من المفترض أن تطرح أكبر شركتين للتأمين بالولاية، وهما مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة، أسهما للمستثمرين خلال العام المقبل، ضمن 32 شركة مشمولة ببرنامج الطروحات الذي أعلنه رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي.
وبحسب تقرير نشره موقع “مدى مصر” تمثل الشركتان اثنتين من ست شركات تأمين حكومية قائمة تقف كبقايا لهيمنة الدولة على القطاع ولا تزال أكبر اللاعبين في سوق التأمين المصري، مع وجود ركن في المجالات الرئيسية منه، بما في ذلك الطيران والبترول والعقود الحكومية.
يخضع التأمين، الذي كان في يوم من الأيام صناعة مؤممة بالكامل، للخصخصة خطوة بخطوة منذ 1970s ، ومنذ أوائل 2000s قامت الدولة بالاستعدادات للهبوط النهائي، خصخصة جزئية لشركات التأمين الحكومية المتبقية.
والآن، وضعت حكومة السيسي استراتيجية جديدة للانسحاب جزئيا من سوق التأمين، وخاصة من مجالات التأمين التجاري والتأمين الإلزامي مثل التأمين المطلوب من مالك السيارة، في حين راهنت على خطط للاحتفاظ بدورها الراسخ في قطاع التأمين الاجتماعي.
وقال التقرير إن “دعوة القطاع الخاص للانضمام إلى شركات التأمين الحكومية في مصر تشكل دعوة للانضمام إلى لاعبين رائدين في سوق يتمتع بإمكانات نمو هائلة، وفقا لعدد من الشخصيات في الصناعة الذين تحدثوا إلى مدى مصر، على الرغم من أنهم أشاروا أيضا إلى العديد من العقبات التي لا تزال تقف في طريق النمو المتوقع للقطاع”.
وقالوا إنه “بقدر ما يمكن أن يجلب الاستثمار من مشتر استراتيجي الخبرة التي تشتد الحاجة إليها في هذا القطاع، فإن هناك مجموعة من الخصائص المميزة لسوق التأمين في مصر والتي يجب أخذها في الاعتبار لضمان الإدماج في المستقبل”.
ما هي القيمة التي تمثلها مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة؟
مع تاريخ طويل من العمليات وميزة راسخة مقارنة بالشركات الخاصة، تعد شركات التأمين الحكومية آفاقا جذابة للمستثمرين في قطاع يستعد لنمو هائل، وفقا لشخصيات الصناعة التي تحدثت إلى مدى مصر.
وتمثل الشركتان الرئيسيتان في البلاد، مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة، نحو ثلث قيمة سوق الاستثمار، وفقا لما قاله مدير شركة تأمين، فضل التحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، وعلى الرغم من وجود حوالي 40 شركة من شركات القطاع الخاص العاملة في مصر، فإن رأس المال المدفوع لشركة مصر للتأمين يعادل مجموع رأس المال المدفوع لشركات التأمين الأخرى في السوق.
في حين أن أسواق التأمين في الشمال العالمي تميل إلى العمل بدرجة أكبر من التخصص، فإن قطاع التأمين الناشئ في مصر ينقسم إلى فئات واسعة من التأمين على الحياة والتأمين العام فقط.
لكن ضمن هاتين الفئتين، تسيطر الشركات المملوكة للدولة، وخاصة شركة مصر للتأمين، على اثنين من التخصصات المهمة، مصر للتأمين هي الشركة الوحيدة التي لديها أقسام للاكتتاب وتسوية التعويضات في مجالات تأمين البترول والطاقة على وجه التحديد.
وقال عمرو صالح، مدير في شركة المهندس للتأمين المملوكة للقطاع الخاص، إن “الشركة تحتكر بشكل شبه كامل وثائق التأمين الخاصة لمشاريع الطيران والبترول، مضيفا أن هذا يترك القطاع الخاص للتعامل مع وثائق التأمين المشتركة الأخرى، مثل الممتلكات والصحة، تتمتع شركة مصر للتأمين أيضا بخبرة حصرية في تأمين الفضاء والأقمار الصناعية، حيث تحمل بوليصة القمر الصناعي المصري نايل سات”.
وفي الوقت نفسه، تعتبر شركة مصر لتأمينات الحياة أكبر شركة تأمين على الحياة في مصر والمنطقة.
إن هيمنة الشركات على هذا القطاع هي إرث ما كان ذات يوم صناعة مؤممة بالكامل، وهي خطوة اتخذت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر لمواجهة النفوذ الذي مارسته الشركات البريطانية والفرنسية ذات مرة على الاقتصاد المصري بسبب احتكار الدول الإمبراطورية لعقود التأمين في البلاد، على الرغم من أن القطاع الخاص قد دخل السوق تدريجيا منذ 1970s فقد حافظت الشركات المملوكة للدولة على مكانتها البارزة.
