منع وإهانة السفير الأردني رسالة واضحة .. هل بدأ الكيان الصهيوني السيطرة الشاملة على الأقصى ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

 

قبل ساعات قليلة من اجتماع قمة ثلاثية في القاهرة 18 يناير 2023 بين محمود عباس والسيسي والملك عبد الله، وأخر في أبو ظبي ضم دول الخليج ما عدا السعودية والكويت، وبحضور السيسي، قيل إن “أهدافها اتخاذ موقف تجاه حكومة الاحتلال الصهيوني الجديدة، أهان جندي إسرائيلي السفير الأردني في إسرائيل ومنعه بالقوة من دخول المسجد الأقصى”.

الواقع يقول إن “القمتين العربيتين جاءتا من أجل منع انهيار السلطة الفلسطينية ، الذي سيعني سيطرة المقاومة وتصاعد نفوذ المقاومة الإسلامية وهو ما لا تريده الأنظمة المجتمعة ولا إسرائيل معا، لكن البيانات الرسمية العربية سعت للتضليل والحديث عن القضية الفلسطينية عموما دون تفاصيل”.

إهانة السفير الأردني في إسرائيل ومنعه من دخول المسجد الأقصى دون إذن مسبق من الشرطة الإسرائيلية ومطالبته بالحصول على إذن دخول من الشرطة الإسرائيلية والإبلاغ عن حضوره قبل ذهابه إلى المسجد جاءت تنفيذا قويا للسياسة الجديدة لبن غفير وتعهدات الحركة الصهيونية الدينية بالسيطرة التامة على الأقصى وإلغاء الوصاية الأردنية فعليا.

وسماح تل أبيب لاحقا للسفير الأردني بدخول الأقصى بعد احتجاج أردني لم يمنع تل أبيب من تثبيت الرسالة التي أرادت إرسالها للأردن والعرب وهي السعي لفرض أمر واقع جديد في الحرم القدسي.

إذ أن منع السفير الأردني غسان المجالي من دخول المسجد الأقصى رسالة إلى كل العرب والمسلمين، بأن المسجد الأقصى تحت السادة الإسرائيلية.

ومنع السفير من زيارة المسجد الأقصى على يد شرطة الاحتلال إهانة واضحة لمفهوم الوصاية الأردنية وعودة السفير للزيارة بعد اتصالات وتنسيق واحتجاج روتيني زيادة في الإهانة.

وحركة استقدام سفراء الاتحاد الأوروبي لزيارة المسجد لن تعيد الاعتبار للدور الأردني الشكلي المفقود أصلا، وفق المراقبين.

مع هذا سعت جهات سياسية إسرائيلية لادعاء أن حادثة السفير الأردني ليست سوء تفاهم أو تنسيق إنما فخ وعمل مدبر من قبل السلطات الأردنية ، ويهدف إلى إلهاء الجماهير الغاضبة في الأردن وتحويل الغضب الموجه إلى النظام باتجاه إسرائيل، حسبما أكدت القناة 12 الإسرائيلية 18 يناير 2023.

بينما الحقيقة أن ما جرى له علاقة بالاستعدادات الجارية لمراسم اليهود الخاصة بذبح القرابين للهيكل في أبريل المقبل بالتزامن مع شهر رمضان وتحذيرات صحف إسرائيل من حرب جديدة قادمة بسبب ذلك.

هل تندلع الحرب في رمضان

منذ عام 2014 بدأت جماعات الهيكل المتطرفة تعمل على الإحياء العملي لطقوس القربان داخل المسجد الأقصى، وتجري تدريبات عملية لتحقيق ذلك، ووفق تعاليم هذه الجماعات، فإن القربان يجب أن يذبح عشية عيد الفصح في 14 من أبريل العبري الذي يوافق شهر رمضان، وأن ينثر دمه عند قبة السلسلة التي يزعم المتطرفون الصهاينة، أنها بنيت لإخفاء آثار المذبح التوراتي.

على مدار السنوات القليلة الماضية، قدمت تلك الجماعات طلبا عبر محاكم الاحتلال لإحياء طقوس القربان في المسجد الأقصى، فتلقت رفضا شديدا خشية من انفجار الأوضاع.

وبحسب المختص في شؤون القدس، زياد إبحيص، فإن القربان هو الطقس اليهودي المركزي الأهم، الذي اندثر باندثار الهيكل، على حد مفهوم الزعم التوراتي، وحينما اندثر الهيكل، اندثرت معه تقديم القرابين، وخسرت اليهودية هذا الشكل من العبادة القربانية.

