قال موقع الجزيرة نت إن "قرارات سلطات الاحتلال بهدم المنازل في القدس الشرقية يمثل حرب أعصاب للفلسطينيين، مضيفا أن أوامر الهدم المعلقة لا تزال سارية المفعول ويمكن تنفيذها في أي لحظة".
وبحسب الموقع، أنفقت صباح بدر، البالغة من العمر 57 عاما، مدخرات حياتها من العمل كطاهية في شراء شقة باسمها، على أمل الحصول على بعض الشعور بالأمان لها ولابنها.
ولكن منذ أن انتقلت إلى مبنى مكون من 13 وحدة في حي سلوان الفلسطيني، جنوب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، قبل ثماني سنوات، كانت حياة الأم العزباء بعيدة كل البعد عن الأمان، وقد تعرضت صباح وما يقرب من 100 فلسطيني آخرين يعيشون في نفس المبنى لخطر الهدم والتهجير القسري من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية التي تخيم عليهم باستمرار.
وأضاف الموقع أن سكان المبنى المكون من 13 وحدة – نصفهم على الأقل من القاصرين – تلقوا أمر هدم إسرائيلي نهائي في 5 فبراير، بحجة أن بنايتهم تفتقر إلى ترخيص، وبعد أيام، وبعد ضغوط دولية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأجيل الهدم إلى أجل غير مسمى، وفي حين تم تأجيل إزالة المبنى، لا يزال أمر الهدم ساري المفعول ويمكن تنفيذه في أي لحظة.
وقالت صباح بدر لقناة الجزيرة من منزلها "حتى لو هدموا هذا المبنى، سأنصب خيمة وأبقى هنا، أنا لست أفضل من أي من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين، سأصبح مثلهم تماما".
وفي ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة التي أدت اليمين الدستورية في أواخر العام الماضي، كان المسؤولون الإسرائيليون يسارعون إلى هدم المنازل الفلسطينية التي تعتبرها دولة الاحتلال غير قانونية في القدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك في أحياء سلوان وجبل المكبر وحزما.
وأوضح الموقع أن هذه السياسات الإسرائيلية تعني أن ما لا يقل عن ثلث جميع المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة تفتقر إلى تصاريح بناء صادرة عن دولة الاحتلال، مع تعرض أكثر من 100,000 من سكانها لخطر التهجير القسري، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ويواجه ما يقرب من 1,000 فلسطيني آخر الإخلاء القسري من منازلهم في القضايا المرفوعة ضدهم من قبل جماعات المستوطنين الإسرائيليين، وكثير منهم بدعم من حكومة الاحتلال.
التصعيد الأخير
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الإثنين منزلين يملكهما أب وابنه من عائلة بشير في جبل المكبر، مما أدى إلى اندلاع مواجهات واسعة النطاق مع السكان، أصيب خلالها ما لا يقل عن 30 فلسطينيا – من بينهم مصور قناة الجزيرة – بالرصاص المغلف بالمطاط.
وقال رائد بشير، محامي عائلات الحي، إن "هناك شخصين على الأقل مصابين بالذخيرة الحية، ويرقدان حاليا في المستشفى، وأضاف للجزيرة كانت هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي تحدث فيها مثل هذه المواجهة في جبل المكبر".
وأوضح أن "ما يحدث سياسي بحت، إنها سياسة عقاب وضغط جماعي، لتهجير المقدسيين الفلسطينيين قسرا وتكثيف تهويد المدينة".
منذ مطلع هذا العام، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 47 مبنى فلسطينيا في القدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك منازل ومتاجر ومبان أخرى مأهولة وغير مأهولة، وبحلول 7 فبراير، أصبح ما لا يقل عن 60 فلسطينيا بلا مأوى بسبب عمليات الهدم، وفقا للأمم المتحدة.
تقول صباح بدر، الطاهية المتقاعدة في سلوان، إنه "من المستحيل بالنسبة لها المغادرة لمنزل آخر بعد أن عانت من ارتفاع الإيجار في المدينة لسنوات".
وقالت "يريدوننا أن نغادر القدس وأن نغادر البلاد بهدم منازلنا، أنا والدة أمين بدر ، أقول إنه لا توجد طريقة لمغادرة هذا المنزل، يمكنهم هدمه فوق رؤوسنا، على الأقل سنموت كشهداء نقاتل من أجل منازلنا وأراضينا".
لطالما أشارت المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وجماعات حقوق الإنسان إلى مجموعة من الممارسات والسياسات الإسرائيلية في القدس التي تهدف إلى تغيير النسبة الديموغرافية لصالح اليهود.
واحتلت إسرائيل عسكريا وضمت بشكل غير قانوني النصف الشرقي من المدينة في عام 1967. 13 في المائة فقط مخصصة للتنمية الفلسطينية والبناء السكني، ومعظمها مبني بالفعل، والباقي تحت سيطرة دولة الاحتلال والمستوطنين.