عامل جذب آخر للمستثمرين هو إمكانات سوق التأمين للنمو، كما قال أول مدير لشركة تأمين خاصة، وقالوا إن “مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة حققتا معدلات نمو تزيد عن 10 في المائة خلال السنوات القليلة الماضية”.
ولا يزال قطاع التأمين في مصر صغيرا نسبيا، ويمثل حاليا أقل من واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقا للباحث الاقتصادي وائل جمال، في حين أشار مدير شركة التأمين الخاصة إلى أن اختراق السوق لكل من التأمين على الحياة والتأمين العام في مصر أقل من واحد في المئة، مقارنة بمتوسط السوق الأفريقية، الذي يبلغ حوالي ثلاثة أو أربعة في المئة، ومع توسع اقتصاد السوق الناشئة، تتوقع أرقام الصناعة أن سوق التأمين سوف يتوسع أيضا، ليمثل نسبة أكبر بكثير من الصناعة المالية غير المصرفية.
لماذا تحدث الخصخصة الآن؟
وخصخصة قطاع التأمين على جدول أعمال الحكومة منذ عقود ويقول مسؤولون في القطاع إنها “قد تكون طريقا جيدا لتطوير القطاع، لكن هذه الخطوة تجبرها أيضا لحظة من الحاجة الاقتصادية الشديدة ، كما لاحظوا”.
تمت إعادة هيكلة قطاع التأمين الحكومي في عام 2000 في ظل حكومة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهي إعادة هيكلة كانت تهدف على الأرجح إلى تسهيل الخصخصة، وقال جمال ربما أوقفت الثورة عملية الخصخصة حتى وقت قريب، كانت شركة مصر للتأمين أيضا جزء من برنامج الخصخصة الذي أطلقته الحكومة في عام 2018 والذي تعرض لتأخيرات متكررة”.
وقال العضو المنتدب لشركة التأمين الخاصة إنه “قبل الآن، لم يكن هناك من الناحية الفنية ما يمنع الخصخصة” مضيفا أن التأخير “قد يكون مجرد قرار سياسي”.
ولم تحدد حكومة السيسي ما إذا كان سيتم خصخصة أسهم مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة جزئيا من خلال طرح أسهم في البورصة المصرية أو من خلال بيع أسهم لمستثمرين استراتيجيين، على الرغم من أن الخيارات ستؤدي إلى نتائج مختلفة.
وأشار المدير الإداري لشركة التأمين الخاصة إلى أن البيع للمستثمرين الاستراتيجيين يمكن أن يكون وسيلة للحكومة لدعوة خبرات جديدة إلى القطاع، مما قد يسهل تطوير القطاع، لكنهم أضافوا أن اختيار بيع الأسهم للجمهور عبر البورصة المصرية أو بيع الأسهم لمستثمر سيعتمد في النهاية على استراتيجية الدولة وتقييمها الاستراتيجي لما إذا كانت تريد الاحتفاظ بوجودها في قطاع التأمين”.
وإلى جانب تطوير القطاع، أشار خبراء الاستثمار الذين تحدثوا إلى مدى مصر خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن بيع الأسهم للمستثمرين الاستراتيجيين سيسهل دخول الدولار، وهو ما تحتاجه الحكومة بشدة في الوقت الحالي.
وأشار جمال إلى أن هذا ينطبق على قطاع التأمين أيضا، وأضاف جمال أن “بيع هذه الشركات لن يزيد الاستثمار أو نمو القطاع، مشيرا إلى أن قطاع التأمين الخاص موجود بالفعل ولم يتمكن من إحداث هذا التغيير، وقال جمال إن “الغرض من إجراء المبيعات الآن هو كسب الدولارات، لتكون قادرا على دفع الفجوة المالية التي أحدثتها الديون”.
ما هي التحديات التي تواجه قطاع التأمين في المستقبل؟
وبغض النظر عن الخصخصة، تحدثت شخصيات في صناعة الاستثمار إلى مدى مصر عن عدد من القضايا في القطاع التي ستحتاج إلى معالجة إذا كان لها أن تخدم الاقتصاد الوطني، وقالوا إنه “يتعين على شركات التأمين استثمار المزيد من أموالها في أسواق رأس المال وأن تصبح أكثر توافقا مع مبادئ التأمين العالمية في نفس الوقت الذي تقدم فيه احتياجات سكان مصر بشكل أفضل لضمان الشمول المالي”.