وإحياء طقس القربان يشكل إحياء معنويا للهيكل للتعامل مع الأقصى، والهيكل هو ما يرمز المسجد الأقصى، حسب منظورهم، قد بات هيكلا ، حتى وإن كانت أبنيته ومعالمه ما تزال إسلامية لكن اليوم بات معظم حاخاماتها ونشطائها مقتنعين بأن الوقت قد حان لتقديم القربان في المسجد الأقصى مع وصول حكومة يقودها تيار الصهيونية الدينية الذي يؤمن بما تسمي تسريع الخلاص اليهودي أي إزالة غضب الله عنهم بإحضار أي بقرة حمراء وتنفيذ القرابين وإعادة بناء الهيكل على أنقاض الأقصى أو بجواره عند مسجد قبة الصخرة ما يعني احتمالات وقوع حرب هناك في رمضان المقبل.

مصير الوضع الراهن

بعد احتلال القدس عام 1967 عقد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان اجتماعا مع علماء الأقصى والأوقاف ، وأكد لهم استمرار سياسة الوضع القائم، وعدم السماح سوي للمسلمين بالصلاة هناك.

ودعمه في هذا الحاخامات الذين يحرمون زيارة ساحة الأقصى أو الصلاة فيها لأسباب دينية، إذ يعتبرون أن اليهود لا يزالون أنجاسا منذ غضب الله عليهم ولابد أن يتطهروا أولا ببقرة حمراء.

كما أنهم يخشون أن يجري تدنيس قدس الأقداس أي مكان المعبد اليهودي الذي يزعمون أنه أسفل المسجد الأقصى، وفق زعمهم.

كانت العناصر الرئيسية لـ “الوضع القائم أو الراهن ” تتضمن عدم السماح لغير المسلمين بالصلاة في منطقة المسجد الأقصى (144 دونما تضم الأقصى والمصلى القبلي، وقبة الصخرة، وكافة المصليات والمباني والجدران والباحات).

لكن الاحتلال استولى على مفتاح باب المغاربة، للسماح لليهود بالصلاة عند حائط البراق (المبكي)، وسمح لهم بزيارة الحرم القدسي دون الصلاة داخله.

ومع تجدد الجدل حول ما سيجري بعد فوز الصهيونية الدينية ومشاركتها في الحكومة، وبسبب التخوف من انفجار الوضع، لو نفذ وزراؤها تهديداتهم بتغيير الوضع الرهن في الحرم القدسي، أصدر رئس الوزراء نتنياهو بيانا للتهدئة.

قال في كلمة له أمام الكنيست “سنواصل المحافظة على الوضع القائم، ولن نكون دولة شريعة (هالاخاه)، وسنحافظ على نهج اليمين الليبرالي”، بحسب صحيفة “هآرتس: 13 ديسمبر 2022.

لكن تحالفه مع الفاشيين اليهود الداعين للصلاة بالحرم القدسي بالمخالفة لسياسة الوضع الراهن محير، ويطرح تساؤلات حول أي وضع راهن يقصد؟

إذ أن خطورة نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي نتج عنها تولي حركة الصهيونية الدينية 5 حقائق وزارية أبرزها الداخلية وشئون الضفة الغربية، تتمثل في تعهد الوزيرين بن غفير وحليفه سمورتيش بحرية اليهود في اقتحام الأقصى، وإلغاء الوضع الراهن.

كما أن تيار الصهيونية الدينية “الحردلي الخلاصي” الذي ينتمي إليه بن غفير وسمورتيش، يتبنى التأويل الأكثر تطرفا لفكرة الخلاص اليهودي ونزول المخلص المنتظر، الذي سيجعل اليهود قادة للعالم، وبناء الهيكل على أنقاض الأقصى.

وترى هذه الحركات من الصهاينة المتدينين الثوريين أو التصحيحيين أو العلمانيين أن بناء الهيكل الثالث، هو المفتاح لحل كل مشاكل اليهود ومصائبهم وخاصة الدينية والروحية، ويرون أنفسهم أداة الرب لتقريب مجيء المخلص.

يؤمنون بـتسريع النهاية لا انتظار مشيئة الرب كما يدعوهم حاخاماتهم، عبر تسريع اقتحام الأقصى وبناء الهيكل، بحسب دراسة “أشرف عثمان بدر” الباحث بمركز القدس للدراسات بجامعة بيرزيت 18 مايو 2022.

وخلال لقاء تلفزيوني أجرته معه القناة الثانية العبرية بعد وصوله إلى الكنيست للمرة الأولى عام 2016، هدد سموتريتش زعيم حركة الصهيونية الدينية “سنهدم الأقصى ونبني الهيكل فورا” و”الهيكل الثالث سيبنى خلال سنوات على أنقاض المسجد”.