إن التهجير القسري للسكان المحتلين عسكريا ونقلهم، هو انتهاك للقانون الدولي وجريمة حرب.
ويعيش حوالي 200,000 إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية في القدس الشرقية المحتلة، وكثير منها مبني على أراض فلسطينية خاصة، كما أنهم يعيشون في منازل فلسطينية استولى عليها المستوطنون بمساعدة الدولة.
في 11 يناير، قالت السلطة الفلسطينية إن "هدم المنازل في القدس وفي "المنطقة ج" في الضفة الغربية المحتلة هو من بين أسوأ أشكال التطهير العرقي التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية".
وقالت السلطة الفلسطينية إنها "تنظر بجدية بالغة إلى سياسة الحكومة الإسرائيلية في تكثيف وتصعيد هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، في محاولة للقضاء على الوجود الفلسطيني في القدس وجميع المناطق المصنفة كمنطقة ج من أجل تخصيص هذه المناطق للمستوطنات غير القانونية.
وبين عامي 1967 و1995، تم بناء أكثر من 88 في المائة من المساكن في القدس الشرقية المحتلة في مستوطنات إسرائيلية غير قانونية مدعومة بإعانات حكومية.
وجودهم بالكامل بدون ترخيص
وبسبب ارتفاع تكلفة السكن والسياسات الإسرائيلية التقييدية، لجأت صباح بدر – مثل آلاف الفلسطينيين الآخرين – إلى شراء شقة في مبنى غير مرخص وبالتالي أرخص.
وفي حين أن تكلفة الشقة في مبنى مرخص إسرائيليا في القدس الشرقية المحتلة تتراوح بين 1 و1.5 مليون شيكل إسرائيلي (284,000-425,000 دولار) فإن الشقة التي لا تحمل تصاريح تتراوح بين 350-400,000 شيكل (99,000-113,000 دولار).
وتساءلت صباح "من أين سأحصل على هذا النوع من المال لشراء شقة في مبنى مرخص؟ درست لأصبح طاهيا وعملت لمدة 15 عاما، لقد وضعت كل مدخراتي في هذا المنزل ، والآن لن تذهب سدى. ولماذا؟ بسبب إسرائيل، ولأنه مبني بدون ترخيص كل بنائها بدون ترخيص، وجودهم الكامل هنا بدون ترخيص".
وكثير من أولئك الذين يبنون منازل دون تصاريح، أو يشترون في مبان غير مرخصة يفعلون ذلك على أمل وانطباع بأن منازلهم قد تصبح في نهاية المطاف مرخصة من قبل بلدية القدس الإسرائيلية.
يأخذ السكان في العديد من المناطق على عاتقهم تطوير مخططات تخطيط الأراضي الخاصة بهم، والتي يقدمونها إلى البلدية من أجل الطعن في أوامر الهدم، على أمل إضافة مبانيهم إلى الحدود الحالية لكل حي، والتي لم يتم تحديث الكثير منها منذ احتلال عام 1967.
وينتهي بهم الأمر بدفع الملايين كغرامات شهرية للبلدية الإسرائيلية كمخالفات للعيش في مبنى غير مرخص، وللمحامين والمهندسين لوضع خطط بديلة، فقط ليتم هدم منازلهم في النهاية.
فعلى سبيل المثال، أبلغت البلدية أولئك الموجودين في مبنى سلوان أنه يمكنهم الحصول على ترخيص للبناء إذا تمكنوا من شراء قطعة أرض مجاورة لتخصيصها للاستخدام العام للحي، تم منحهم أسبوعا للقيام بذلك في ديسمبر.
جميع الأراضي المحيطة بالمبنى مملوكة ملكية خاصة وتبلغ قيمتها أكثر من 1 مليون شيكل (284,000 دولار) والتي يتعين على سكان المبنى دفع ثمنها من جيوبهم الخاصة.
وقال عرفات النبي ، 57 عاما ، أحد سكان المبنى ، لقناة الجزيرة "تقدمنا بطلب للحصول على ترخيص – لدينا مهندس ومحام – وقدمنا خطة تنظيمية للمنطقة ، لكننا نعاني منذ سبع سنوات، وإنها حرب على أعصابنا، نحن لا ننام لا نأكل لا نغادر المبنى».
بالنسبة لعرفات وبقية السكان، فإن الدافع وراء عمليات الهدم الإسرائيلية واضح، مضيفا "إنه تهجير قسري، يريدوننا أن نستسلم وننتقل إلى الضفة الغربية، وكلما أفرغوا القدس من سكانها الفلسطينيين، كلما استطاعوا جلب المزيد من المستوطنين".
ومع ذلك، يعتقد أن الفلسطينيين سيكون لديهم دائما أمل في البقاء في منازلهم. وقال "لقد طرقنا كل باب لمحاولة حل هذا الأمر، لا يمكنهم قتل أملنا".
https://www.aljazeera.com/news/2023/2/14/israeli-home-demolitions-a-war-on-nerves-for-palestinians