“فايننشال تايمز”: تدخل الجيش في الاقتصاد وراء الأزمة المتفاقمة في مصر

- ‎فيأخبار

قالت صحيفة فايننشال تايمز إن “عبد الفتاح السيسي وعد الشعب، منذ ما يقرب من عقد من الزمان، بأنه سينعش الاقتصاد ويبني دولة جديدة، ولكن عندما تحتفل مصر هذا العام بالذكرى ال10 للانقلاب الذي أوصل قائد الجيش السابق إلى السلطة، لن يجد المصريون الكثير مما طالبوا به”.

وأضافت الصحيفة أنه، بدلا من ذلك، سيكافح عشرات الملايين من الناس من أجل توفير الطعام على موائدهم مع انخفاض الجنيه المصري إلى مستويات قياسية وارتفاع التضخم إلى أكثر من 20 في المائة، ويعاني القطاع الخاص من نقص في العملة الأجنبية منذ عام تقريبا يخنق الشركات، وأصبحت مصر في أزمة.

وأوضحت الصحيفة أنه مثل الكثير من دول العالم ، تضررت الدولة العربية بشدة من كوفيد وتعاني من الرياح المعاكسة الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا، لكن نظام السيسي الاستبدادي يتحمل أيضا اللوم بشكل مباشر لأنه ترأس دولة تعيش بما يتجاوز إمكانياتها.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في العام الماضي، اضطرت سلطات الانقلاب للذهاب إلى صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة خلال ست سنوات، وحتى قبل الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار في أكتوبر، كانت مصر ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين، ويكمن جوهر مشاكلها في الاعتماد المفرط على الأموال الساخنة التي تتدفق إلى ديونها المحلية كمصدر للعملة الأجنبية، والتوسع المتوحش للجيش في جميع أنحاء الاقتصاد.

وقد انكشفت نقاط الضعف في الأولى عندما سحب المستثمرون حوالي 20 مليار دولار من الديون المصرية في الوقت الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، واضطرت حكومة السيسي، التي كانت تدفع أعلى سعر فائدة حقيقي في العالم لجذب تدفقات المحفظة بينما تدعم الجنيه بشكل مصطنع، إلى اللجوء إلى دول الخليج للحصول على عمليات إنقاذ، ومنذ ذلك الحين ، قام البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه على مراحل لتحقيق توازن العرض والطلب في سوق الفوركس. واتفقت مع صندوق النقد الدولي على الانتقال إلى سعر صرف مرن مع انخفاض الجنيه نحو الثلث مقابل الدولار منذ أكتوبر.

ولفتت الصحيفة أن المشكلة الأعمق هي دور الجيش في الاقتصاد، الذي يمتد من محطات الوقود إلى البيوت البلاستيكية ومصانع المعكرونة ومصانع الأسمنت والفنادق ووسائل النقل وغيرها، كما تشرف على المئات من مشاريع البنية التحتية الحكومية، بما في ذلك مشاريع الغرور مثل بناء عاصمة إدارية جديدة ومدن في الصحراء.

ونوهت الصحيفة بأن هذه الظاهرة أزاحمت القطاع الخاص الذي يشعر بالقلق من التنافس مع أقوى مؤسسة حكومية، وأعاقت الاستثمار الأجنبي المباشر الذي من شأنه أن يولّد فرص عمل ومصدرا أكثر استدامة للعملة الصعبة، لكن منذ أن ذهب نظام السيسي لأول مرة إلى صندوق النقد الدولي للحصول على خطة إنقاذ بقيمة 12 مليار دولار في عام 2016 تجادل الصندوق والمانحون، لسبب غير مفهوم، حول هذه القضية، بينما ألغت القاهرة النقاش الداخلي.

ويبدو أن صندوق النقد الدولي يعالج القضية متأخرا بأحدث قرض. ويقول إن حكومة الانقلاب التزمت بالحد من بصمة الدولة في الاقتصاد، بما في ذلك الشركات المملوكة للجيش، من خلال الانسحاب من القطاعات غير الاستراتيجية ومن خلال بيع الأصول، كما سيطلب من الكيانات المملوكة للدولة تقديم حسابات مالية إلى وزارة المالية مرتين في السنة وتقديم معلومات عن أي أنشطة شبه مالية لتحسين الشفافية.

وأكملت الصحيفة أن “الأمر متروك الآن لصندوق النقد الدولي والمانحين لاستخدام نفوذهم لضمان وفاء النظام الذي يقوده الجيش بالتزاماته، بعد إجراء بعض الإصلاحات في عام 2016 لتأمين قرض بقيمة 12 مليار دولار، واصلت الحكومة توسيع دور الجيش، بينما فشلت في إجراء التغييرات الجادة التي يحتاجها الاقتصاد”.

واختتم التقرير “غالبا ما يفترض أن مصر مهمة جدا بحيث لا يمكن إفلاسها، وأن المانحين أو دول الخليج ستنقذ القاهرة دائما، لكن الواقع هو أنه مع وجود ما يقدر بنحو 60 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر أو فوقه مباشرة ويزدادون فقرا، فإن الدولة تخذل مواطنيها بالفعل، إذا كان حلفاء القاهرة جادين في مساعدة البلاد، فعليهم الضغط على السيسي للوفاء بتعهداته”.

 

https://www.ft.com/content/d06a05e7-9e00-4a61-a24a-76e9a621f6a9