ومن المقرر معالجة بعض هذه المسائل من خلال قانون تأمين موحد جديد، ينتظر حاليا الانتهاء منه.
وقال العضو المنتدب لشركة التأمين “يجب أن تكون شركات التأمين واحدة من أكبر المستثمرين المؤسسيين في أسواق رأس المال” مضيفا أن هذا هو الوضع في الأسواق الأكثر تقدما، لكن الكثير من رؤوس أموال شركات التأمين في مصر تفشل في نهاية المطاف في لعب دور في سوق رأس المال في البلاد، مما يقلل من ديناميكية القطاع.
وأشار العضو المنتدب إلى أن الكثير من شركات التأمين، وخاصة شركات القطاع الخاص التي تلتزم بالنهج المحافظ لشركاتها الأم متعددة الجنسيات، تميل إلى أخذ الأموال التي يدفعها عملاؤها وإعادة استثمارها في أدوات الاستثمار بأقل مخاطر ممكنة، ونتيجة لذلك، يتم استثمار 50 في المئة من رأس مال شركات التأمين في أذون وسندات حكومية، في حين يتم الاحتفاظ بنسبة كبيرة من الباقي في ودائع مصرفية.
وأضافوا أن شركات التأمين المملوكة للدولة تعمل بشكل أفضل في هذا الصدد، وتميل الشركات المملوكة للدولة إلى استثمار نسبة أكبر من محافظها الاستثمارية في أسواق رأس المال ولديها محافظ أكثر تنوعا بشكل عام، حيث تمتلك مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة أسهما في عدد من الشركات التي يتم تداولها علنا في البورصة المصرية، فضلا عن حيازتها لعقارات في محافظها الاستثمارية، مثل العقارات في منطقة وسط القاهرة، التي من خلالها يمكنهم تحصيل الإيجار.
وقال العضو المنتدب إن “جزءا من المشكلة هو أن اللوائح الوطنية لا تشترط حاليا على الشركات استثمار نسبة دنيا إلزامية من محافظها في أسواق رأس المال؛ بل إنها تتطلب من الشركات أن تستثمر في أسواق رأس المال. يوجد فقط حد أقصى 30 بالمائة”.
ومن شأن وضع حد أدنى للسقف، فضلا عن مجموعة أكبر من أدوات الاستثمار التي يمكن لشركات التأمين الاختيار من بينها، أن يدعم الشركات في بناء محافظ استثمارية أكثر تنوعا وأقل تحفظا.
وعلى مدار العامين الماضيين، عمل برلمان السيسي على قانون تأمين موحد جديد يهدف إلى زيادة رأس مال القطاع من 150 مليون جنيه إلى 250 مليون جنيه.
ويهدف القانون الجديد، جزئيا، إلى جعل سوق التأمين في مصر أكثر توافقا مع شركات التأمين متعددة الجنسيات أو العالمية.
وفي العام الماضي، قال النائب ببرلمان السيسي محمود سامي ل «مدى مصر» إن “القانون يهدف إلى مساعدة الشركات التي تعاني من أمرين، نقص الوعي بقطاع التأمين ونقص الخبرة والكفاءات، وأشار سامي إلى أنه نظرا لأن شركة مصر للتأمين احتكرت تقريبا عقود التأمين الحكومية، على سبيل المثال ، فإن الخبرة الوحيدة في هذا المجال تأتي من شركة مصر للتأمين، سيسعى القانون إلى بناء أنواع التخصص والترخيص المتخصص في القطاع بحيث يمكن للشركات التركيز حصريا على توفير التأمين على المعدات الصناعية ، على سبيل المثال ، أو على تأمين المركبات الآلية”.
وأضاف سامي أيضا أن الأجور المنخفضة في القطاع قد انتقصت من بناء قوة عاملة جديدة ومدربة تدريبا جيدا ومختصة.
في الوقت نفسه ، أشار العضو المنتدب لشركة التأمين إلى أن القانون الجديد من المقرر أن يلعب أيضا دورا مهما في تسهيل شمولية السوق، وكان من المقرر أن يقدم القانون وثائق تأمين متناهية الصغر تقدم تأمينا مركبا، وهو عبارة عن حزمة تجمع بين التأمين على الحياة والتأمين على محتويات المنزل، على سبيل المثال والتي من شأنها أن تلبي احتياجات المواطنين المصريين بشكل أفضل وتسمح للقطاع بالنمو محليا بطريقة تخدم السكان.
https://www.madamasr.com/en/2023/02/20/feature/economy/partially-privatizing-misr-insurance-misr-life-insurance-inviting-investors-into-a-sector-primed-for-growth/