وأغسطس، في حين اعتبر 82% أن هذه الاتفاقيات خلفت آثارا سلبية.
وتعكس هذه المواقف الفجوة الكبيرة القائمة بين آراء الشعب المصري وسياسات حكومته في هذا الصدد.
وفي المقابل، اعتبر عدد أكبر من المصريين أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي أُبرم مؤخرا بين إسرائيل ولبنان أمر إيجابي.
فلدى السؤال عن هذا الاتفاق، اعتبر 57% من المصريين أنه سلبي، في حين اعتبره نحو ثلث المستجيبين إيجابيا.
في السياق عينه، لم يبدِ الشعب المصري دعما يُذكر لأي شكل من أشكال التطبيع مع الإسرائيليين.
فلم يوافق إلا 11% على أن "الأشخاص الذين يرغبون في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين يجب أن يُسمح لهم بذلك".
ويتعارض هذا الموقف المصري الشعبي مع نسبة 40% تقريبا المسجلة في دول الخليج العربي على غرار السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين التي تؤيد حاليا هذه العلاقات.
وعلى المنوال نفسه، لم يعرب إلا 5% من المصريين المشمولين في الاستطلاع عن آراء إيجابية حيال نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، فقد عبر 73% من المستجيبين عن مشاعر سلبية جدا حول النتيجة، في حين اعتبر 16% أن النتيجة سلبية إلى حد ما.
مؤتمر المناخ لا قيمة له
كانت المفاجأة في الاستطلاع هي التأييد المحدود الذي ناله المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 لدى المصريين بالمقارنة مع بطولة كأس العالم.
ففي حين اعتبر أكثر من نصف المستجيبين المصريين 55% أن المؤتمر كان إيجابيا، ورأى 38% أنه كان سلبيا.
العلاقة مع أمريكا وروسيا
بالتوافق مع نتائج الاستطلاع الأخير الذي أُجري بين يوليو وأغسطس 2022 أعرب المصريون عن آراء متباينة حول أهمية العلاقات الخارجية.
ويبدو أن الولايات المتحدة احتلت الصدارة في هذا المجال، إذ أشار 57% من المستجيبين إلى أن هذه العلاقات مهمة جدا أو إلى حد ما.
وفي حين اعتبر نحو ثلاثة أرباع المصريين أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا سلبية إلى حد ما على الأقل، ويعود ذلك جزئيا إلى الأثر الذي تخلفه هذه الحرب على حياتهم اليومية من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا يزال 50% من المصريين يعتبرون أن العلاقات مع روسيا مهمة.
وتبرز هذه الآراء المتباينة أيضا في موافقة 49% من المصريين المشاركين في الاستطلاع إلى حد ما على الطرح التالي "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة في هذه الأيام، لذا علينا أن نتطلع إلى الشراكة مع دول أخرى مثل الصين أو روسيا".
في المقابل، وبالتوافق مع الاستطلاع السابق، اعتبرت الغالبية العظمى من المشاركين 87% أن العلاقات الجيدة مع إيران ليست مهمة جدا أو غير مهمة على الإطلاق.
وعلى المنوال نفسه، وافق أكثر من ثلث المستجيبين 38% على الطرح التالي "بما أن إيران أوشكت اليوم على حيازة قنبلة نووية، فقد حان الوقت لتحذو دولة عربية حذوها أيضا"، بينما عارض أكثر من نصف المصريين 60% هذا الطرح.
وقد تعتمد ردود الفعل على هذا البيان على الخلفيات السياسية للمستجيبين، إذ يعتبر البعض أنه من الخطير حيازة تكنولوجيا مماثلة، في حين يرى البعض الآخر أن امتلاك القنبلة النووية ضرورة أمنية وطنية.
كأس العالم
على غرار الدول العربية الثلاثة الأخرى التي أُجريت فيها استطلاعات الرأي هذا الشهر أي لبنان والسعودية والإمارات، أعربت الغالبية الكبرى من المصريين عن آراء مؤيدة لبطولة كأس العالم التي استضافتها قطر.
فقد اعتبر 86% من المصريين المستطلَعين أن بطولة كأس العالم الأخيرة خلفت أثرا إيجابيا إلى حد ما أو إيجابيا جدا على المنطقة.
ويعكس انتشار هذا الموقف الإيجابي في مصر كما في الدول الثلاثة الأخرى المذكورة أهمية هذا الحدث وشعبيته في صفوف المواطنين العرب، وفق معهد واشنطن.
ويستند هذا التحليل إلى نتائج استطلاع قائم على المقابلات الشخصية لعينة تمثيلية على المستوى الوطني من 1000 مواطن مصري، أجرته شركة تجارية إقليمية مستقلة وذات خبرة عالية في نوفمبر 2022.